المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الآيات: (127- 130) [سورة النساء (4) : الآيات 127 الى 130] - التفسير القرآني للقرآن - جـ ٣

[عبد الكريم يونس الخطيب]

فهرس الكتاب

- ‌الآية: (24) [سورة النساء (4) : آية 24]

- ‌زواج المتعة.. والرأى فيه

- ‌الآية: (25) [سورة النساء (4) : آية 25]

- ‌الآيات: (26- 28) [سورة النساء (4) : الآيات 26 الى 28]

- ‌الآيتان: (29- 30) [سورة النساء (4) : الآيات 29 الى 30]

- ‌الآية: (31) [سورة النساء (4) : آية 31]

- ‌الآية: (32) [سورة النساء (4) : آية 32]

- ‌الآية: (33) [سورة النساء (4) : آية 33]

- ‌الآيتان: (34- 35) [سورة النساء (4) : الآيات 34 الى 35]

- ‌الآيات: (36- 39) [سورة النساء (4) : الآيات 36 الى 39]

- ‌الآيات: (40- 42) [سورة النساء (4) : الآيات 40 الى 42]

- ‌الآية: (43) [سورة النساء (4) : آية 43]

- ‌الآيات: (44- 46) [سورة النساء (4) : الآيات 44 الى 46]

- ‌الآيتان: (47- 48) [سورة النساء (4) : الآيات 47 الى 48]

- ‌الآيتان: (49- 50) [سورة النساء (4) : الآيات 49 الى 50]

- ‌الآيات: (51- 52- 53- 54- 55- 56- 57) [سورة النساء (4) : الآيات 51 الى 57]

- ‌الآيتان: (58- 59) [سورة النساء (4) : الآيات 58 الى 59]

- ‌الآيات: (60- 61- 62- 63) [سورة النساء (4) : الآيات 60 الى 63]

- ‌الآيتان: (64- 65) [سورة النساء (4) : الآيات 64 الى 65]

- ‌الآيات: (66- 67- 68) [سورة النساء (4) : الآيات 66 الى 68]

- ‌الآيتان: (69- 70) [سورة النساء (4) : الآيات 69 الى 70]

- ‌الآية: (71- 72- 73) [سورة النساء (4) : الآيات 71 الى 73]

- ‌الآية: (74) [سورة النساء (4) : آية 74]

- ‌الآية: (75) [سورة النساء (4) : آية 75]

- ‌الآية: (76) [سورة النساء (4) : آية 76]

- ‌الآية: (77) [سورة النساء (4) : آية 77]

- ‌الآيات: (78- 79- 80) [سورة النساء (4) : الآيات 78 الى 80]

- ‌الآيات: (81- 83) [سورة النساء (4) : الآيات 81 الى 83]

- ‌الآية: (84) [سورة النساء (4) : آية 84]

- ‌الآية: (85) [سورة النساء (4) : آية 85]

- ‌الآية: (86- 87) [سورة النساء (4) : الآيات 86 الى 87]

- ‌الآية: (88) [سورة النساء (4) : آية 88]

- ‌الآيتان: (89- 90) [سورة النساء (4) : الآيات 89 الى 91]

- ‌الآية: (92) [سورة النساء (4) : آية 92]

- ‌الآية: (93) [سورة النساء (4) : آية 93]

- ‌الآية: (94) [سورة النساء (4) : آية 94]

- ‌الآيتان: (95- 96) [سورة النساء (4) : الآيات 95 الى 96]

- ‌آية: (97- 99) [سورة النساء (4) : الآيات 97 الى 99]

- ‌الآية: (100) [سورة النساء (4) : آية 100]

- ‌الآية: (101) [سورة النساء (4) : آية 101]

- ‌الآية: (102) [سورة النساء (4) : آية 102]

- ‌الآية: (103) [سورة النساء (4) : آية 103]

- ‌الآية: (104) [سورة النساء (4) : آية 104]

