الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآيتان: (114- 115)[سورة النساء (4) : الآيات 114 الى 115]
لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (114) وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً (115)
التفسير: أكثر ما يجتمع عليه المنافقون هو الشرّ، وأكثر ما يتناجون به، هو السوء..
والنجوة، والمناجاة، هى المسارّة بالحديث، والتخافت به، بعيدا عمن يسمع أو يرى.. وأصل «النجوة» المكان المرتفع، ينجو به الإنسان والحيوان، ويعتصم فيه من أن تناله يد العدوّ.
وقوله تعالى: «إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ» هو استثناء للجانب الطيب من النجوى، إذ ليس كلّ ما يسارّ به الناس بعضهم بعضا من حديث، وما يحجزونه عن أسماع غيرهم وأبصارهم هو من قبيل الشرّ، الذي يحرص الناس على كتمانه، وإخفاء وجهه عن غيرهم.
فقد يكون فى هذا الحديث الخفىّ، ما يراد به الخير والإحسان، وقد يكون فى كشفه والمعالنة به تفويت للخير الذي ينطوى عليه، وتضييع للإحسان المراد منه.. فمن اجتمع إلى غيره، وتناجى معه فيما هو خير له وللناس..
كدعوة إلى صدقة، أو توجيه إلى معروف، أو إصلاح بين الناس- (م 57- القصص القرآنى ج 5)
فلا حرج عليه فى هذه النجوى، متحدّثا أو مستمعا..
وإذ كانت «النجوى» غالبا ما تحمل على الرّيب والظنون بأهلها، كان على الإنسان أن يحرس نفسه من أن يكون مظنّة تهمة أو ريبة، وألا يدخل مداخلها إلا إذا كانت غايته منها تحصيل الخير له أو لغيره، وألا يكون وراءها شر يدبّر للناس، أو كيد يكاد لهم به..
وقوله تعالى: «وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً» .
الإشارة هنا بقوله تعالى: «وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ» متوجهة إلى الأمر بالصدقة أو المعروف أو الإصلاح بين الناس.. أي ومن فعل ذلك فى مناجاته، لا يريد به إلا وجه الله، فله أجر عظيم عند الله، وثواب كريم لما فعل.
وقوله تعالى: «وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً» الشقاق: المخالفة والمنابذة..
وشقاق الرسول: مخالفة أمره، والخروج عن طاعته..
والذين تبيّن لهم الهدى هنا، هم المنافقون، الذين دخلوا فى الإسلام، وعرفوا كثيرا من حقائقه، ولكن غلبت عليهم شقوقهم، فلم يستقيموا على طريق الحق، بل اضطربوا وتخبطوا..
فهؤلاء المنافقون أكثر ما تكون لقاءاتهم ومناجاتهم لتدبير الشرّ، وتبييت السوء، والعمل على مشاقّة الرسول ومخالفته، واتخاذ سبيل لهم غير سبيل المؤمنين، وطريقهم.. وقد توعّد الله سبحانه وتعالى من يكون على تلك الحال بقوله:«نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً» أي نقيمه على