الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكفر الكافرين.. له ما فى السماوات والأرض.. «إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً» (93: مريم) . وقوله تعالى: «وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً» أي يعلم المفسد من المصلح، وما تخفى الصدور من نفاق وكفر، وما تحمل القلوب من هدى وإيمان.. وهو حكيم اقتضت حكمته أن يجزى كلّ عامل بما عمل.. من خير أو شر.
الآيات: (171- 173)[سورة النساء (4) : الآيات 171 الى 173]
يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَاّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلاً (171) لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً (172) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (173)
التفسير: الغلوّ: المبالغة فى الشيء، ومجاوزة الحدّ به، والخروج حدّ الاعتدال فيه.. سواء كان ذلك فى الدين، أو فى غيره.
والاستنكاف: الاستكبار، واستنكف أن يفعل كذا: أي أبى أن يفعله استكبارا.
وهاتان الآيتان تخاطبان أتباع المسيح من أهل الكتاب، وتكشفان لهم عن موقفهم الخاطئ منه، وفهمهم المغلوط له..
وقوله تعالى: «يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ» أي لا تميلوا بدينكم إلى جانب الغلوّ والمبالغة فى نظرتكم إلى الأشياء، وتقديركم لها، والمراد بهذا هو موقف أتباع المسيح منه، وتأليههم له، على حين أن اليهود قد غالوا من جانب آخر فنزلوا بالمسيح إلى درجة المشعوذين، والمجدفين على الله، والواقعين تحت لعنته! وقوله سبحانه:«وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ» أي لا تقولوا فى الله، وفيما ينبغى له من صفات الكمال، إلا الحقّ..
وإنه ليس من الحق فى شىء أن يلبس الله سبحانه وتعالى هذا الثوب البشرى الذي كان عليه المسيح، وأن يولد من رحم امرأة، ثم يساق قسرا إلى الصلب، ثم يدفن مع الموتى! «إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ» فهو (أولا) رسول الله.. ورسول الله غير الله.
وهو (ثانيا) كلمة الله ألقاها إلى مريم.. وكلمة الله غير الله.. فكل شىء خلقه الله بكلمته «كن» فكان.. كما يقول سبحانه: «إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ» (40: النحل) وهو (ثالثا) روح من عند الله.. ونفخة منه.. كالنفخة التي كان منها آدم، وكالروح التي كان منها الملائكة.
ومن كان هذا شأنه فهو ليس إلها.. لأنه من صنعة إله.. إذ هو مضاف إلى الله.. رسول الله.. وكلمة الله.. وروح من الله.
وقوله تعالى: «فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ» أي فآمنوا بالله إيمانا قائما على تنزيه الله أن يكون على صورة خلق من خلقه.. وآمنوا برسله، ومنهم عيسى..
فالله هو الله ربّ العالمين، وعيسى هو رسول الله رب العالمين.. فآمنوا بالله، وآمنوا برسل الله..!
قوله تعالى: «وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ» هو تخطئة لهذه الكلمة الخاطئة التي يقولها من يرى الله ثلاثة آلهه: الآب، والابن، وروح القدس.. أو هو الأب، والابن، والأمّ..
وقوله سبحانه: «انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ» هو توجيه إلى قولة الحق، وإلى طريق الحق، بعد العدول عن قولة الزور، وطريق الضلال..
وقوله تعالى: «إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ» .
هذا هو الوصف الحق لله تعالى: «إِلهٌ واحِدٌ» تنزّه أن يكون له ولد، لأنه سبحانه غنى عن العالمين «لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ» .. فما حاجته إلى الولد إذا احتاج الناس إلى الأولاد؟
وقوله سبحانه: «وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا» إشارة إلى أن التوجه إلى الله وحده، هو المعتصم الذي ينبغى أن يعتصم به الإنسان.. فليس بعد قدرة الله قدرة، ولا مع سلطان الله سلطان.. «وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ» (3: الطلاق) .
وقوله سبحانه: َنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ»
هو بيان لما بين الله وبين عباده من حدود.. فالله هو الله، والعباد هم العباد.. ولن يستنكف أي مخلوق من مخلوقات الله أن يدين له بالعبودية والولاء.. لا المسيح ولا غير المسيح..
وإذا كان المسيح هو روح من الله. فإنه قد تلبّس بالجسد.. أما الملائكة