المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الطَّامي:   من أهل بريدة، هم فرع من العويد الفويس أول من - معجم أسر بريدة - جـ ١٣

[محمد بن ناصر العبودي]

فهرس الكتاب

- ‌باب الضاد

- ‌الضالع:

- ‌كتابة اسم الظالع:

- ‌الشيخ علي السليمان الضالع:

- ‌الضالع في سوريا والعراق:

- ‌ترجمة الشيخ محمد بن محمود بن يحيا حمد عثمان الضالع التوجري نفسه

- ‌أملاك الصباخ:

- ‌أشخاص بارزون من أسرة الضالع:

- ‌وثائق الأسرة الضالع:

- ‌الضَّاوي:

- ‌الضَّبَّاح:

- ‌ الضبعان

- ‌الضْبَيْب:

- ‌معنى ضبيب:

- ‌وصية نورة بنت ضبيب:

- ‌وصية محمد بن ضبيب:

- ‌من الضبيب المعاصرين:

- ‌ الضبيب

- ‌وثائق أسرة الضبيعي:

- ‌الضُحَيّان:

- ‌الضَّحَيَّان:

- ‌وصية خريِّف بن ضحيان:

- ‌وصية تركي بن خريف الضحيان:

- ‌وثائق لنساء الضحيان:

- ‌الضويان:

- ‌أصل الضويان:

- ‌الضويحي:

- ‌الضويلع:

- ‌الضَّيف الله:

- ‌الضليفع:

- ‌باب الطاء

- ‌الطارب:

- ‌الطارف:

- ‌الطالب:

- ‌الطَّامي:

- ‌عود إلى ذكر شخصيات الطامي:

- ‌الطْبَيْشي:

- ‌الطِّحيني:

- ‌الطراخي:

- ‌الطِّرباق:

- ‌الشيخ عبد الرحمن الطرباق: (1333 - 1395 ه

- ‌الطريبيش:

- ‌الطْرَيْخم:

- ‌الطريري:

- ‌الْطرَيْعاني:

- ‌الطْرَيِّف:

- ‌الطْرَيْقي:

- ‌محمد صالح الطريقي:

- ‌تعريف بالمترجم له:

- ‌مقدمة القصة:

- ‌أول فصول القصة:

- ‌الفصل الثاني من القصة:

- ‌الفصل الثالث:

- ‌الفصل الرابع:

- ‌الفصل الخامس:

- ‌الفصل السادس:

- ‌الفصل الأخير وهو وجود المزودة وظهور براءته:

- ‌ناقة عبد العزيز الطريقي (سحيما):

- ‌الشيخ وائل اليحيى الطريقي - قاضي الغطغط:

- ‌الشيخ وايلُ بن يحيى (1310 - 1401 ه

- ‌يحيى بن وايل الطريقي:

- ‌الطّريْمَاني:

- ‌الطِّسْ:

- ‌الطَّسْوس:

- ‌الطعيسان:

- ‌الطعَيْمي:

- ‌الطفَيْل:

- ‌الطلاسي:

- ‌(دعوة وعتاب):

- ‌الطلب:

- ‌الطَّلَق:

- ‌الطْلَيْحان:

- ‌الطليحي:

- ‌الطَّوْب:

- ‌الطُّولان:

- ‌الطْوَيَّان:

- ‌وقف صالح بن عبد الكريم الطويان:

- ‌شعراء من أسرة الطويان:

- ‌الشاعر السجين:

- ‌الشاعر إبراهيم بن عبد المحسن الطويان (الملقب درعان)

- ‌من أخبار درعان:

- ‌محنة شاعر:

- ‌الشيخ سليمان بن محمد بن طويان:

- ‌الطويان في الوثائق القديمة:

- ‌وثيقة مهمة:

- ‌نماذج من كلام عبد الكريم بن صالح الطويان

- ‌قارئ يواجه التحرير ويكتب ملاحظاته:

- ‌شعر لعبد الكريم بن صالح الطويان:

- ‌ أميثاء" وداعًا:

- ‌عبد الكريم بن صالح الطويان والتأليف:

- ‌(صوت من خب "حويلان

- ‌الطْوَيْرش:

- ‌الطويعينه:

- ‌الطويل:

- ‌باب الظاء

- ‌الظَّاهر:

- ‌الظِّفيري:

- ‌الظويهر:

الفصل: ‌ ‌الطَّامي:   من أهل بريدة، هم فرع من العويد الفويس أول من

‌الطَّامي:

من أهل بريدة، هم فرع من العويد الفويس أول من سمي منهم هذا الاسم هو سليمان بن عويد (الفويس) قيل له أبو طامي، ولكن أصبح يقال لأولاده الطامي أي آل طامي بدون (أبو) جريًا على عادة العامة في مثل هذه الأسماء.

مات سليمان بن عويد أبو طامي في رجب عام 1346 هـ وسبب تسميته (أبو طامي) أنه ذهب مع أخيه إبراهيم إلى حائل وأقام فيها فقال بعض أهل حائل: من هو الغَلِّيم هذا؟ وكان صبيًّا فقال بعضهم هذا كنه أبو طامي لشخص كانوا يعرفونه، فلحقته أبو طامي.

وقد خلف أبو طامي المذكور خمسة من الأبناء دون أن يكون له بنات أكبرهم محمد بن سليمان ولد في عام 1324 هـ ولا يزال يعيش ومن يراه لا يظن أنه قد تجاوز الأربعين مع أن سنه ست وسبعون، وكان له ولع بالشعر العامي والأدب والمطالعة حتى كتب بخطه الرديء ديوانين من الشعر العامي إلا أنه لم يكتب شعر الغزل تدينًا وتطوعًا، وألف كتابًا صغيرًا في ختم القرآن الكريم طبع واطلعت عليه مطبوعًا.

كما كتب بخط يده شيئًا مما جرى لوالده ولنفسه، هو نادر في منطقتنا ولو أن بعضهم كتب شيئًا مثل هذا وانضم إليه ما كتبه غيره مما يماثله لجلا لنا ذلك غوامض من تاريخ الأشخاص ووصف الزمان الذي عاشوا فيه وقد رأيت نقل ما ذكره محمد أبو طامي حول ذلك الموضوع لأهميته وكثير فائدته، وقد نقلته إلى حروف الطباعة بسبب ردائة خطه ولم أغير فيه إلا الغلطات الإملائية من أجل استقامة قراءة النص، قال:

ص: 198

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين، بعد:

لقد هممت أن أذكر نبذة عن حياة جدي عويد على قدر التقدير، لأني لا أحيط بكثير من الأشياء، من بعده حياة أبي سليمان العويد، ثم من بعده حياتي على قدر ما أفهم وبالله التوفيق.

وهو عويد الفويس العبد الله، كان خراز، وكان كثير ما يسافر للمدينة المنورة أول عمره، وله مداينة مع الفلاحين كثيرة، وأكثر ماداين أرحامه الفاضل حمد وعبد العزيز وصالح، أما حمد فهو أبو نورة الحمد أم إبراهيم الصايغ، وأما صالح فهو أبو عكيه محمد الصالح، وأما عبد العزيز فهو أبو حمد العبد العزيز العويد.

ولكن في آخر عمره (أعني جدي) عقب ما جاء من المدينة صار كثير الهوجاس وكثير النسيان، وصار كثير ما يروح أو يجي بلا فكر، ومرة من المرات راح وقت صرام النخل يبي دينه اللي على الفاضل، يوم جاء وإذا التويجري راعي ضراس عند ابن فاضل يجدّ دينه على ابن فاضل قبل (عويد) قال عويد: وين حقي يا ابن فاضل؟ قال: حقك إلى صدر التويجري، قال: ولا لي شيء حتى يصدر التويجري، قال: أي نعم، قال: أجل وشوله أنقل هذا الدفتر بما أنه انعمس وضاع فكره، جدع الدفتر بالبركة، ويوم أخذ الدفتر إلى به عدمان كله اللي على ابن فاضل واللي على غيره.