- ‌الآيتان: (106- 105) [سورة النساء (4) : الآيات 105 الى 106]

- ‌الآيات: (107- 109) [سورة النساء (4) : الآيات 107 الى 109]

- ‌الآيات: (110- 112) [سورة النساء (4) : الآيات 110 الى 112]

- ‌الآية: (113) [سورة النساء (4) : آية 113]

- ‌الآيتان: (114- 115) [سورة النساء (4) : الآيات 114 الى 115]

- ‌الآيات: (116- 121) [سورة النساء (4) : الآيات 116 الى 121]

- ‌الآيات: (122- 123- 124) [سورة النساء (4) : الآيات 122 الى 124]

- ‌الآيتان: (125- 126) [سورة النساء (4) : الآيات 125 الى 126]

- ‌الآيات: (127- 130) [سورة النساء (4) : الآيات 127 الى 130]

- ‌الآيات: (131- 134) [سورة النساء (4) : الآيات 131 الى 134]

- ‌الآية: (135) [سورة النساء (4) : آية 135]

- ‌الآية: (136) [سورة النساء (4) : آية 136]

- ‌الآيات: (137- 139) [سورة النساء (4) : الآيات 137 الى 139]

- ‌الآية: (140) [سورة النساء (4) : آية 140]

- ‌الآية: (141) [سورة النساء (4) : آية 141]

- ‌الآيتان: (142- 143) [سورة النساء (4) : الآيات 142 الى 143]

- ‌الآيات: (144- 147) [سورة النساء (4) : الآيات 144 الى 147]

- ‌الآيتان: (148- 149) [سورة النساء (4) : الآيات 148 الى 149]

- ‌الآيتان: (150- 151) [سورة النساء (4) : الآيات 150 الى 151]

- ‌الآية: (152) [سورة النساء (4) : آية 152]

- ‌الآيتان: (153- 154) [سورة النساء (4) : الآيات 153 الى 155]

- ‌الآيات: (156- 158) [سورة النساء (4) : الآيات 156 الى 158]

- ‌القرآن والمسيح المصلوب

- ‌المسيح المصلوب:

- ‌الآية: (159) [سورة النساء (4) : آية 159]

- ‌الآيتان: (160- 161) [سورة النساء (4) : الآيات 160 الى 161]

- ‌الآية: (162) [سورة النساء (4) : آية 162]

- ‌الآيات: (163- 165) [سورة النساء (4) : الآيات 163 الى 165]

- ‌الآيات: (166- 169) [سورة النساء (4) : الآيات 166 الى 169]

- ‌(الآية: 170) [سورة النساء (4) : آية 170]

- ‌الآيات: (171- 173) [سورة النساء (4) : الآيات 171 الى 173]

- ‌الآيات: (174- 175) [سورة النساء (4) : الآيات 174 الى 175]

- ‌الآية: (176) [سورة النساء (4) : آية 176]

- ‌5- سورة المائدة

- ‌الآية: (1) [سورة المائدة (5) : آية 1]

- ‌الآية: (2) [سورة المائدة (5) : آية 2]

- ‌الآية: (3) [سورة المائدة (5) : آية 3]

- ‌الآية: (4) [سورة المائدة (5) : آية 4]

- ‌الآية: (5) [سورة المائدة (5) : آية 5]

- ‌الآية: (6) [سورة المائدة (5) : آية 6]

- ‌الآية: (7) [سورة المائدة (5) : آية 7]

- ‌الآية: (8- 10) [سورة المائدة (5) : الآيات 8 الى 10]

- ‌الآية: (11) [سورة المائدة (5) : آية 11]

- ‌الآية: (12) [سورة المائدة (5) : آية 12]

- ‌الآية: (13) [سورة المائدة (5) : آية 13]

- ‌الآية: (14) [سورة المائدة (5) : آية 14]

- ‌(الآيتان: 15- 16) [سورة المائدة (5) : الآيات 15 الى 16]

- ‌الآية: (17) [سورة المائدة (5) : آية 17]

