الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإذا نارهم التي أوقدوها قد أصبحت رمادا، لم يبق منها إلّا ما اصطبغت به وجوههم وجلودهم، من سواد دخانها، وذرور شررها.
قوله تعالى: «وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً» العطف هنا هو على قوله تعالى: «وَلُعِنُوا بِما قالُوا..» وعلى هذا يكون قوله تعالى «وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً» حكم من أحكام الله عليهم، وأنه بعض معطيات اللعنة التي صبّها الله عليهم.. فهم أبدا مأخوذون بهذا الحكم، لا يتحولون عنه أبدا.. أي أن سعيهم فى الأرض فسادا هو طبيعة فيهم، لا يتحولون عنها أبدا.
قوله تعالى: «وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ» هو حكم على اليهود، يتناولهم هم أولا، ثم يمتدّ إلى كل مفسد غيرهم ثانيا، فقد وصفهم الله سبحانه قبل ذلك بأنهم يسعون فى الأرض فسادا.. أي أنهم مفسدون، ثم حكم سبحانه بأنه لا يحبّ المفسدين.. أي لا يحبّ هؤلاء الذين وصفوا بالفساد، ولم يذكرهم الله تعالى بقوله والله «لا يحبهم» ليقيم الوصف الملازم لهم- وهو الفساد- مقامهم، فهم والفساد كائن واحد.
الآية: (65- 66)[سورة المائدة (5) : الآيات 65 الى 66]
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ (66)
التفسير: العقوبات التي أخذ الله سبحانه وتعالى بها بنى إسرائيل لم تكن
إلا جزاء لما كسبت أيديهم من سوء، وما اكتسبت ألسنتهم من إثم.. وإلا فهم خلق من خلق الله، وعباد من عبيده، لم يخصّهم بهذه اللعنات التي مسخت وجودهم وغيّرت خلقهم، إلّا لما كان منهم من محادّة الله ورسله، ومكر بآياته وكتبه.
ولو أنهم آمنوا كما آمن المؤمنون، واتقوا الله كما اتقى المتقون، لكفّر الله عنهم سيئاتهم، ولمسّهم برحمته، وأفاض عليهم من رضوانه، ولسلك بهم مسالك الحق والهدى.. ثم كان جزاؤهم فى الآخرة أن ينعموا بجناته التي أعدّها للمؤمنين المتقين من عباده.
فهذا مشهد يراه «اليهود» وكان من حقهم- لو عملوا له- أن ينالوه ويسعدوا به.. ولكنهم- وقد نكصوا على أعقابهم- لن ينالوه أبدا، ولن يأخذوا نصيبهم منه أبدا.
وقوله تعالى: «وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ» - هو إشارة إلى ما بين أيديهم من خير ضيّعوه، وما معهم من نور أطفئوه! فهذه التوراة.. يقول الله فيها.. «إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ» (44: المائدة) وهذا الإنجيل.. يقول الله فيه.. «وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ» (46: المائدة) .
وهذا القرآن.. يقول الله فيه.. «ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ» (2: البقرة) .
هذه الكتب المنزلة من عند الله، تحمل الهدى والنور.. هى بين يدى