وكانه زاد عليه الحوسان وقالوا: إنه مسقى سقوة بالمدينة لأنه يوم يروح صاحي وجاء بلا فكر والله المستعان.

راح (عويد) وراح ابن فاضل ومن له حق يبي يلقاه وويل الظالم من المظلوم، تغمدني الله وإياهم برحمته وعفا عنا وعنهم جميعًا.

ص: 199

توفي جدي (عويد) وله من الأولاد ستة: عبد العزيز أبو صالح أبو لحية، وعبد الله يلقب بالطوب، أرَّث ولدًا مات بالكويت ما تزوج، وأما محمد فهو مات بعنيزة ما أعرف عنه أحد، وأما عبد الرحمن فهو أرَّث ولد ماجود بمكة المكرمة.

وأما إبراهيم وعبد الرحمن وهيلة أم دحيم البطي فذولا أخوالهم الفاضل أشقاء لوالدي سليمان، وأما عبد الله ومحمد فأخوالهم العبيد الله من أهل عنيزة.

توفي جدي (عويد) وأبوي صغير قريب عمره ست أو سبع سنوات عاش في حجر والدته بالعريمضي حتى كبر وصار يتعلم الخرازة مع أخوه إبراهيم ومع أخوه عبد العزيز حتى أتم له من العمر ثلاث طعش سنة أو أربع طعش سنة.

وطرش أخوه إبراهيم لحايل على وقت محمد العبد الله الرشيد وراح أبوي معه وأخذ الصنعة من الجميع، وصار معه فكر وصار يفهم كل شيء وصار يحضر الشعَّار وهم هكا الوقت كثيرون وصار يقضب الجواب (1)، وصار له عناية مع الزقرت إلى جا، وإلى ما جا يدورونه لأنه صار محبوب مع الناس عشر كريم على قدر حاله ولا له ضد، والحمد لله مات وكل يترحم عليه.

وحايل على وقت محمد العبد الله الرشيد هي العاصمة عاصمة نجد، وحائل هكا الوقت به عمي سلامة الفويس وهو من المقربين عند محمد بن رشيد، وله جاه كبير ويقولون: إن أولاد سلامة اثنعشر ولد نقالة السلاح ولا منهم اليوم من يذكر إلا ناس كالأموات فسبحان الذي يُفني ولا يَفنى.

ثم كان عمي إبراهيم شانت نفسه على أبوي، وكان كثير ما يدقه على غير خطأ، ورجع أبوي لبريدة بعد مدة ثلاث سنوات، وقعد في بريدة قريب سنة وطرش للمدينة المنورة، وأخذ به قريب سنة وصار مع صالح المحمد المرشود، وعلي الغانم وابن قربان ورجع إلى بريدة ناوي الزواج.

(1) الجواب هنا: الشعر، ويقضبه: يحفظه.

ص: 200

طب على والدته بالعريمضي وهم بالزواج والأمور ضعيفة.

قدر الله وأخذ بنت لابن محيسن أم الجروان أخته مع عمي عبد العزيز ولا أراد الله بينهم ائتلاف وأخذت في ذمته شهرين وخلاه (1)، وبغي يطرش وعيت أمه إلَّا بعد ما يتزوج ثانية وأراد الله وأخذ والدتنا قبل لا تبلغ (2)، وجعل الله بينهم مودة ورحمة وبركة والله ما تليق بالعقل (3)، وهي حرمت الرجال بعده (4)، والكل منهم وفي، الله يجمعهم في مستقر الرحمة والمغفرة ويجمعهم جميع إنه على كل شيء قدير.

ثم بعد ذلك كثرت المشاغب في بريدة والتصخير، وطرش إلى البكيرية وبصط به معه الوالدة وأخذ له مدة ولا هنا غير المعيشة.

