الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتابة اسم الظالع:
كان الشيخ علي الظالع يكتب هو وأسرته اسمهم بالضاد (الضالع) ويتابعهم الناس على ذلك، من غير علم بإملاء الكلمة فقلت له: يا شيخ، أنتم تكتبون اسمكم على غير وجهه فهو بالظاء من ظلع يظلع ظلعًا وليس بالضاد لأنها لا تدل على هذا المعنى فضحك على عادته، وقال: أتريد أن أكتب اسمي (الاعرج)، لأن كلمة ظالع تعني الأعرج، فقلت له: هذا مقتضى اللغة، فقال: لماذا لا تكون من ظليع بمعني ممتلئ من الشيء؟
فقلت: هذا جائز.
ولكن المعروف غيره.
وقد تمادت الأيام بعد ذلك فحصل على ابنه إبراهيم حادث سيارة أصاب رجله فصار يعرج بها عرجًا خفيفًا، وقد انزعجت من ذلك فسألته عن حاله، فقال: أدركه اسمه فظلع.
فقلت له: أنت إذن تذكر شيئًا من معنى كلمة ظالع؟ فقال: وأنت لم تنسه؟ قلت: لا.
ومن الغريب في كتابة اسم (الضالع) أن كاتبًا من طلبة العلم في عيون الجواء هو محمد بن حمد السايح كتب وثيقتين في ورقة واحدة، إحداهما وهي الأولى منها فيها (الظالع) بالظاء المشالة التي هي أخت الطاء، كما هو المقتضى اللغوي لمادة (ظلع يظلع فهو ظالع) إذا كان يعرج.
وكتب الثانية التي تحتها بالضاد أخت الصاد (الضالع)، الأولى مؤرخة في 6 رجب سنة 1303 هـ، والثانية في صفر سنة 1305 هـ.
وقد أنجبت أسرة الضالع عددًا من الشخصيات المهمة من طلبة العلم والقضاة، أشهرهم الشيخ علي بن سليمان الضالع.
ورغم كونه من جيل قبل جيلنا عندما عقلت الأمور إذ كان إمامًا لمسجد ناصر بن سيف الذي هو ثاني المساجد التي بنيت في بريدة بعد المسجد الجامع،
ويقع إلى الجنوب من سوق قبة رشيد القديم، وقد هدم هذا المسجد عندما تقرر إيجاد السوق المركزي لبريدة فدخل في أرض هذا السوق ومحي أثره.
فكنت أصلي وراء الشيخ علي الضالع وأنا طفل في حدود عام 1356 هـ وما بعده إلا أنه واصل طلب العلم بحيث إنني عندما بدأت بطلب العلم في الجامع عام 1363 هـ. كان مثلنا يجلس على المشايخ لطلب العلم وبخاصة على شيخنا الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد في عامي 1363 - 1364 هـ، وكنا نعرف آنذاك أن الشيخ علي الضالع هو من كبار طلبة العلم تلاميذ الشيخ عمر بن سليم.
التحق بطلب العلم وهو صغير، ولازم الشيخ عمر بن محمد بن سليم قاضي القصيم ملازمة عرف بها أنه من أخص تلامذته به.
عينه الشيخ عمر بن سليم إمامًا في المسجد الذي كان الشيخ عمر يصلي إمامًا بالناس فيه وهو (مسجد ناصر) إضافة إلى ناصر بن سليمان السيف واستمر على إمامته بذلك المسجد نحو 27 سنة.
وبعد أن عين الشيخ صالح بن سليمان العمري (معتمدًا) للمعارف في منطقة القصيم صار يفتتح مدارس في قرى بريدة بما هو معروف عنه من نشاط فعينه مديرًا لمدرسة الشقة السفلى التي افتتحها ولكن صار بينه وبين بعض أهل الشقة شيء قال بعضهم: إن ذلك لكونه من أهل الشقة العليا وعلي أية حال فإن ذلك أتعبه.
وقد ترك الوظائف والتحق بالمعهد العلمي في الرياض طالبًا على كبر وواصل دراسته حتى تخرج من كلية الشريعة هناك.
وكان الشيخ على الضالع في طبعه حدة، إذ يخيل لمن يحدثه أنه يغضب منه بسرعة ولذلك عندما تخرج من الكلية قال لي الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم
المدير العام للمعاهد العلمية والكليات وهو رئيسي في المعهد: سوف نعين الشيخ علي الضالع مدرسًا عندكم فسكتُّ، فظن أن بيني وبين الضالع شيئا، فقال مثلا عاميا معناه (ما للمريض إلا أهله) فقلت له: إنه ليس بيني وبين الشيخ علي الضالع أي شيء غير ودي، بل هو صديقي، وإذا كانت فيه حدة فإنه لم يصبني بالفعل منها شيء.
وعندما باشر العمل لدينا مدرسًا في المعهد العلمي في بريدة واستمر فيه رأيته خلاف ما كان يتوقعه الجميع فهو على حدته يقف عند الأنظمة، ولا أذكر أنه قابلني بحدة أبدًا وحتى إذا احتد أحد من الطلاب نتيجة طبيعة بعض الطلبة الاستفزازية ووصل إلى موضوعه في الإدارة، إذ كنت مدير المعهد كما كان يعرف الناس في ذلك الوقت رجع إلى ما أقوله برضا وبطمأنينة نفس مما جعلني أصنفه في أداء الواجب والانضباط في قائمة المفضلين لدي من المدرسين، لأن بعض المدرسين الذين يظهرون للناس سعة الصدر قبل أن يمتحنوا بالمشكلات أو المشاغبات من الطلبة يصرون على وجهة نظرهم، ولو كانت خاطئة.
ثم عرفت الشيخ علي الضالع بالكرم فيما يتعلق بدعوة زملائه إلى الطعام أو القهوة في بيته وفي شيء آخر وهو محبته لمعرفة الحكم في أية مسألة فقهية تعرض في البحث.
وقد نقلت من إدارة المعهد العلمي في بريدة إلى الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عند تأسيسها في عام 1380 هـ وكان لا يزال مدرسًا في المعهد العلمي إلا أنه قُدِّر عليه أن يتوفى في حادث سيارة في عام 1397 هـ.
لقد ترجم عدد من الناس للشيخ علي بن سليمان الضالع وهو أهل لذلك وأصدق ترجمة له ما كتبها الشيخ صالح بن سليمان العمري لأنه زميله في طلب العلم ثم بعدما عينه الشيخ صالح العمري معتمد المعارف بالقصيم مديرًا لمدرسة الشقة، صار زميلا له في العمل.