- ‌الآية: (18) [سورة المائدة (5) : آية 18]

- ‌الآية: (19) [سورة المائدة (5) : آية 19]

- ‌الآيات: (20- 26) [سورة المائدة (5) : الآيات 20 الى 26]

- ‌الآيات: (27- 29) [سورة المائدة (5) : الآيات 27 الى 29]

- ‌الآيات: (30- 31) [سورة المائدة (5) : الآيات 30 الى 31]

- ‌الآية: (32) [سورة المائدة (5) : آية 32]

- ‌الآيتان: (33- 34) [سورة المائدة (5) : الآيات 33 الى 34]

- ‌الآية: (35) [سورة المائدة (5) : آية 35]

- ‌الآيتان: (36- 37) [سورة المائدة (5) : الآيات 36 الى 37]

- ‌الآيتان: (38- 40) [سورة المائدة (5) : الآيات 38 الى 40]

- ‌الآية: (41) [سورة المائدة (5) : آية 41]

- ‌الآية: (42- 43) [سورة المائدة (5) : الآيات 42 الى 43]

- ‌الآية: (44) [سورة المائدة (5) : آية 44]

- ‌الآية: (45) [سورة المائدة (5) : آية 45]

- ‌الآيتان: (46- 47) [سورة المائدة (5) : الآيات 46 الى 47]

- ‌الآية: (48) [سورة المائدة (5) : آية 48]

- ‌الآية: (49) [سورة المائدة (5) : آية 49]

- ‌الآية: (50) [سورة المائدة (5) : آية 50]

- ‌الآيتان: (51- 53) [سورة المائدة (5) : الآيات 51 الى 53]

- ‌الآيات: (54- 56) [سورة المائدة (5) : الآيات 54 الى 56]

- ‌الآيتان: (57- 58) [سورة المائدة (5) : الآيات 57 الى 58]

- ‌الآيتان: (59- 60) [سورة المائدة (5) : الآيات 59 الى 60]

- ‌الآيات: (61- 63) [سورة المائدة (5) : الآيات 61 الى 63]

- ‌الآية: (64) [سورة المائدة (5) : آية 64]

- ‌الآية: (65- 66) [سورة المائدة (5) : الآيات 65 الى 66]

- ‌الآية: (67) [سورة المائدة (5) : آية 67]

- ‌الآية: (68) [سورة المائدة (5) : آية 68]

- ‌الآية: (69) [سورة المائدة (5) : آية 69]

- ‌الآيتان: (70- 71) [سورة المائدة (5) : الآيات 70 الى 71]

- ‌الآيات: (72- 77) [سورة المائدة (5) : الآيات 72 الى 77]

- ‌الآيات: (78- 81) [سورة المائدة (5) : الآيات 78 الى 81]

الفصل: ‌الآيات: (127- 130) [سورة النساء (4) : الآيات 127 الى 130]

يتخذ سبيله إلى الله.. فهناك ملّة، إبراهيم، فليستقم عليها، وليؤمن بالله إيمان إبراهيم، ذلك الإيمان المبرأ من كل شرك، المجانب لكل ضلال.

‌الآيات: (127- 130)[سورة النساء (4) : الآيات 127 الى 130]

وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللَاّتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِهِ عَلِيماً (127) وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (128) وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (129) وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللَّهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ وَكانَ اللَّهُ واسِعاً حَكِيماً (130)

التفسير: الاستفتاء هو طلب الفتيا فى أمر خفى على المستفتى، يريد التعرف عليه.

وكثيرا ما كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلبون الرأى من النبىّ، فيما يعرض لهم من أمور، وفيما يقع من أحداث.. إذ كان النبىّ صلى الله عليه وسلم هو حامل الشريعة إليهم، والقائم عليها، والشارح لها..

(م 58- التفسير القرآنى- ج 5)

ص: 913

وهنا فى هذه الآية، يسأل المسلمون النبىّ فى أمور تتعلق بالنساء..