ثم رجع من البكيرية، بعدما جوا من البكيرية وإلى الله رازقهم بمولود سموه عويد، وصار عمره قريب سنتين، والولد صار به جمال وشباب زاهر طلع الولد يمشي مع الأولاد ودخلوا حايط التواجر، والعيال قدامه يلعبون، وعويد مال على البركه ما درى به أحد تناول زهرة من حافة البركة وطاح الولد على وجهه، وبساعته مات، الله لا يحرمهم شفاعته عند الله.

ثم من بعد هذا الوقت حملت أمي بي وأبوي طراش للمدينة والحروب بين ابن سعود وابن رشيد قايمة يومي (5)، وأهل بريدة أميرهم محمد العبد الله أبا الخيل كان مع ابن سعود ثم نقض العهد، وصار حرب الصباخ ثم قاموا رجال أهل بريدة وجذبوا ابن سعود، ودخل البلد صلح بلا حرب، ولا غيره، واستأمنت البلد.

(1) خلاه: خلاها أي طلقها.

(2)

أي لم تبلغ مبلغ النساء بمعنى أنها صغيرة في السن.

(3)

يريد أن ذلك فوق ما يتصوره العقل.

(4)

بعده: أي بعد وفاته.

(5)

أي يوميًا بمعنى كل يوم.

ص: 201

وأما أبا الخيل فهو صك على روحه يوم وليلة هذا وأبوي بالمدينة المنورة أراد الله وأوضعت أمي بي، وكتبوا لأبوي بالمدينة، وبشروه وهو قيل إن جاب الله ولد فهو محمد وإن جاب بنت فهي هيلة.

ثم جاء أبوي من المدينة وأنا لي من العمر سنة وجلس في بريدة والحروب لا تزال بين الطرفين (1).

ثم جت سنة الجوع (2)، وتوقفت الحروب مقدار سنتين، وكل يجمع ويسن ضروسه على الثاني.

ثم لما كان لي من العمر أربع سنوات ارتحل أبوي من العريمضي ونزل بريدة فنزل بدار يقولون له دار القطنيه وهي تقرب لنا من جهة أبوي وأخذ به سنتين، ثم ارتحل من الدار ونزل دار يقولون له دار الخال، وأكثر إخواني ولدوا به، أول الماجودين إبراهيم وأخذ به قريب من ثمان سنوات أو تسع، ثم ارتحلنا منه ونزلنا بدار البصيلي اللي بشرق مسجد ابن كريديس (3).

ثم لما كان لي من العمر خمس طعش سنة أو ست طعش طرشت أنا وأبوي للكويت على طريق الجبيل، لا قرش ولا ريال ولا معرفة ويسهل الله سفينة تبي تمشي بكرى للكويت وإلى هناك شخص يقال له العمري، وأبوي ما يعرفه وخويانا: ناصر السدره وابن سرهيد، وعيال الجروان عبد الله وصالح وجماعة قريب عشرين نفر، ويقضبون بالخشبة (4)، جميع، وإلى حنا جايين مع يحي الخريف ما عطيناه كروة قال: أبد، ما تروحون حتى تعطونن كروه (5)،

(1) يعني ابن سعود وابن رشيد.

(2)

سنة 1327 هـ.

(3)

مسجد ابن كريديس هو مسجد عبد الرحمن الشريدة وابن كريديس إمامه، ويقع في شمال بريدة القديمة.

(4)

الخشبة السفينة.

(5)

أي: أجرة نقلهم من بريدة إلى الجبيل.

ص: 202

قال أبوي: حنا رائحين نترزق الله لنا ولك ومير يأخذ قربة لنا والقربة أنا لافٍ به قلب خروف شارينه من عريج (1)، لفيته أنا، وأبوي ما دري أخذ القربة وخلاه على طويته وخربت القربة لا لنا ولا لابن خريف.

البقية، يوم بغينا نمشي راحوا الخويا، وتسلفوا من (العمري)، على خمس طعشر ربيه وجوا كلهم.

أبوي ما دري قال: وأنا ما أعرفه، قالوا: كلنا ما يعرفنا، وسلفنا.

راح أبوي لمه وعطاه مثلهم خمس طعش ربيه الله يجزاه بالخير ويوسع منازله بجنات النعيم.

