الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرّيسيين قائلين: اخرج واذهب من هنا، لأن هيرودس- وكان حاكم منطقة الجليل- يريد أن يقتلك، فقال لهم امضوا وقولوا لهذا الثعلب: ها أنا أخرج شياطين وأشفى اليوم وغدا وفى اليوم الثالث أكمل، بل ينبغى أن أسير اليوم وغدا وما يليه، لأنه لا يمكن أن يهلك نبىّ خارج أورشليم» (لوقا: 13:
31-
34) .. فالمسيح عند نفسه أنه نبىّ، إذا كان هذا كلامه.. وهو عند أتباعه كذلك.. نبىّ إذا كان هذا مما تصوره كاتب الإنجيل..
نعم- نقول لهؤلاء الذين يجزعون من القول بنفي صلب المسيح وألوهيته- لا عليكم.. فإنكم لو أقمتم نظركم على المسيح إنسانا رسولا، والتقيتم به على هذا الوجه وتعاملتم به على تلك الصفة، لتضاعف هذا الخير الذي تركه المسيح وراءه
…
فى كلماته المشرقة وآياته الوضيئة، وكان لكم من هذا الزاد الطيب غذاء صالح تحيا به النفوس، وتطهر به الأرواح وتعمر القلوب.. بالحب والمودة والإخاء..
ولكان لكم فى المسيح الإنسان المثل الأعلى والقدوة الصالحة، لما تنزع إليه النفوس من حق وخير وكمال فى عالم البشر.. لا تجده الحياة على تمامه وكماله إلا فى رسل الله وأنبيائه، وفى الصفّ الأول منهم المسيح.. الإنسان.. ابن الإنسان!
الآية: (159)[سورة النساء (4) : آية 159]
وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً (159)
التفسير: المعنى الحرفىّ لهذه الآية هو:
ما من أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمننّ بالمسيح قبل أن يموت المسيح،
ثم يكون المسيح يوم القيامة شهيدا على أهل الكتاب هؤلاء.. أي شاهدا عليهم بما كان منهم معه..
وأهل الكتاب هم اليهود والنصارى..
فما تأويل هذا؟
وكيف يؤمن أهل الكتاب جميعا بالمسيح، وقد أنكره اليهود، وما زالوا، وهم من أهل الكتاب؟
ثم إن الأمر لأكثر من هذا.. فقد جاء الخبر مؤكّدا، مستغرقا جميع أهل الكتاب، فردا فردا..
وهذا يعنى أن الخبر على حقيقته، وأنه لا مجال فيه للمجاز.. وأنه حكم جازم قاطع بأن كل أحد من أهل الكتاب لا يموت إلا وهو مؤمن بالمسيح! فما تأويل هذا؟
قيل إن المراد من إيمان أهل الكتاب- من اليهود والنصارى- بالمسيح، هو تصحيح إيمانهم به ومعتقدهم فيه.. إذ كان اليهود قد نسبوه إلى أمّ زانية، واتهموه بالسحر والشعوذة والتجديف على الله، وحكموا عليه بالموت صلبا..
على حين أن النصارى رفعوه إلى مقام الألوهية، وجعلوه هو الله سبحانه وتعالى، تجسّد فى عذراء، وبشّر بالإنجيل، ثم صلب- مختارا- ليفتدى بدمه خطيئة آدم، وليطهّر البشر منها. ثم قام من بين الأموات بعد ثلاثة أيام..!
وتصحيح إيمان هؤلاء وأولئك بالمسيح، هو رؤيته على الصورة التي هى له، وأنه عبد من عباد الله، وأنه ولد من أمّ دون أب، كما ولد آدم من غير أب ولا أم، وأنه نبىّ اصطفاه الله لهداية الناس، والتبشير بالحق، والعدل، والسلام