من زواج، وطلاق، ومتعة، ورضاع، وغير ذلك مما يعنى الرجال من أمر النساء! وقد أعطى الله سبحانه النبىّ الكريم الجواب عما يسألون عنه، فقال تعالى:«قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ» أي أن الله سبحانه وتعالى هو الذي سيتولى بيان ما تسألون عنه.

وقوله تعالى: «وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ» هو عطف على قوله تعالى: «قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ» أي الله يفتيكم فى النساء، ويفتيكم فيما «يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ» .

ويكون معنى الإفتاء هنا، هو الإشارة إلى أن ما نزل عليهم من آيات الله فى شأن اليتامى، ولم يمتثلوه امتثالا كاملا، ولم يرعوا ما وصّاهم الله به فى شأنهن فى قوله تعالى:«وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا» وفى هذا إلفات لأولئك الذين لم يرعوا أمر الله فى شأن هؤلاء اليتيمات اللاتي هنّ تحت أيديهم، وهو فى الوقت نفسه توبيخ لهم إذ يستفتون النبىّ فى شأن النساء، وبين أيديهم أمر من أمر الله فى شأنهن ولم يعملوا به، وكان الأولى بهم ألا يسألوا شيئا عن النساء إلا بعد أن يمتثلوا ما أمروا به من قبل فى شأنهن! وفى قوله تعالى:«يَتامَى النِّساءِ» إشارة إلى أن هؤلاء اليتيمات اللاتي

ص: 914

تحت أيدى الأوصياء عليهن، هنّ من النساء اللاتي يستفتون النبىّ فيهن، وصغرهن لا يخرجهن عن أن يكنّ من النساء.

وقوله تعالى: «اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ» هو مواجهة صريحة لأولئك الذين لا يزال الوضع السيّء لليتيمات عندهن كما كان من قبل أن يوصى الله بهن بما أوصى فى أول سورة النساء، وهو أنهم كانوا ينكحونهن من غير أن يؤدوا ما فرض الله لهن من مهر، أو يمسكونهن عند الزواج إذا لم يكن لهم فيهن رغبة، ليحتفظوا فى أيديهم بالمال الذي لهن، وقد نهاهم الله سبحانه وتعالى عن هذا.

قوله تعالى: «وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ» عطف على قوله تعالى:

«فِي يَتامَى النِّساءِ» أي والله سبحانه وتعالى يفتيكم فى النساء، وفيما يتلى عليكم فى الكتاب فى يتامى النساء وفى المستضعفين من الولدان» .. وقد أوصى الله تعالى باليتامى فى قوله سبحانه:

«وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ، فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً» (9- 10: النساء) .

وإعادة الفتيا فى المستضعفين من الولدان، وهم اليتامى- هو تذكير لهؤلاء الذين لم يمتثلوا بعد، ما أمر الله فيهم من الرفق بهم، والإحسان إليهم، وحسن القيام عليهم..

قوله تعالى: «وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ» هو دعوة عامة جامعة لليتامى من بنين وبنات، بعد أن ذكرهم الله تعالى ذكرا مفصلا- حيث ذكر يتامى النساء، ثم ذكر المستضعفين من الولدان، وهؤلاء وأولئك جميعا من اليتامى..

ص: 915

قوله تعالى: «وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِهِ عَلِيماً» حثّ على فعل الخير، والإحسان عامة، وفى اليتامى خاصة..

والله سبحانه وتعالى يعلم ما نفعل من خير أو شر، ولكنه قصر العلم على الخير هنا، تنبيها إلى أن المؤمن ينبغى أن يكون فعله كله خيرا، وأنه يجب أن يعقد قلبه على فعل الخير، وأن يفعله ما استطاع، وأن يخلى قلبه من وساوس الشر، وأن يتجنبه ما استطاع!.

وفى التعبير عن علم الله تعالى بلفظ الماضي «كان» إشارة إلى أن علم الله لا يتعلق بوقوع الأفعال، وإنما هو علم قديم أزلىّ، قد أحاط سبحانه بكل شى علما..

