الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بنسيمه وإن كان لا يستروح إلا بما يهب من الغرب، مقدمة شكرا لما يبهر من عزماته التي أعزت الدين، وغزت الملحدين، وحلقت على من جاورها من الكفار تحليق صقور الرجال على مسفة الغربان، وتقيم عند الشجاع عذر الجبان، وتبين آثارها في أعناق الأعداء وللسيوف آثار بيان؛ وإن كان فعله أكثر مما طارت به الأخبار، وطافت به مخلقات البشائر في الأقطار، وسار به الحجيج تعرف آثاره عرفات، وصارت تستعلم أخباره وتندب قبل زمانه ما فات.
صاحب أفريقية
وهو ملك تونس لا يدعي إلا الخلافة، ويتلقب بألقاب الخلفاء، ويخاطب بأمير المؤمنين في بلاده، ويدعي النسب إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ومن أهل النسب من ينكر ذلك: فمنهم من يجعله من بني عدي بن كعب، رهط عمر وليس من بني عمر؛ ومنهم من يقول: بل من هنتانة، ليسوا من قبائل العرب في شيء، وهم الحفصيون نسبى إلى أبي حفص - أحد العشرة أصحاب ابن تومرت - وهم بقايا الموحدين؛ إذ كان من تقرير ابن تومرت أن الموحدين هم أصحابه، ولم يبق ملك الموحدين إلا في بني حفص هذا، وملكهم غربا من جزائر مزغنا إلى عقبة برقة الفارقة بين أطرابلس وبين برقة، وهي نهاية الحد الشرقي، ومن الشام البحر الرومي، ومن الجنوب آخر بلاد الجريد والأرض السواخة، إلى ما يقال إن فيه
موقع المدينة المسماة بمدينة النحاس وهو أجل ملوك الغرب مطلقا؛ إلا أنه قد ضعفت منته بقوة السلطان المريني المجاور، واختلاف رعيته عليه، واستطالة يد العرب في الحكم؛ واسمه في زماننا أبو بكر، وكنيته أبو يحيى، ولقبه المتوكل على الله.
ورسم المكاتبة إليه: بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد حمد الله (بخطبة مختصرة في مقتضى
الحال) ثم يقول: فهذه المفاوضة أو النجوى أو المذاكرة أو المطارحة (أو ما يجري مجرى ذلك) تهدي من طيب السلام (ومن هذا ومثله) إلى الحضرة الشريفة، العلية، السرية، العالمية، العادلية، الكاملية، الأوحدية، حضرة الإمارة العدوية، ومكان الإمامة القرشية، وبقية السلالة الطاهرة الزكية، حضرة أمير المسلمين، وزعين الموحدين، والقائم في مصالح الدنيا والدين، السلطان السيد الكبير، المجاهد، المؤيد، المرابط، المثاغر، المظفر، المنصور، الأوحد، المتوكل على ربه، والمجاهد في حبه، والمناضل عن الإسلام بذبه، أبي بكر. (ويدعى له بما يناسب مختصرا ثم يذكر ما يليق بكرم الجدود).
صدر آخر: صدرت إليه تهدي من طيب السلام ما ترق في جانبه الغربي أصائله، ويروق فيما ينصب لديه من أنهار النهار جداوله، ويحمله لكل غاد ورائح، ويجري به السفن كالمدن والركائب الطلائح، وتخص ذلك المقر منه بثناء يعز لأن ينيب لبعده الدار، ويستطللع ليل العراق به من فوق أفريقية النهار، وتحامي مصر به عن