المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رابعا- بين الفاصلة والسجع والشعر: - مدخل إلى تفسير القرآن وعلومه

[عدنان زرزور]

فهرس الكتاب

- ‌المقدّمة

- ‌الباب الأوّل القرآن الكريم واللغة العربية

- ‌الفصل الأول لغة القرآن الكريم

- ‌أولا- اللسان العربي:

- ‌ثانيا- العرب والقرآن:

- ‌الفصل الثاني أثر القرآن الكريم في اللغة العربية

- ‌أولا- أثره من الوجهة التاريخية:

- ‌(أ) القوة الدافعة:

- ‌ حول تخلف حركة التعريب عن انتشار الإسلام:

- ‌(ب) القوة الواقية:

- ‌ثانيا- الأثر الموضوعي للقرآن في اللغة العربية:

- ‌الفصل الثالث أثر القرآن الكريم في الحضارة والثقافة الإسلامية

- ‌الباب الثاني قطعية النص القرآني وتاريخ توثيقه

- ‌الفصل الأول القرآن الكريم والكتب السماوية السابقة

- ‌أولا- تعريف القرآن والفرق بينه وبين الحديث:

- ‌ثانيا- مقارنة سريعة مع هذه الكتب السماوية:

- ‌العهد القديم: تعريف وملاحظات:

- ‌العهد الجديد: تعريف وملاحظات:

- ‌ثالثا- النتائج والملاحظات:

- ‌رابعا- أسماء أخرى للقرآن، ولون آخر من ألوان الحفظ:

- ‌الفصل الثاني الوحي أو مصدر القرآن الكريم

- ‌أولا- ظاهرة الوحي:

- ‌(أ) مقدمة عن عالم الغيب:

- ‌(ب) معنى الوحي وصوره:

- ‌ثانيا- مع المتخرصين في تفسير ظاهرة الوحي:

- ‌ثالثا- صدق ظاهرة الوحي:

- ‌الجانب الأول- رحابة الموضوعات القرآنية:

- ‌الجانب الثاني- أحوال النبيّ مع هذه الظاهرة:

- ‌الفصل الثالث نزول القرآن والحكمة من تنجيمه

- ‌أولا- الوحي والتنزيل:

- ‌ثانيا- مدة نزول القرآن وأول ما نزل منه وآخر ما نزل:

- ‌ثالثا- الحكمة من تنجيم القرآن:

- ‌رابعا- إضافة وتعليق:

- ‌(أ) توثيق وقائع السيرة النبوية والدلالة على أن محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيّين:

- ‌(ب) تصويب حركة التطبيق والتنفيذ:

- ‌(ج) وأخيرا:

- ‌الفصل الرّابع جمع القرآن وتدوينه

- ‌أولا- حفظ القرآن وكتابته في عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم:

- ‌(أ) الحفظ والجمع في الصدور:

- ‌(ب) الكتابة والتدوين:

- ‌ثانيا- جمع القرآن على عهد أبي بكر الصدّيق- رضي الله عنه

- ‌ثالثا- نسخ المصاحف على عهد عثمان- رضي الله عنه

- ‌رابعا- قاعدة عثمان في الجمع ومزايا المصاحف العثمانية:

- ‌خامسا- حرق الصحف والمصاحف الأخرى: (شبهات وردّ):

- ‌سادسا- رسم المصحف أو الرسم العثماني:

- ‌الفصل الخامس الآيات والسور وترتيبهما

- ‌أولا- تعريف الآية والسورة:

- ‌ثانيا- عدد السور وأسماؤها واختلاف مقاديرها:

- ‌ثالث‌‌ا- ترتيب الآياتوالسور:

- ‌ا- ترتيب الآيات

- ‌(ب) ترتيب السور:

- ‌رابعا- حكم مخالفة ترتيب المصحف:

- ‌الباب الثالث إعجاز القرآن

- ‌الفصل الأول الإعجاز: وقوعه ومعناه

- ‌أولا- مدخل وتمهيد:

- ‌ثانيا- الإعجاز حقيقة تاريخية:

- ‌ثالثا- معنى الإعجاز، أو الإعجاز الذي وقع به التحدّي:

- ‌الفصل الثاني آراء ونظريات حول الإعجاز

- ‌أولا- فكرة الصرفة:

- ‌ثانيا- النظم القرآني:

- ‌(أ) الإمام عبد القاهر الجرجاني وفكرة النظم القرآني:

- ‌(ب) تعريف النظم القرآني:

- ‌ثالثا- التصوير الفني:

- ‌1 - التخييل الحسّي والتجسيم:

- ‌2 - التناسق الفني:

