الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدّمة
بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا؛ أحمده تعالى حق حمده، وأستعينه وأستهدي به وأستغفره وأتوب إليه. وأصلي وأسلم على خاتم أنبيائه ورسله، وخيرته من خلقه، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، ومن دعا بدعوته، واهتدى بهديه، ونهض إلى تحكيم شريعته .. إلى يوم الدين.
وبعد:
فإن هذه الأبواب والفصول التي حملت هذا العنوان (مدخل إلى تفسير القرآن وعلومه) تأتي تلبية لحاجة طلبة الجامعة الذين يتأهبون لدراسة تفسير القرآن، والدخول إلى رحابه وآفاقه، ورحاب سائر أنواع علوم القرآن وتلبيته كذلك لحاجة ز ملائهم الذين لا بد أن يشدو طرفا من العلم بكتاب ربهم قبل أن ينصرفوا إلى التخصص الجامعي في حقل من حقول الدراسات الإنسانية والاجماعية. ويلحق بهؤلاء الطلبة وينضاف إليهم سائر الدارسين والباحثين الذين لا غنى لهم عن الإلمام بشيء من تاريخ القرآن الكريم، والوقوف على طرف من آفاقه ومعانيه وأسرار إعجازه!
ولهذا، فقد دارت- هذه الفصول والأبواب- حول محورين: الأول:
تاريخ القرآن الكريم، أو ما أسميناه- هنا وفي كتب لنا سابقة- قطعية النص القرآني وتاريخ توثيقه؛ تأكيدا على هذه التسمية، وترجيحا على سابقتها الذي ما يزال في النفس منها شيء! نظرا لكونها تسمية مطلقة- أو مفتوحة! - هكذا:
تاريخ القرآن! فهذا الإطلاق موهم أو ليس بدقيق على أقل تقدير.
والمحور الثاني: إعجاز القرآن ومعالم التفسير المعاصر؛ بوصف هذه المعالم هي التي سيتم معها التعامل، أو هي المطلوبة في هذه المرحلة من مراحل الدراسة، من جهة، ومراحل تفسير القرآن وفهمه و «العقل» عنه، من جهة أخرى.
وجاء الحديث في هذين المحورين تقديرا منّا بأن (المدخل) يؤدي مهمته وينهض بأداء وظيفته حين يشتمل على (تاريخ) العلم- أي علم- وحين يتضمن في الوقت نفسه مقدمات تعين الدارس على فهم هذا العلم، أو التعامل معه على نحو أفضل. وأرجو أن يكون المحوران السابقان قد أدّيا هذه المهمة؛ بحيث يتمكن دارس هذا الكتاب من التعامل مع كتب التفسير وعلوم القرآن على النحو المذكور، وبحيث يهيئ له عند تلاوته للقرآن الكريم، والتأمل في آياته، الفرصة لفهم بعض جوانبه، وتذوق بعض نقاط إعجازه وبلاغته التي تبهر العقول، وتأخذ بالألباب.
هذا، وقد أضفت إلى هذين المحورين حديثا موجزا- لا بد منه- عن القرآن الكريم واللغة العربية، أشرت فيه إلى طرف من خصائص اللسان العربي، والسبب الذي من أجله نزل القرآن في العرب وبلغتهم، وبعث النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه من بين ظهرانيهم. بالإضافة إلى الحديث عن أثر القرآن- في المقابل- في اللغة العربية، وما منحها من السمو والتشريف، وكتب لها من الثبات والخلود. وغني عن البيان أن تفسير القرآن الكريم وفهم إعجازه مؤسس على هذه اللغة الإنسانية ومنطلق منها.
وأشير أخيرا إلى أن فصول هذا الكتاب- وقد نشر معظمها في وقت سابق- لم تخل من إضافة- حسنة إن شاء الله- أو من تجديد وإعادة صياغة مرة أخرى.
وآمل أن أتابع، بعون الله تعالى وتوفيقه، كتابة جزء أو مؤلّف آخر يتضمن سائر علوم القرآن، وبشيء من التوسع والتعمق إن شاء الله تعالى.
أدعو الله تعالى أن ينفع بهذا العمل، وأن يكتب له القبول، وأن يمنّ عليّ بالمثوبة العفو والعافية، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (10).
الدّكتور عدنان محمّد زرزور أستاذ ورئيس قسم التفسير والحديث بجامعة قطر
الجمعة: 25 من المحرم الحرام 1416 23 حزيران «يونيو» 1995