الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثالث: مراكز هجن الثلج ومراكبه
وهي لا تعمر بالهجن إلا أوان نقل الثلج من دمشق إلى حضرة السلطان بقلعة الجبل، وذلك مما حدث في أثناء دولة سلطاننا - تغمده الله برحمته - واستمر. وقد كان قبل هذا لا يحمل إلا في البحر، خاصة من الثغور الشامية ببيروت وصيدا، ويفرض على البقاع وبعلبك إرفادهما في ذلك؛ وكان يسيرا فكثر، وقر منه على طرابلس مما استقر على (جبة بشري) والمنيطرة.
والمراكب تأتي دمياط في البحر، ثم يخرج الثلج في النيل إلى ساحل (بولاق) فينقل منه على البغال السلطانية ويحمل إلى (الشرابخاناه) الشريفة ويخزن في صهريج أعد له؛ وهو الآن يحمل في البر والبحر. ومدة ترتيب حمله من حزيران إلى آخر تشرين الثاني، وعدة نقلاته في البر إحدى وسبعون نقلة متقاربة مدة ما بينها، وقد صار يزيد على ذلك. ويجهز بكل نقلة بريدي يتدركه، ويجهز معه ثلاج خبير بحمله ومداراته، يحمل على فرس ببريد ثان. واستقر في وقت أن يحمل الملاح على خيل الولاية.
والمرصد في كل نقلة خمسة أحمال؛ والمستقر في كل مركز له ستة هجن: خمسة للحمل، وواحد للهجان.
ومراكز الهجن: من دمشق إلى الصنمين، ثم إلى طفس، ثم منها إلى أربد، ثم منها إلى بيسان، ثم منها إلى جنين، ثم منها إلى قاقون، ثم منها إلى لد، ثم منها إلى غزة، ثم منها إلى العريش (وهو آخر ما قررت إقامته على مملكة الشام، خلا جينين فإنه على صفد) ثم من
العريش إلى الورادة، ثم منها إلى المطيلب، ثم منها إلى قطيا، ثم منها إلى القصير، ثم منها إلى الصالحية، ثم منها إلى بلبيس، ثم منها إلى القلعة - حرست.
ومن الورادة إليها تركب الهجن من المناخات السلطانية والكلفة على مال مصر. فهذه جملة مراكز الهجن.
في المراكب التي تنقل الثلج: فأما عدد المراكب المسفرة به في البحر فكانت في أيام الظاهر بيبرس ثلاثة مراكب في السنة، لا تزيد على ذلك. ودامت على أيام سلطاننا في السلطنة الثالثة، وبقيت صدرا منها، ثم أخذت في التزايد إلى أن بلغت أحد عشر مركبا من مملكتي الشام وطرابلس، وربما أنافت على ذلك. ثم قلل منها استغناء. وآخر عهدي بها مكن السبعة إلى الثمانية تطلب من الشام ولا تكلف طرابلس إلا المساعدة، وكل ذلك بحسب اختلاف الأوقات وداعي الضرورات. وإذا سافرت سافر معها من يتداركها من ثلاجين لمداراتها. والواصلون بها على المراكب يعودون على البريد في البر.
ولا يصل الثلج متوفرا إلا إذا أخذ من الثلج المجلد، وأجيد كبسه، واحترز عليه من الهواء، فإنه أسرع إذابة له من الماء. ومنذ قرر ما يحمل منه على الظهر استقر منه خاص المشروب، لأنه يصل أنظف وآمن عاقبة؛ على أن كل المتسفرين
يأخذون الجاشني منه بحضور (أمير مجلس)(وشاد الشرابخاناه السلطانية) وخزانها. فأما المنقول في البحر فلسوى ذلك؛ وللمجهزين به من الخلع والإنعام رسوم مستقرة، وعوائد مستمرة. وقد نبه على ذلك كله لموضع الفائدة فيه. وبهذا تم ذكر المراكز بجميع الممالك الإسلامية مصر وشاما.