- ‌رابعا- النظم الموسيقى:

- ‌خامسا- تعقيب عام: البيان .. والإنسان:

- ‌الفصل الثالث الفاصلة القرآنية

- ‌أولا- تعريف الفاصلة:

- ‌ثانيا- دورها وموقعها:

- ‌(أ) اختلاف الفواصل في آيات متماثلة:

- ‌(ب) التصدير والتوشيح:

- ‌ثالثا- لمحة عن أنواع الفاصلة:

- ‌رابعا- بين الفاصلة والسجع والشعر:

- ‌الباب الرّابع لمحة عن نشأة التفسير وتطوّره

- ‌الفصل الأول حول نشأة التفسير

- ‌أولا- بين التفسير والتأويل:

- ‌ثانيا- مصادر التفسير ومراحله:

- ‌الفصل الثاني معالم التفسير البياني

- ‌الفصل الثالث التفسير «العلمي» لآيات الكون والطبيعة

- ‌أولا- معنى التفسير العلمي وأسباب ظهوره:

- ‌ثانيا- بين التفسير العلمي والمنهج العلمي:

- ‌ثالثا- خطوات المنهج العلمي في القرآن:

- ‌رابعا- شروط التفسير العلمي:

- ‌الفصل الرّابع تعريف بظلال القرآن

- ‌أولا- الصحابة وتفسير القرآن:

- ‌ثانيا- المفسّرون والغرض الأساس للقرآن الكريم:

- ‌ثالثا- الظلال وشروط التفسير المعاصر:

- ‌(أ) من أخطاء التعامل مع الظلال:

- ‌(ب) الظلال يتجاوز عصر الخلاف الجدلي أو الكلامي:

- ‌(ج) الظلال والوحدة الموضوعية للسورة القرآنية:

- ‌(د) طريقته في التأليف:

- ‌(هـ) تفسير وتفسير

- ‌الفصل الخامس من ألوان التفسير المعاصر

- ‌سورة «الفجر»

- ‌سورة «العاديات»

- ‌أولا- المعنى الإجمالي للسورة:

- ‌ثانيا- أقسام السورة وموضوعها الرئيسي:

- ‌ثالثا- خصائص النص الفكرية:

- ‌رابعا- فن العرض أو الطريقة الأدبية:

- ‌خامسا- صياغة الآيات، أو التراكيب والجمل

- ‌سادسا- الموسيقى في السورة:

- ‌ والخلاصة:

- ‌الفهرس

الفصل: ‌رابعا- بين الفاصلة والسجع والشعر:

الفواصل المتفقة في الحرف الأخير، وتسمى: متماثلة. والقسم الثاني: ما عداها وتدعى متقاربة، وهي التي تقاربت حروفه في المقاطع ولم تتماثل. ولا تخرج الفواصل عن هذين النوعين.

هذا، وقد تتفق الفاصلتان لا في الحرف الأخير فحسب، ولكن في حرف قبله أو أكثر .. حيث يبلغ النظم الموسيقى وسائر ضروب الإيقاع قمة السلاسة واللين والجمال؛ على عكس ما تراه في السجع المتكلّف عند الأدباء والكتّاب.

مثال التزام حرف- أي قبل الحرف الأخير- قوله تعالى: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ (4)[سورة الشرح، الآيات 1 - 4].

وقوله تعالى: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (10)[سورة الضحى، الآيتان 9 - 10].

ومثال ما اتفقا في حرفين قوله تعالى: وَقِيلَ مَنْ راقٍ (27) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ (28)[سورة القيامة، الآيتان 27 - 28].

وقوله تعالى: وَالطُّورِ (1) وَكِتابٍ مَسْطُورٍ (2)[سورة الطور، الآيتان 1 - 2].

وفيها أيضا: إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ (7) ما لَهُ مِنْ دافِعٍ (8)[سورة الطور، الآيتان 7 - 8].

ومثال التزام ثلاثة أحرف: قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ (201) وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ (202)[سورة الأعراف، الآيات 201 - 202].

‌رابعا- بين الفاصلة والسجع والشعر:

يظهر من هذا أن الفواصل تفترق عن الأسجاع عند ما تكون هذه الفواصل متقاربة أو متماثلة. أما الفواصل المتماثلة فكلها مسجوعة بالطبع، ولهذا قال ابن

ص: 204

سنان في تعريف الأسجاع إنها «حروف متماثلة في مقاطع الفواصل» قال: «وأظن أن الذي دعاهم إلى تسمية كل ما في القرآن فواصل، ولم يسمّوا ما تماثلت حروفه سجعا: رغبتهم في تنزيه القرآن عن الوصف اللاحق بغيره من الكلام المرويّ عن الكهنة وغيرهم!» .

