الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معها سلوك الوحول، ولا يحصل منها إلا على حوالات المحال إذا حصلت هي على حقيقة الوصول؛ تتباعد منها خطى وهي مثل أختها، وتتدانى منها شبها وإنما فضلت عليها البخاتي باستحقاقها لا ببختها.
النوع الثاني: في جليل الوحوش، سباعه وغير سباعه
في الأسد: وإذا بغابة تزأر أسودها، وتجأر منها حمر المنايا وسودها؛ قد دميت براثنا، وعطفت مثل الأثافي محاجنها؛ وتلظت كبودها الحرار، وأمن معها الاغترار؛ قد دارت حماليق حدقها، وظهرت عليها أماير حنقها؛ ولوت أذنابها وأقعت، وأعجلت الواصف أن ينعت؛ كأنما سربلت بالدماء، واقتطعت ذلك الغاب دون أسد السماء؛ لا تتباطأ المنايا عن وثباتها السراع، ولا يبعد مدى الآجال وليس بينها وبينه إلا قدر ذراع؛ لو نزل به العوام لأنكر نسبه في بني الأسد، أو أبو القرى لرأى ادعاء أبوته رأيا فسد؛ قد وقفت تحامي عن تلك الفريسة، وتمنع كل ضرغام منها أن يدخل خيسه؛ فخاف كل واحد تلك الغابة ومن دونها الكئيب الفرد، وصار إذا ذكر له الورد عطس قبل أن يشمه منذ قيل: الأسد الورد.
في النمر: ووثب من تحت أكمة هناك نمر ما يدعى مثله لقاسط، ولا يتمطر مثله لقانط؛ قد سمر إهابه، ووقف وهو يوهم أنه يريد ذهابه؛ قد راب لونه المنمر، وعاب كل كلف برقة
الخصر لما رأى خصره المزنر، لا يرجى خير لديه، ولا يطمع خفيف الجري بالفرار من بين يديه؛ لو شاء أن يثب الجبل لوثب، أو يكسر الصخر الأصم وسمع حسا لقيل وجب؛ لا ينفع منه حذار، ولا يحول بينه وبين غنيمته من
الغنم علو جدار؛ يفزع الرجل الجليد من لونه الأرقط، ويطن أنه من دماء الكسائر ما تنقط.
في الذئب: وقد قيل إن بمنعرج اللوى ذئبا قد أخاف كل سائمة، وآلى إلى وكنها كل هائمة؛ وأخاف السرح فلم يمتد، وهاجم القطيع ولم يرتد؛ حتى فعل الفظيع، وقطع القطيع؛ وتوقدت حماليقه توقد السرج، وتموجت أعضاؤه تموج الخلج؛ وزان نحفه بوبره، وفتقت براثنه ما خاط بإبره، وطالما أبعد النجعة، وزار في الليل بعد هجعة؛ وفتن بخده الأسيل، وقعد على المائدة مع الإكليل؛ هذا وربما تجسس، وأبغض لأجله كل ديباج لكونه يسمى بأطلس.
في الفيل: ومن فيل كأنه ليل ضاحك عن نهار، وطور خرطومه منه شفير منهار؛ كأنه راقص جاء يرقص بكمه، أو داخل على ملك عاجل الأرض بلثمه؛ له ناب لا يبالي بما ناب، لمع منه برق في سحاب، وانقض في الليل منه شهاب؛ بناء مشيد، من حجر لا أو حديد؛ لا يطاوله بنيان، مشيد على أربعة أركان؛ يموج كأنه سكران، ويمور كأنه ثعبان؛ ويصول كأنه إنسان، ويهول كأنه جان؛ سائس مسوس، رئيس مرؤوس؛ مطيع مطاع، يطل بين عينيه شجاع، يخف إلى الحرب حاملا على صهوته بعض القلاع. .
في الكركدن: وأتى بكركدن لو نار شب في معقله لما نزح، ولو ثار له الكبش في الهيجاء لنطح؛ طالما رعى في بطن أمه، وجهد له الفيل ولم يقدر على سلمه؛ قد
عدم على كثرة ذوات الأوراق ما يباريه، وأقبل في بحر الآل كالمركب وقرنه ساريه؛ من شبهه قال هذا جبل غرس عليه وتد من الأوتاد، ومن نظره بين عينيه قال عمود سرب نسوة عند مقتاد.