ونمشي الصبح (2)، ولا جا تال الليل إلا حنا بالكويت، ونطب الكويت، وإلى الشغل ردي ونبصط (3)، وخويانا كلهم دشوا (4)، الغوص وأنا ما تعلمت السباحة وبديت أطلع أنا وأبوي وعلي شوي شوي حتى تعلمت.

أهل الغوص جوا بعد أربعة أشهر وإلى ما هنا شيء، الجيد ميتين أو ثلاث (5).

وعلى الدور أدش الغوص، وأغوص غياصة جيدة وآخذ أربعة أشهر وعشرة أيام ونطلع ما حصلنا ولا ريال واحد يقولون اللي يعرفون أن النوخذا (6) سروق، ونقول: ما ضايع على الله شيء، ويل الظالم من المظلوم.

(1) عريج على لفظ تصغير أعرج: قصاب في بريدة.

(2)

: أي نركب السفينة لأنهم مسافرون بالبحر.

(3)

: يريد أنهم فتحوا دكانًا يعملون فيه، واتخذوا مبصطًا لذلك الغرض.

(4)

دشوا الغوص: ذهبوا للغوص في البحر بحثًا عن اللؤلؤ فيه.

(5)

يريد مائتين أو ثلاثًا من الروبيات الفضية: عملة الكويت في ذلك الوقت.

(6)

النوخذا: قائد سفينة أهل الغوص وكبير الغايصين في ذلك الوقت.

ص: 203

وإلى أبوي معه فطنة ومعرفة كثير ما يأمل الشيء ويجي على ظنه قال: راح ولدي وأنا ما أمِّل يحصل شيء موجب كل اللي معه مطريه (1)، ما عمرهم دشوا الغوص أكثرهم ما يعرف واللي يعرف على حساب نفسه.

ويوم غلق الغوص وجينا الكويت مع وجوب العصر والاي أنا ورشيد الصقهان جميع قال رشيد: رح مع السوق ذا لابوك تلقاه باصط وايلاي لاق مفتاح قفل بتاروت قلت لرشيد: هذا يفتح بابنا المفتاح مع رشيد وأنا رحت لابوي يوم وقفت على راسه ما عرفني، رايح جلدي الأول وصاير جلد غيره: جلد البحر.

وأسلم عليه هو يبكي وأنا أبكي، قال: سلِّف للبيت، وين رشيد؟ قلت: راح للبيت، قال: دور المفتاح، وهو راح للسوق جاب خبز وراس مصلي (2)، رأس خروف وأنا رحت للبيت يوم جيت والى رشيد فاتح الباب بمفتاحي وجالس يتقهوى قال: وين أبوك؟ قلت: راح السوق شوي.

وإلى يوم جا أبوي الله يغفر له ويسكنه جنات النعيم سلم على رشيد قال: يا أبو محمد أبشر بالرزق.

قال: ما هيب ظنتي وهو خويّ لك، مير الحمد لله على السلامة والعقلان قعد وإلى ما حصلنا جعلناه انصاف نصف نكزه للوالده ونصف نحط به جليدات (3)، المحصول شوي والعيشة وصط.

ويوم أخذنا قريب ثلاثة أشهر أو أربعة وإلى أبوي مالّ وله على عياله ويسهل الله عايلة عبد العزيز الحسن يبون يطلعون على طريق الحفر سنة الرمي

(1) المطرية: جمع مطرِّي بفتح الطاء وتشديد الراء المكسورة: الذي لا يحسنون الغوص، ولكنهم يرافقون الغائصين.

(2)

الرأس المصلي: الموضوع بقرب النار دون أن تباشره حتى ينضج.

(3)

جليدات: تصغير جلود أي يشتري به جلودًا.

ص: 204

بمكة على ردود الحجاج ويسهل الله ونطلع معهم ونستأجر بعير من سليمان الفراج الماجود هالحين في جنوب بريدة، ونطلع على الحفر والله ما معنا إلَّا عن اليمين ريال فرانسي كان أبوي الله يغفر له يبيه لراع الباب (1)، معنا جلود ويخاف يمنعه راع الباب يبي يصبطه (2) به، لعلهم ما ناظروهن.

