الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تجده العفر، وأشرق بياضه في السواد مثل نور هدى في كفر؛ فعجل له باستقباله الحمام، وكان لطيوره التمام.
النوع السادس: طيور مختلفة
الحمام الهدي: وهو الرسائلي. وأجوده الخضر والغر؛ فإذا اسود الحمام حتى يدخل في الاحتراق صار مثل الزنجي الشديد البطش القليل المعرفة. والأبيض وما ضرب فيه البياض لا يجيء من الغاية لضعف قوته؛ وعلى قدر ما يعتريه من البياض يعتريه من الضعف.
ويختار منها كل قصير المنقار، طويل العنق، طويل القوادم من غير إفراط، ولحوق الخوافي بعضهن ببعض، وصلابة القصب من غير انتفاخ ولا يبس، وعظم الفخذين، وقصر الساقين، وغلظ الأصابع، وقصر الذنب، وتوقد الحدقتين، وصفاء اللون.
ويقال فيه: وهو حمام علم منه ما علمت الجوارح، وذلل منه ما ذللت من الخيول الجوامح؛ وأخذت بالتدريج، وانتخب منها كل زوج بهيج؛ ونزلت الأبراج لأنها أمثال النجوم، وحلقت حتى لا تزداد عليها بتحليق البرق الغيوم؛ وجعلت لاستطلاع الأخبار، وعرف بها من العلم ما لم تؤت مثله الأحبار.
في سائر الحمام مما هب وهدر: وشدت الحمائم على تلك الأفنان، وبكت
بكاء آدم وما
أخرجت من الجنان؛ قد نبهت بعد هدر كل نائم، وسلت بعد طول سبات كل هائم؛ تارة يغني وتارة تنوح، وتجمجم ويحق لها أن تبوح.
في القطاة: وكم من قطاة علق بها شرك تجاذبه بجناحها وتغالبه بجماحها؛ لا يرد كدر بها كدر الماء، ولا يبعد عليها ثنائي بهماء، ولا يخفى عليها طريق بر مقفر ولا ما به ماء.
في الحجل: وأخرج من الحجل كل متولجة، وأظهر كل متحرجة، وصاد منها كل مخبلة من شدة الخوف ومبنجة؛ وسبى منها كل ذات حلة دكنا موردة، وكل هيفاء غادة خصورها ممنطقة مشددة.
في الدراج: ومن الدراج كل ذات رداء موقوم، وجلباب كأنه أول شفق فيه لآخر رقوم، طابت طعاما، ولم يعدها الصائد إلا أنعاما.
في الغراب: وهو الذي ينعق بالخراب، ويؤذن بالاغتراب؛ وما زال ينمى له الحين، وينسب إلى الفراق ويقال: غراب البين.
في البط: وقد لبست أحسن الرياش، وأكثرت شق الأنهار فأضحى عليها منه مثل الرشاش؛ قد تتوجت بمثل أجنحة الطواويس، وصفقت بأجنحتها فأشبهت أصوات النواقيس؛ وعقفت أذنابها كأنها أطراف قسي البندق التي تصيبها، ولازمت زرقة الجو مما قل منه نصيبها؛ ورضيت بالعلقة من العلق حبا بالقناعة، ووقفت على فرد رجل زيادة في الطاعة.
في الديك: ووثب على أعلا الجدار، والفجر قد هم بالبدار؛ فصفق بالجناح، وشمر ذيله ليخوض غدير الصباح؛ هذا وقد استشاط والتهب، وصاغ له منقارا من ذهب؛ وجناحه قد حسن تكوينه، وحسب من نوار الربيع تلوينه؛ واختال لما صحت
نقوشه، واعتدل عليه شربوشه؛ وفضل بلا خلاف، وصفت عينه فلم تعد وصف السلاف.
في الدجاج: وقد أشرف من ذلك الدجاج، على مثل قوارير الزجاج؛ من كل مسمرة الدستبان، منها زهر الفول وسائرهن زهر البستان؛ مطعمات لهن بر ممنون، ومتشابهات كأنهن بيض مكنون؛ كأن في أعرافهن نارا تؤجج، وكأن كل دجاجة منهن بطل مدجج؛ يصلح بهن المزاج، ويكتفى في العلاج؛ أجل ما أكل الصحيح والسقيم، وراق الشرب منهن الديباج الرقيم.