الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآية: (102)[سورة النساء (4) : آية 102]
وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً (102)
. التفسير: يبين الله سبحانه وتعالى فى هذه الآية حكم الصلاة مع النبىّ فى ميدان القتال.. وإنها لصلاة مراعى فيها الحذر والحيطة من مباغتة العدو، وانتهاز الفرصة فى المسلمين، وهم بين يدى الله فى الصّلاة.. فتلك فرصة للعدوّ، لا يدعها تمر، خاصة إذا ألقى المسلمون أسلحتهم، وفرغوا للصلاة، يؤدونها كاملة، بركوعها وسجودها، وعدد ركعاتها..
وإذا علم المشركون أن المسلمين يؤدون صلاتهم فى الحرب كما يؤدونها فى السلم، فإنهم سيرصدون الوقت الملائم للهجوم عليهم، وهم فى تلك الحال التي أخلو فيها أنفسهم من الحرب، واتجهوا لله بقلوبهم وأجسامهم! لهذا شرع الله للنبىّ أن يصلّى بالمسلمين على هذا الوجه الذي بيّنته الآية الكريمة، وهو أن يقيم النبىّ الصلاة، وأن تجىء طائفة من المؤمنين لتصلى مع النبي، ومعها أسلحتها، وتبقى طائفة أخرى ترصد العدوّ، وتتلقى صدمته الأولى إن هو حاول الهجوم، وعندها تكون الجماعة التي تصلى مع النبىّ قد وضعت يدها على سلاحها وخفّت لنجدة إخوانهم المشتبكين فى الحرب، وبهذا لا يأخذ العدو فرصته! فإذا صلّت الجماعة الأولى الركعة الأولى من الصلاة سلّمت ومضت، لتأخذ مكان الجماعة التي لم تصلّ، ثم لتأت هذه الجماعة وتأخذ مكانها فى الصلاة خلف
النبىّ، آخذة حذرها وأسلحتها، وليصلّوا الركعة الثانية، التي بها يختم النبىّ بها صلاة السفر.
وقوله تعالى: «وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ» تنويه بشأن المؤمنين المجاهدين فى سبيل الله، حيث تشير كلمة «فيهم» إلى إحاطة المسلمين بالنبيّ، والتفافهم حوله، حتى كأنهم الظرف الزمانى والمكانىّ له، وحتى كأن مشاعر النبىّ الكريم ونفحاته تملأ هذا الظرف، زمانا ومكانا، بأضوائها، وأنوارها..
وقوله تعالى: «وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ» هو استثناء من الأمر الوارد فى قوله تعالى: «وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ» .. فهذا الأمر ليس على إطلاقه، وليس على سبيل الوجوب، وإنما هو للنصح والإرشاد، وأن للمجاهدين أن يتحلّلوا منه، وأن يضعوا أسلحتهم، إذا كان بهم أذى من مطر، أو كانوا فى حال ضعف.. فإن وضع الأسلحة فى تلك الحال فرصة لهم لتجديد نشاطهم وقوّتهم.. والأمر فى هذا كله متروك للحال التي عليها المجاهدون، ولتقديرهم للموقف، وأن لهم أن يأخذوا منه ما يرون، وأن يدعوا ما يرون، والمهمّ فى هذا كله أن يكونوا على حذر، وأن يقدّروا الموقف بهذا الاعتبار، وأنهم فى وجه عدوّ لا يتورع أن يبغتهم وهم بين يدى الله، ولهذا جاء قوله تعالى:
«وَخُذُوا حِذْرَكُمْ» مختتما هذا التوجيه، الذي يقوم أولا وآخرا على أخذ الحيطة والحذر من هذا العدوّ الراصد المتربص! وقوله تعالى:«إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً» تعزية للمسلمين، وتسلية لهم من هذه الأحوال التي يلبسونها من هذا العدوّ، الذي لا يوقّر حرمات الله، ولا يرعى للمسلمين حرمة فيها، بل إنه يتخذها ذريعة للنيل من المجاهدين،