ونمشي ومن مشينا من الكويت والسما يمطر والرياض تمشي وتصير سنة خير الفقع على عشرين وزنة بالريال وعلى خمس وعشرين والعدل اللي يالله يشيله اثنين بريالين لكن الريالين وين هن؟

ونطب بريدة بالسلامة ما رأينا من فضل الله مكروه غير الكسافة والحمد لله.

ويوم طبينا إلى حال للبصيلي كروة سنتين (3)، وإلى ما هناش غير بشت شاريه أبوي ويوم شاف الحال قال: أصبر أنا والناس ما يصبرون.

باع البشت وتسلف مع قيمته وعطا البصيلي، وحنا بوقتنا سنة 1345 هـ ألف وثلاثمائة وخمسة وأربعين، ويوم أخذت قريب ستة أشهر أو سبعة طرا عليّ الحجاز أبي العسكرية، إلى الحجاز عاقبة الحرب يوم الشريف حاصل عليهم جوع عظيم وقل (4)، والعسكرية لها سنتين توه متاسسة والقايد صالح ابن دخيل من قبله عبد الله بن عيسى وصار معه حراره وابن سعود وده يتهدية الأمور ويحط محله صالح بن دخيل (5)، وتصير صوله مع سمع به من قريب وبعيد جا للعسكرية والمعاش نيرتين.

(1) أي باب الكويت الذي يراقب البضائع الصادرة والواردة إلى الكويت.

(2)

يصبطه: يسكته من أبسط الرجل إذا سكت.

(3)

أجرة سنتين للدار التي هم ساكنون بها.

(4)

القل: قلة النقود وشدة الحاجة.

(5)

صالح بن دخيل من الدخيل أهل بريدة، مثلما أن عبد الله العيسى من العيسى أهل بريدة.

ص: 205

ويوم هن يطلعن والناس بخير وأطب أنا سنة ست وأربعين بجماد آخر وأكتب قبلي (1)، وأصير مع علي المنيِّع بشعب عامر نخرز وحنا على سلك العسكرية وإلى أنا خابر أن أبوي بايع بشته واشتريت بشت شمال حمر دربوجه عليه لبسه بنيرتين إلى طلع المعاش من جلوي العلي السرهيد وشريت معه جلود صختيان أما خمسة أو ستة قبل لا أحصل شيء أبي أبوي يذوق نفعي.

وهيهات ما أراد الله، والمناولة بعيدة، توفاه الله قبل لا يكسر (2)، خطي والحمد لله فكل شيء بقضاءٍ وقدر.

طبن علي ولد عمي صالح أبو لحية وباعهن وأصرفهن على العيال إخواني والحمد لله إن شاء الله إن النية بلغت به.

وأخذت قريب من سنتين وأخذ رخصة وظهرت في أول سنة ثمان وأربعين وأتزوج ونظهر من بيت البصيلي القبلي وننزل في البيت الشرقي وهو تبع البصيلي وأخذ قريب من سنة، والأمور ردية على الناس كلهم، ويطري لي المطراش (3) لمكة، ويدري الله يرحمه دحيم الخريصي أني أبطرش وإلى أخوه عبد العزيز (4) بمكة، والأمور ردية المعاش شوي قال: إن أخوي بالعسكرية وأخاف إنه محتاج كان عليك عازه قلت: ودي أشري بعير، قال: اشتر واللي تحتاج علمن.

اشتريت بعير بخمس وثلاثين ريال وقال: إلى طبيت عطهن أخوي.

ونمشي أنا وإبراهيم أخوي على نية أنه يبي يكتب عسكري وما أراد الله هو صغير هاك الوقت.

(1) أي في الحال.

(2)

الخط الرسالة وكسر الخط فتح الرسالة، ويعني ذلك أن والده مات قبل وصول كتابه إليه.

(3)

المطراش: السفر.

(4)

والى أخوه: وإذا أخوه.