قوله تعالى: «وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً» .

النشوز: النفور عن المألوف، والنشز من الأرض: الصلب.. والفتيا هنا فى شأن من شئون النساء اللائي وعد الله سبحانه بالإفتاء فيهن..

ومما يسأل عنه من أمر النساء، أن تجد المرأة فى زوجها من سوء العشرة ما تخشى معه قطع الحياة الزوجية، إذا لم يدخل عليها عنصر جديد يغذيها بشىء من المودة والإحسان.

والحياة الزوجية لا تستقيم أبدا، ولا تؤتى ثمارها طيبة مباركة إلا إذا سكن كل من الزوجين إلى الآخر، وامتزج به، واختلط بمشاعره، وتنفس معه أنفاس المودة والرحمة، كما يقول سبحانه وتعالى:«وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً» (21: الروم) .

وفى قوله تعالى: «وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً» إشارة إلى هذا العارض الذي يعرض للحياة الزوجية، فيثير فيها مشاعر القلق

ص: 916

والاضطراب، وذلك بأن تجد المرأة من زوجها نشوزا، أي تعاليا عنها، حيث ينظر إليها نظرة باهتة غير عابىء بها، لا نظرة الشريك إلى شريكه، والصديق إلى صديقه.. أو تشعر بجفوة منه نحوها، وبإعراض عنها وإهمال لها..

وفى التعبير بالخوف عن هذه المشاعر وتلك الأحاسيس التي تجدها المرأة فى زوجها- ما يكشف عما يقع فى نفس المرأة من إشفاق على مستقبل حياتها الزوجية مع هذا الزوج الذي يحمل لها تلك المشاعر، التي قد تنمو مع الأيام، وتصبح داءا لا دواء له إلا فصم العلاقة الزوجية بين الزوجين.

وفى قوله تعالى: «فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً» إشارة إلى الدواء، الذي يمكن أن يقدّم فى مثل هذه الحالة لهذا الصدع الذي وقع بين الزوجين، وذلك الدواء هو أن يحدث الزوجان بينهما مصالحة، وأن يعملا تسوية، يلتقيان فيها على ما يحقق لكل منهما بعض ما يطلب من صاحبه..

فقد يكون فى يد المرأة ما يمكن أن تترضّى به الزوج من مال، وإنه لا بأس فى هذه الحالة أن تقدم المرأة للزوج بعض ما كان يطمع فيه من مالها، الذي ربما كان حرمانه منه سببا فى إعراضه عنها..

كما يمكن المرأة أن تنزل للزوج عن بعض حقوقها الزوجية.. كالتسوية فى القسمة بينها وبين بعض زوجاته اللائي يؤثرهن عليها بحبّه ومودته..

فترضى منه ببعض هذا الحق!.

وقد يكون فى هذا الموقف الذي تقفه المرأة من زوجها، ما يعطفه عليها، ويقرّبه منها، ويصلح ما بينه وبينها، وبهذا تبقى العلاقة الزوجية موصولة بينهما، وتظل المرأة فى حماية الزوج ورعايته.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:

«وَالصُّلْحُ خَيْرٌ» .. أي أنه خير على أي حال لكلّ من المرأة والرجل..

إذ أبقيا به على رابطة مقدسة بينهما، كان فى قطعها قطع لما أمر الله به أن يوصل.

ص: 917

وفى قوله تعالى: «فَلا جُناحَ عَلَيْهِما» رفع لمظنّة الحرج التي قد تكون متصوّرة فى هذا الموقف.. إذ أن المرأة تنزل للزوج عن بعض حقها، أو تقدم إليه شيئا من مالها، تحت ظروف قاهرة.. لا عن رضى واختيار.. وفى هذا عدوان على المرأة، وإكراه لها..