ونحن لا نرى مانعا من تسمية ما تماثلت حروفه سجعا على كل حال.

وإذا كانت الفاصلة في الآية كالقافية في الشعر، فقد رأينا كذلك بعض ما تختلف فيه الفاصلة عن القافية؛ حينما تتقارب الفواصل ولا تتماثل. ولكن القوافي في واقع الأمر فواصل لأنها تفصل آخر الكلام، وخصت فواصل الشعر باسم القوافي لأن الشاعر يقفوها، أي يتّبعها في شعره لا يخرج عنها. قال الزركشي:

«ويمتنع استعمال القافية في كلام الله تعالى لأن الشرع لما سلب عنه اسم الشعر وجب سلب القافية عنه لأنها منه، وخاصة به في الاصطلاح. وكما يمتنع استعمال القافية في القرآن؛ لا تطلق الفاصلة في الشعر لأنها صفة لكتاب الله لا تتعداه» (1).

والأمر البلاغي، أو النقدي، الذي تفترق فيه الفاصلة القرآنية من القافية الشعرية أن من المعيب في الشعر أن تتكرر القافية قبل سبعة أبيات، وليس ذلك بعيب في الفاصلة؛ اقرأ إن شئت قوله تعالى في آخر سورة مريم: وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا (89) تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً (91) وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً (93) لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً (95)[سورة مريم، الآيات 88 - 95] وانظر الآيات الثلاث المتبقية من السورة الكريمة.

ولكن يجب البحث عن سرّ هذا التكرار في سياق الآيات ذاتها التي تكررت

(1) البرهان 1/ 58.

ص: 205

فيها هذه الفاصلة

وقد حاولنا ذلك في بعض المواطن القرآنية

والذي يمكن قوله في الشاهد السابق- على سبيل المثال- أن هذا التكرار جاء في معرض الرد على هذه الدعوى الكاذبة، فناسبها أن تردّ هي عينها

وبحروفها، دون أدنى زيادة أو نقصان، إلى جانب ما تحمله من دلالة أخرى واضحة كذلك، وهي التي مهّد لها بقوله:«وما ينبغي» وهي أن مقام الألوهية أعلى من أن ينفعل لمثل هذه الفرية الكاذبة، وهذا التطاول الأرعن

فلم تزد الآية الكريمة على أن ردّت عليهم قولهم- كما هو- بقوله تعالى: وَما يَنْبَغِي

وهذا هو طابع الكبرياء والعظمة الذي يطالعه القارئ لكتاب الله، يتراءى له أو يقف عليه في هذا السياق القرآني، جليا دقيقا، من خلال هذا التكرار للفاصلة القرآنية!

وأخيرا: تحسن الإشارة هنا إلى مجيء بعض الفواصل المفردة، وبخاصة في نهاية بعض السور القرآنية، وإن كانت قد وردت كذلك في ثنايا بعض السور- وكل هذا مما يجعلها مغايرة للسجع والشعر-.

وحينما تنتهي السورة بفاصلة منفردة تكون لها كالمقطع- أو اللحن- الأخير. ويمكن لنا هنا أن نتذكر ما قدمناه، في الطرف المقابل، من الدلالة الفنية- أو الموسيقية- والدور الاستهلالي لفواتح السور. قال تعالى في ختام سورة الضحى: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)[سورة الضحى، الآيات 9 - 11].

وقال تعالى في ختام سورة العلق: كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ (15) ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ (18) كَلَّا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)[سورة العلق، الآيات 15 - 19].

ولهذه الفواصل كذلك دلالات أخرى لا مجال للإفاضة فيها، ولمن شاء أن يطلبها في سياق الآيات كما هو معلوم. ونقول مثل ذلك في الفواصل المفردة التي توسطت بعض السور- راجع سورة عبس، وسورتي البلد والانشقاق- والتي تشير

ص: 206

في بعض الأحيان إلى الموضوع الرئيس الذي تدور حوله السورة، أو إلى أمر بارز يجدر بالقارئ ألا يدغمه في سائر ألحان النص الأخرى المتقاربة أو المتماثلة- وهذا الأمر كما لاحظنا يحمل طابع التفرد على وجه العموم بغض النظر عن مكان ورود هذه الفاصلة- وغالبا ما يكون «فاصلا» بين نوعين من أنواع فواصل النص وألحانه

غير مقطوع الصلة باللحن الأول .. وممهدا في الوقت ذاته للحن الثاني الذي يليه

والله تعالى أعلم.

ص: 207