ص: 206

والمدير عظل (1)، صاير ابن صلطان من أهل ضرما ولا نفع به وجاهات.

ونكتب (2) وتجري السبلة (3) وحنا بمكة وتقطع المعاشات بعد أربعة أشهر أو خمسة نعطي معاش واحد ناس لحقهم الدوب (4) بأنفسهم من الجوع، أحد يتحيل ويتدين واحد دلى (5) يشتغل وتعلق.

حنا من اللي يشتغلون أنا وعبد الله الجبيلي ومحمد الذيب (6)، ومحمد الفسق هو وأخوه علي وعبد الله الهويشل، ومحمد الجبيلي وصالح الزيد كلنا نشتغل.

أراد الله وانقضت السبلة وجرى حرب اليمن وقشور (7) العسكر كلهم إلَّا قريب عشرين نفر من بريدة وعشرين من الدواسر أنا من اللي قعدوا وخويانا كلهم راحوا وجميع اللي راحوا ما رجع من الخمسين إلَّا عشرة أو خمس طعش، واللي جوا مرضى وهم ما هو حرب مرض غيار هواء واختلاف ماء، راحوا أربعة وخمسين ولا جا إلَّا عشرين مرضى كلهم (8).

جلسنا حنا نشتغل وبعد خمسة أشهر أو ستة جا خبر خالي أبو دحيم البطي أنه توفي عليه رحمة الله وعزم ادحيم على الروحه لأهله ومشى، وراح أخوي إبراهيم معه على بعارين.

(1) عظل: شديد في المعاملة.

(2)

أي دخلوا العسكرية وكتبوا أسماءهم ضمن الجنود.

(3)

السبلة واقعة السبلة عام 1347 هـ بين الملك عبد العزيز والأعراب الذين كانوا يسمون الإخوان.

(4)

الدوب: الشدة في الجوع.

(5)

ودلي: بدأ.

(6)

أصبح محمد الذيب بعد ذلك قائدًا للحرس الملكي آخر زمن الملك عبد العزيز وأول زمن الملك سعود.

(7)

قشوا: جمعوا.

(8)

يريد أن 34 منهم ماتوا هناك ولم يرجعوا.

ص: 207

بعد ثلاثة أشهر أو أربعة طلبت رخصة (1)، ورخصوا لي واللي طلب الرخصة واللي ما طلب رخصة كتبوه شرطة مثل محمد الذيب، ومحمد العطيشان وصالح أبا الخيل وعودة العبد الله ومقبل الرشيد وأخوه وناس واجد (2).

أخيرًا طلعنا وطبينا بريدة بالسلامة، والأمور ردية والمحصول شوي.

طلعنا في آخر سنة الخمسين بعد ثلاثة مائة وألف ثم جا وقت الحج واستأجرنا بعير أنا والوالده، وحجيت به أول حجة وهي في مرض عيونه وحده رايحه، ووحده به ربع شوف ونأخذ الناقة في ثلاثين ريال فرانسي كروة نركبه كلنا ونتخاوي حنا وعكيه (3)، يكون ولد خال أبوي ونتخاوي والرشودي عبد الله العبد العزيز بلقب سنانيك رجل طيب وكريم (4).

وينتهي الحج ونظهر ومن مشينا من مكة إلى ما وصلنا بريدة والسما يمطر والأرض تمشي ونرجي أن الله يتقبل منا ومن المسلمين آمين.

ونجلس في بريدة نخرز والشغل ردي وينوي إبراهيم الروحة للرياض، ويمشي مع ابن عبد الرزاق ويطب الرياض، ولا عارف ولا معروف ويتخاشر هو وإبراهيم الفهد العشوا ويأخذ له مدة قريب سنة ويجي لبريدة وأنا به (5)، ويأخذ له مدة قريب ثمانية أشهر ويرجع للرياض ويبصط على احسابه وأخذ قريب أربع أشهر أو خمسة بعده.

ومشى للرياض مع عقيل الجزاع.

(1) يعني استقالة من العمل لأنه لا يزال في سلك العسكرية.