ولكن أباح الإسلام هذا، ليدفع به عن المرأة ضررا أكبر من هذا الضرر الذي يلحقها من التنازل عن بعض حقوقها الزوجية، أو الغرم فى بعض مالها.. وذلك لتحفظ حياتها الزوجية من أن تتصدع وتنهار! فالشر الذي يدفع به شرّ أعظم منه، هو خير! ومع هذا، فإنه ليس من المفروض فرضا لازما على المرأة أن تقف هذا الموقف، وإنما ذلك متروك لتقديرها، ووزنها لأحوالها وظروفها.. فلها أن تطلب الطلاق من زوجها إذا كانت غير محتملة للضرر الواقع عليها من نشوزه أو إعراضه عنها.. ثم إن لها فى الوقت نفسه أن تصلح هذا الأمر بما تقدر عليه، إذا هى رأت فى مصلحتها أن تبقى على زوجها، وأن تشترى رضاه ومودته بالتنازل عن بعض حقوقها..

وقوله تعالى: «وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ» أي أشهدت الأنفس الشحّ، بمعنى أريته وعاينته فى هذا الموقف، والشحّ هو البخل..

والذي أرى الأنفس الشحّ فى هذا الموقف، هو مواجهتها لذاتها وهى تستقبل من الغير هجوما عليها، ومحاولة للانتقاص مما فى يدها.

ففى مثل تلك الحال تتحرك فى النفس دوافع حبّ الذات، الذي من شأنه أن يبرز غريزة الشحّ، التي هى سلاح من أسلحة الدفاع عن الذات.

وجملة «وأحضرت الأنفس الشحّ» جملة اعتراضية، يراد بها التنبيه

ص: 918

إلى تلك الصفة الذميمة التي تطلّ برأسها فى هذا الموقف، الذي يواجه فيه كلّ من الزوج والزوجة صاحبه مواجهة صريحة.. مواجهة الغريم لغريمه فى استقضاء حق له عليه.

ومن شأن هذا التنبيه أن يقيم فى كيان كل من الزوجين، وازعا يزع هذا الوسواس، الذي يدفع فى صدر كل منهما بمشاعر الشحّ والحرص، ومن شأن هذا الوازع- إذا استند إلى دين وخلق- أن ينهى هذا الموقف الحادّ بين الزوجين، وأن يجمعها على التسامح، والصفح، والوفاق..

وقوله تعالى: «وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً» هو دعوة إلى الإحسان والتقوى فى هذا الموقف، الذي إن لم تتحرك فيه مشاعر الإحسان لتؤدى دورها فى ظلّ من تقوى الله والعمل على مرضاته- لم يكن سبيل إلى إصلاح هذا الخلل، ورأب ذلك الصدع، بل ربما زادته المواجهة بين الزوجين اتساعا وعمقا.

وانظر فى هذا الاختلاف الذي وقع فى فاصلة هذه الآية، وفى فاصلة الآية التي قبلها.. فقد جاءت فاصلة هذه الآية:«فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً» حيث أن ما يعمل هنا، هو مما تمليه القلوب، وتتناجى به الضمائر..

فهو- والأمر كذلك- محتاج إلى خبرة تطّلع على ما فى القلوب، وتكشف ما استقر فى الضمائر، وليس ذلك إلا لله الخبير العليم..

أما فاصلة الآية التي سبقت هذه الآية، فقد جاءت هكذا:«وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِهِ عَلِيماً» حيث كان الحديث عن أفعال محسوسة، يكفى فى كشفها العلم بها على الصورة التي وقعت، وذلك مما لا يغيب عن علم العليم الخبير!.

ص: 919

قوله تعالى: «وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً» .

فى هذه الآية أمور:

أولا: ضياع أمانة «العدل» فى القسمة بين الزوجات، التي حملها الزوج، ودعى من الله إلى الوفاء بها، وهو- وإن يكن أمرا قد تجاوز الله سبحانه وتعالى عنه فى تلك الحال- هو تضييع لتلك الأمانة، وعدوان عليها..

