الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شموسها المشرقة في كل صباح فرائد النجوم في خيوط شعاعها، لمحاسنها التي تتألف من نفر، وتقيم الحجة إذا قيل فيها {إن الله
يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر}.
صاحب الهند
وأما غير هؤلاء فهو صاحب الهند، واسمه أبو المجاهد محمد بن طغلقشاه؛ وهو أعظم ملوك الأرض شرقاً وغرباً، وجنوباً وشمالاً، وبراً وبحراً، وسهلاً وقفراً، وسمته في بلاده (الإسكندر الثاني). وبالله إنه يستحق أن يسمى بذلك ويوسم به: لاتساع بلاده، وكثرة أعداده، وعزر أمداده، وشرف منابت الأرض، ووفور معادنه، وما تنبته أرضه، ويخرجه بحره، ويجبى إليه، ويرد من التجار عليه. وأهل بلاده أمم لا تحصى، وطوائف لا تعد.
حدثنا عبد الله دفتر خوان والافتخار، وهما الرسولان الواصلان فيما تقدم منه، ما لو سكنت النفوس إلى براءتهما من التعصب فيه لحكى منه العجائب وحدث
عنه بالغرائب. وقد حدثنا قوم آخرون، وكلهم ثقات معتبرون منهم الفقيه سراج الدين الهندي مدرس البيدمرية بالقاهرة والتاج البزي والشيخ مبارك الأبتايتي بما ظهر من مجموع كلامهم، بأن عسكر هذا السلطان نحو التسعمائة ألف فارس، وعنده زهاء ألفي فيل يقاتل عليها، وخلق من العبيد مقاتلة تقاتل رجالة مع سعة الملك والحال، وكثر الدخل والمال، وشرف النفس والآباء، مع الاتضاع للعلماء والصلحاء، وكثرة الإنفاق، وعميم الإطلاق، ومعاملة الله تعالى بالصدقة، وإخراج الكفاف للمرتزقه، بمرتبات دائمة، وإدرارات متصلة؛ ولقد أرسل مالا برسم الحرمين وبيت المقدس، وهدية للسطان تزيد على ألف ألف دينار، فقطع عليها الطريق باليمن، وقتل محضرها بأيدي مماليكه، لأمر بيت بليل، ثم قتل قاتلوه، وأخذ أهل اليمن المال وأكلوه، وكتب عن سلطاننا إلى صاحب اليمن في هذا كتاب منه:(وقد عددت عليه فعلته) وقيل فيه: (وفعل ما لا يليق، وأمسى وهو يعد من الملوك فأصبح يعد من قطاع الطريق)، وجرى في هذه الكلمة نبأ ليس هذا موضعه.
عدنا إلى ذكر صاحب الهند فنقول إن رسم المكاتبة إليه رسم المكاتبة إلى القانات الكبار المقدم ذكرهم: في هيئة الكتاب، وما يكتب به، والطغرا والخطبة.
فأما ألقابه فهي: (المقام الأشرف، العالي، المولوي، السلطاني، الأعظمي، الشاهنشاهي، العالمي، العادلي، المجاهدي، المرابطي، المثاغري، المظفري، المؤيدي، المنصوري، إسكندر الزمان، سلطان الوقت والأوان، منبع الكرم والإحسان، المعفي على ملوك آل
ساسان، وبقايا أفراسياب وخاقان، ملك البسيطة،
سلطان الإسلام، غياث الأنام، أوحد الملوك والسلاطين)؛ ويدعى له. ولم نكتب إليه في ذلك الوقت لقبا ينسب إلى الخلافة نحو (خليل أمير المؤمنين) وما يجري هذا المجرى إذ كان قد بلغنا أنه يربأ بنفسه إلا أن يدعى بالخلافة، ويرى له فضل الإنافة.
دعاء وصدر: ولا زال سلطانه للأعداء مبيرا، وزمانه بما قضى به من خلود ملكه خبيرا، وشأنه وإن عظم يتدفق بحرا ويرسي ثبيرا، ومكانه - وإن جل أن يجلببه مسكي الليل - يملأ الأرجاء أرجا والوجود عبيرا، وإمكانه يستكين له الإسكندر خاضعا وإن حاز نعيما جما وملكا كبيرا، ولا برحت الملوك بولائه تتشرف، وآلائه تتعرف، وبما تطبع مهابته من البيض بيض الهند في المهج تتصرف.
المملوك يخدم بدعاء يحلق إلى أفقه، ويحل العلياء والمجرة في طرقه، ويهدي منه ما يعتدل به التاج فوق مفرقه، ويعتد له النجم وهو لا يثنيه إلا وسادة تحت مرفقه، ويسمو إلى مقام جلاله ولا يسأم من دعاء الخير، ولا يمل إذا مالت النجوم عن السير، ولا يزال يصف ملكه المحمدي بأكثر مما وصف به الملك السليماني وقد