الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيهم، وأنه لم يصلب ولم يقتل، ولم يقم من بين الموتى.. وأنه ليس إلها ولا ابن إله..
أما تصحيح هذا الإيمان، فإنه يكون فى سكرة الموت، حيث تشهد الروح قبل أن تفارق البدن شعاع الحق يكشف لها كل ما كانت عليه من ضلال..
وفى لمحة خاطفة، أشبه بلمحة البرق ترى الروح كلّ شىء، وتعلم كل شىء..!
ومن بين ما تعلمه فساد معتقدها أو سلامته، وسوء مصيرها أو حسنه! وهذا الذي تشهده الروح فى هذه اللمحة من معالم الحق لا يغيّر من وضعها الذي كانت عليه.. فهذا إيمان كإيمان فرعون حين أدركه الغرق، «حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ» (90: يونس) وقد ردّ الله إيمانه ولم يقبله بقوله تعالى: «آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ» (91: يونس) .
الآيتان: (160- 161)[سورة النساء (4) : الآيات 160 الى 161]
فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً (160) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً (161)
التفسير: من العقوبات التي عجّلها الله سبحانه وتعالى لليهود فى هذه الدنيا، أن حرّم عليهم طيبات كانت أحلت لهم، فلما مكروا بآيات الله أخذهم الله بذنوبهم، فأعنتهم وأوقعهم فى الحرج، كما أعنتوا هم رسله وأخرجوهم..
فمن طيبات الطعام التي حرمها الله على اليهود، ما جاء فى قوله تعالى:
«وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ» (146: الأنعام) وقوله تعالى: «فَبِظُلْمٍ» أي بسبب ما كان من الذي هادوا من ظلم..
وقوله تعالى: «وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً» هو سبب آخر لتلك العقوبة التي أخذوا بها، وهى أنهم صدّوا عن سبيل الله وأعرضوا عنها، كما صدّوا غيرهم عن سبيل الله، وأضلوهم عنه.
وقوله تعالى: «وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ» هو بيان لبعض مآثم هؤلاء القوم، التي كانت سببا فى أن سلط الله عليه لعنته وأخذهم بهذا العقاب الأليم..
فقد استحلّوا الرّبا، وقد نهاهم الله عنه.. وقد بلغ من جرأتهم على الله أن حرّفوا التوراة، وأقاموا نصوصها على الوجه الذي يرضون.. فجعلوا الربا محرما إذا كان بين يهودى ويهودى، ومباحا حلالا إذا كان بين يهودى وأممىّ، أي غير يهودى.. وفى هذا تقول التوراة، كما أرادوا لها أن تقول:«لا تقرض أخاك بربا فضة، أو ربا طعام، أو ربا شىء مما يقرض بربا.. للأجنبى تقرض بربا، ولكن لأخيك لا تقرض بربا!!» (تثنية 33: 19) .. أفهذا شرع الله بين عباده؟ تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.
وفى قوله تعالى: «وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا» ما يجعلنا نأنس إلى الرأى الذي رأيناه فى تفسير قوله تعالى: «الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