وهذا أقل ما فيه أنه يدعو الإنسان أن يفكر طويلا قبل أن يدخل فى هذه التجربة، ويعرّض نفسه لأن يكون فى عداد الظالمين المعتدين.. وهذا أقلّ ما فيه أيضا أن يزهّد الإنسان فى التزوج بأكثر من وحدة.

وثانيا: قوله تعالى: «وَلَوْ حَرَصْتُمْ» يقطع كل أمل عند من تحدثه نفسه بأنه- إذا جمع أكثر من امرأة فى عصمته- قادر على أن يحقق العدل بينهما..

فذلك أمر فوق مقدور البشر، إذ كان الحكم فيه للقلب، ولا سلطان للإنسان على قلبه.. ولهذا كان النبىّ صلى الله عليه وسلم يقول متوجها إلى ربه فى قسمته وعدله بين نسائه:«هذا قسمى فيما أملك، فلا تلمنى فيما لا أملك وتملك» .

وثالثا: من ابتلى بهذه التجربة- تجربة الجمع بين أكثر من زوجة- فعليه أن يستشعر دائما أن ميزان العدل الممسك به بين زوجاته لن يستقيم أبدا، فهو قلق مضطرب، يميل هنا مرة، ويميل هناك مرة.. وهكذا.. والمطلوب منه فى تلك الحال أن يحفظ توازن هذا الميزان فى يده، مع ميله واضطرابه، وإلا شالت إحدى كفتيه فكانت فى السماء، على حين هوت الأخرى فلصقت بالأرض.. وبهذا يفقد الميزان أثره وفاعليته..

ص: 920

ورابعا: قوله تعالى: «فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ» .. الضمير هنا للمرأة التي جار عليها زوجها، فلم يعطها من حقوق الزوجية شيئا.. فهى زوج وليست زوجا.. وإطلاقها فى تلك الحال خير من إمساكها..

وخامسا: قوله تعالى: «وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً» إيذان من الله سبحانه وتعالى بالتجاوز عن الاضطراب الذي يقع فى ميزان العدل بين الزوجات إذا اتّقى الزوج ربّه فى النساء اللائي فى يده، وأعطى كل واحدة منهن حقها قدر المستطاع.. وإلا فهو آثم ظالم، لا تناله مغفرة الله ورحمته.

وقوله تعالى: «وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكانَ اللَّهُ واسِعاً حَكِيماً» هو دعوة إلى إطلاق سراح المرأة التي لا تنال حظوة عند زوجها، ولا ينظر إليها نظرة الرجل إلى المرأة، وما لها من حقوق مادية ومعنوية عنده.. فإطلاقها فى تلك الحال خير لها من إمساكها، الذي هو إيذاء لها، وإهدار لوجودها..

والمرأة التي يمسك بها الرجل، وهى فى هذا الوضع الجائر.. إمّا أن تكون ذات مال، يريدها الرجل لمالها.. فليتركها، وليطلق سراحها.. والله سبحانه وتعالى يغنيه من فضله، وأول هذا الغنى هو أن يحفظ كرامته، ويحترم رجولته، فلا يكون طعامه وشرابه من هذا المال الذي يسلبه من يد ضعيفة، دون مقابل له.

وإما أن تكون فقيرة مستضعفة، لا تجد من يكفلها، فهى مقيمة على هذا الضيم، لقاء لقمة عيش، أو كسوة بدن.. فلتخلّص نفسها من هذا القيد، ولتحرّر روحها، وتصحح إنسانيتها، فتلك هى الحياة، ولا حياة مع الذلة والمسكنة، ومع شبع البطن وجوع الروح، وكسوة الجسد، وعرى الإنسانية! والله سبحانه وتعالى هو الرزّاق ذو القوة المتين.. قد كفل لها رزقها، كما كفل لكل كائن حىّ رزقه:«وَكانَ اللَّهُ واسِعاً حَكِيماً» ! فمن سعة فضله

ص: 921