في الزرافة: قال الجاحظ: زعموا أن الزرافة خلق تولد بين الناقة من نوق الحبوش أي نوق الحبشة وبين البقرة الوحشية وبين الذيخ - وهو ذكر الضباع - قالوا: إن الذيخ يعرض للناقة من الحبوش فيسفدها فتلقح بولد يجيء خلقه بين الناقة والضبع، فإن كان الولد أنثى يعرض لها الثور الوحشي فيضربها فيصير الولد زرافة، وإن كان ذكرا تعرض للمهاة فألقحها فتلد زرافة أيضا. قال: ومنهم من زعم أنه لا تلقح الزرافة الأنثى من الزرافة الذكر، وإنما هو مركب. قال: وقالوا إن هذا مشهور باليمن والحبشة؛ وأسنان الذكور أكثر
من أسنان الإناث؛ وإذا كانت أسنانها سودا دلت على هرمها، وإذا كانت بيضاء دلت على الفتاء. ومن أمراضها: الكلب؛ وهو كالجنون يعتريها كما يعتري الكلب فيقتلها - وكل من عضته وهي على هذه الحالة قتلته إلا ابن آدم فإنه ربما عولج فسلم؛ ومن أمراضها أيضا: الذبحة والنقرس.
- ويقال في وصفها:
كأنها كأس خمر جال عليه حبب، أو فضة نقط بها ذهب؛ قد ارتفع هاديها على ذنبها، وعلا رأسها على رقبتها حتى كاد يبلغ السماء بسببها؛ ليست للمها ولا للبقر، وإن لم تكن مما يجل فإنها ليست مما يحتقر.
في الحمارة العتابية: وقد تساوى فيها الليل والنهار، واعتدل البياض
والسواد بمقدار؛ واستقامت خطوطها، وتدفقت فيها أنهار قدرها شطوطها؛ فتشمخت إعجابا، وجمعت شيبا وشبابا؛ وراقت حلتها المسهمة، وتخاطيطها المقسمة؛ وغدت روضة تفتح نوارها، وليلة يتخلل بين الظلماء أنوارها؛ قد فضض سبجها، وكثرت في أثناء لياليها الجون فرجها؛ وغدت وكأن النهار قد قد إهابها، وكأن البرق قد شقق سحابها؛ هذا على أنها لم تعد أمثالها في صورتها، ولا تخالفت أغصان الخطوط في شجرتها؛ حتى تلاقت عند طرف آذانها، وكفت شجراء الشجر بصحة تقسيم أغصانها.
في الحمار الوحشي: وعن حمار حمار وحشي قد شمر فضل إهابه ليذهب، وجرى في مدى شوطه حتى كاد يتلهب؛ قد أسبل ذنبا كأنه من حرير ملون، وداس بحافر كأنه من قعب مكون وسن ضرسا طبع على خصي الذكور غيرة على الأتن، وقلب عينيه لفهم ما تؤدي إليه خبرة الأذن؛ فقتل بالسهم الصائل منه جد غيور، وردي منه قتيل طالما رد الإناث وأردي بالذكور.
في البقر الوحشي: وجرت على يمناه بقرة وحشية قد اشتبكت أغصان قرونها، وأطلق أسهمها على كرائم النساء لحسن عيونها؛ فقصدها برمحه، وعدها من ربحه؛ هذا وقد كثر في السرب أمثالها إلا أنها كانت أقرب إليه، والمقصودة منه على كثرة البقر الذي تشابه عليه.
في المها: وصادف في ذلك المهمه مها لا تردي الفوارس إلا بعيونها، ولا
تحب أبكار
النساء إلا لشبه عونها؛ قد لبست من الديباج حللا، واكتست بالوبر فلم تبق خللا؛ فلو فطنت لها الغواني لما خرجت لبيوتها من كسر ولا فتنت بعيونها بين الرصافة والجسر.
في الغزال: وسنح غزال سبى بحسن خفره، وسمح بإعطاء الرياح بعض خبره؛ قد تلفت بجيده، وانفتل يهزأ بالكلب في وصيده؛ لو عن للعشاق لهاموا، ولعذلوا لصائده ولاموا؛ ولما نصبوا بيوت أشعارهم لغيره على طريق، ولا قال قائل منهم: أنت منهم لليلى ما حييت طليق؛ ووراءه أم طلى لم تخف إلا على طلاها، ولم تحل إلا أن مسكا غلف روقها وأن كافورا طلاها؛ لم يفت العامرية معناها، على أنه لم يشبهها منها إلا جيدها وعناها.
في الأرنب: ولم يكسو مثل وبرها، ولا سمع مثل خبرها؛ تحلت بصفات الذكور والإناث، وكادت لخفة جريها تكون ذات أجنحة مثنى وثلاث؛ لا يظن كل ذي وثب من الظباء معها إلا أنه يحجل، ولا يطمع في اللحاق بها أيد سراع وأرجل؛ ولا تدرك إلا إذا تحدرت من صبب، أو كانت في مجال الخيل فيه ركض وخبب؛ فأما إذا تعلقت بالجبال، أو تردت في مقتبل الخريف برد الظلال، فطائر لا يمسك، وأمل لا يدرك، ولا تصبر النفس عليه فيترك.
في الثعلب: ومر ثعلب ظنه الكلب من أبناء جنسه، خرج بعد تحصنه بالوجار