الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ملك الكرج
وبلاد الكرج أمها مدينة تفليس، وموقع هذه البلاد بين بلاد الروم المذكورة أولا وبين بلاد أرمينية؛ وهي بلاد جليلة ومملكة مفخمة، وكأنها مقتطعة من البلادين، ولها ملك قائم، وبها ملك دائم، وسلطان بيت هولاكو بمملكة إيران يحكم عليها، ويرالغه تصل إليها، إلا أنه لا يطغى بها سيله، ولا تجوس خلال ديارها للحرب المضرمة خيله، وإنما له بها تومان اتخذها سدادا لثغرها، وقياما بأمرها؛ منزلهم فسيح بواديها؛ أهل حل وترحال، وتنقل من حال إلى حال. وآخر من كان له منهم في هذه البلاد سمعه، وأقيلت به للمهابة صرعه، الشيخ محمود بن جوبان، وكان باسلا لا يطاق، ورجلا مر المذاق؛ ولما جرت الكائنة لأبيه، لاذ بالسلطان (أزبك قان)؛ ثم لم تطل له مده، ولا انفرجت له حلق شده، وأتاه أجله وما استطاع رده.
وأما عسكر الكرج فهم صليبة دين الصليب، وأهل البأس والنجدة منهم. (ويقال في المسلمين الكرد وفي النصارى الكرج) وهم للعساكر الهولاكوهية عتاد وذخر، ولهم بهم وثوق وعليهم اعتماد، ولا سيما لأولاد جوبان وبنيه، وبقايا مخلفيه، لسالف إحسان جوبان إليهم، ويد مشكورة كانت له عندهم، وكان صديق ملكهم (برطلما) يغرس عنده الصنائع، ويسترعيه الودائع، فكان أخص خصص به، وأصدق صديق له، يدعوه للمهم، ويستصرخ به في الملم، ويعده رداءا لعسكره، ومزيلا لمنكره، وبرطلما عهدي به حي يرزق من أجل ملوك النصرانية، وأعرق انساب
بني المعمودية، وقد كان كاتب الأبواب الشريفة السلطانية بسبب كنيسة المصلبة، وأن ترفع عنها الأيدي المتغلبة، فبرزت الأوامر المطاعة بإعادتها عليهم وقد كانت أخذت منهم؛ وهي بظاهر القدس الشريف واتخذت مسجدا، وعز هذا على طوائف العلماء والصلحاء. وإن لم يعمل سدى. قيل: إن كان يحسن لجوبان قصد البلاد،
ويبذل له عليه الطارف والتلاد.
ورسم المكاتبة إليه: (أدام الله بهجة الحضرة العلية، حضرة الملك الجليل الهمام، الباسل، الضرغام، السميدع، الكرار، الغضنفر، المتخت، المتوج، العالم في ملته، العادل في رعيته، بقية الملوك الأغريقية، سلطان الكرج، ذخر ملك البحار والخلج، حامي حمى الفرسان، وارث آبائه في الأسرة والتيجان، سياج بلاد الروم وإيران، سليل اليونان، خلاصة ملوك السريان، بقية أبناء الملوك والتيجان معز النصرانية، مؤيد العيسوية، مشيح الأبطال المسيحية، معظم بيت المقدس بعقد النية، عماد بني المعمودية، ظهير الباب بابا رومية، مواد المسلمين، خالصة الأصدقاء المقربين، صديق الملوك والسلاطين. وقد يقال: (مصافي المسلمين، موافي الملوك والسلاطين).
دعاء يليق به: (وحمى ملكه بوده لا بجنده، وبوفائه بعهده لا بجيشه ومد بنده، وبما عندنا من سجايا الإحسان لا بما يظن أنه من عنده، وبما في رأينا الموري لا بما يقدح النار من زنده).