الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفى قوله تعالى: «قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا» وفى إضافة الرسول إلى الله بضمير المتكلم، تكريم للرسول الكريم، وتمجيد له، وتعظيم لشأنه، ولشأن ما يحمل بين يديه من ربّه، من هدى ونور.
الآية: (17)[سورة المائدة (5) : آية 17]
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17)
التفسير: وإذا كان النصارى- من أهل الكتاب- لم يعرفوا الداء الذي يكمن فيهم، وما يحمل إليهم القرآن من شفاء- فها هو ذا القرآن يضع يده على موضع الداء منهم..
إن جعلهم الله هو المسيح بن مريم، هو أصل الداء.. فما كان لله أن يولد من رحم امرأة، وأن تكون نسبته إليها..
إن الإله الذي يتصور على تلك الصورة، هو إله هزيل، لا تلده إلا عقول لا تعرف جلال الله وعظمته، وقدرته..
وأين المسيح الإله وقوته وقدرته، أمام قوة الله وقدرته؟
إن أراد الله أن يهلك المسيح بن مريم وأمه ومن فى الأرض جميعا.. فمن يقف لهذه الإرادة، أو يردّ عليها ما أرادت، أو بعض ما أرادت؟
ألم تمت أمّ المسيح؟
وإذا كان فى المسيح شك أنه لم يمت بعد، فهل من شك فى أنه سيموت؟
لقد مات الأصل، وهو أمّه. فهل يبقى الفرع، وهو المسيح ابنها؟
وقوله تعالى: «يَخْلُقُ ما يَشاءُ» دفع لاعتراض قد يقيم شبهة عند من يرفعون المسيح عن مستوى البشرية إلى مرتبة الألوهية، فإن ميلاده من غير أب- هذا الميلاد الذي يثير فى النفس تساؤلات وتصورات- ليس الصورة الفريدة فيما خلق الله وأبدع من مخلوقات.. من ملائكة وجنّ وشياطين، وكواكب.. فأى إنسان مهما عظم هو ضئيل بالنسبة لأى مخلوق من تلك المخلوقات.. فإذا نظرنا إلى المسيح فى صورته، وجدناه كائنا بشريا، فى خلقته وفى سلوكه.. كان جنينا، ثم طفلا، ثم صبيا، ثم شابا، ثم رجلا.
وأكثر من هذا، فإن أتباعه أماتوه صلبا، ثم دفنوه بأيديهم فى التراب بعد أن حملوه على أيديهم جثة هامدة! ثم لقد كان له ما للناس فى هذه الحياة.. يأكل، ويشرب، وينام، ويصحو، ويبول ويغوط، ويفرح، ويحزن.. إلى غير ذلك مما يجرى على الناس! فأىّ شىء يخرج المسيح من الإنسانية إلى مقام الألوهية؟ ألأنه ولد من غير أب؟
إنه ليس أول من ولد من غير أب؟ إن الذي خلق الأب وخلق الأم لا يعجزه أن يخلق خلقا من غير أب ولا أم.. «يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» .
إن غرابة المخلوق فى ميلاده، أو فى شكله، ولونه، وطوله، وعرضه..
إن دلّت على شىء فإنما تدل على قدرة الخالق، لا أن تكون مزلقا إلى الكفر بالله، والتعلق بالغريب العجيب مما صنعت يداه! فإن ذلك هو الضلال والسّفه، إذ كيف يتشابه الخالق والمخلوق، ويختلط الصانع بالمصنوع!؟