(2)

هؤلاء كلهم من أهل بريدة.

(3)

عكيه: من (الفاضل) سيأتي ذكرهم في حرف الفاء.

(4)

الرشودي: هذا الملقب سنانيك ليس من أسرة الرشودي المعروفة، وإنما هو من السكاكر.

(5)

بَه بفتح الباء: فيها.

ص: 208

وأطب أنا الرياض ولا أرغب ويضيق صدري وآخذ مدة وأرجع لبريدة أشري بعير ونتخاوي حنا وعلي السعد الصانع ومحيسن العبد العزيز ولد عمي ونطلع من الرياض نمر شقرا، قال علي السعد: أن مجينا على نفود السر إنه أخصر للدرب، فمدينا معه قلنا بهواك حنا ما نعرف شي.

ونمشي مع النفود خمس ساعات ونطلع على عين ابن قنور ونمرح عندهم ويكرموننا الأجواد على قدر الحال.

ومنه نمشي مع الشمس، ويا الله ناصل المذنب بعد المغرب وإلى السما يمطر والأرض تمشي ونلفي على ابن حلال ونمرح عنده جزاه الله خير.

انتهت هذه الأوراق المفيدة التي كتبها محمد الطامي ونقلتها من خطه الرديء، وهي صادقة الدلالة، صريحة العبارة، لم يحاول صاحبها أن يضيف شيئًا لنفسه، بل إنه ذكر شيئًا لو كان الكاتب غيره لما ذكرها وذلك من قبل ذكر الصعوبات المالية والمشقات التي صادفته في حياته.

ومن ذلك ما ذكره عن جده عويد، وأنه سافر إلى المدينة وكان فكره صافيًا، وذهنه صحيحًا، وعاد منها على غير تلك الحالة، وقال: بعض الناس يقول: إنه ربما أنه سقي سقوة في المدينة، و (السقوة) عندهم شيء يسقى للمرء يعتبرونها نوعًا من السحر فيحب من لا يحبه، ويشتغل به عن غيره.

وإلَّا فإن لدينا أوراقًا عن جده عويد تثبت أنه رجل أعمال وثري يداين الفلاحين، وهذه ليست من دفتره الذي ذكر أنه رماه في البركة، ونحب أن نضيف هنا أن محمد أبو طامي ووالده وإخوانه كانوا أرباب صناعة وكانوا مجيدين لها وليسوا ممن يقتلهم الجوع ولكنهم يذهبون إلى المدن الأخرى بحثًا عن الأفضل.

ص: 209

ثم يجب أن نضيف أنهم بعدما ذكره حصل لهم رزق كبير بل حصلت لهم أموال وأرزاق وأبناء وبيوت يملكونها والمراد بذلك محمد أبو طامي وإخوانه، مثل كثير غيرهم من المواطنين ولله الحمد.

وهذه صورة الصفحة الأولى من مذكرات (محمد أبو طامي) بخط يده:

ص: 210

والثاني من أبناء سليمان أبو طامي هو إبراهيم وهو مؤلف كتب وأديب شعبي معروف، وقد طبعت له عدة مجلدات، منها:"نزهة النفس الأديبة، في الأخبار الغريبة"، وهو فريد من حيث كون مؤلفه سجَّل فيه أخبارًا وأحداثًا ونوادر وقصصًا لم تسجل من قبل في الأدب النجدي.

مما كان يتردد على أفواه العامة إلَّا أن أسلوبه فيه ليس سلسلًا لأنه ليس فصيحًا طليًا ولا مليحًا عاميًا، بل هو وسط بين الأسلوبين، وليس خالصًا لأحد الاثنين.

وله كتب أخرى كلها اختيارات من كتب قديمة وهي:

- المنتقى.

- فصول في الدين والأدب: (جزءان).

- رسالة في العقيدة.

- ديوان من الشعر النبطي المختار.

- ديوان من الشعر العربي المختار.

ولإبراهيم المذكور شعر عامي متوسط.

عندما اطلعت على كتاب (نزهة النفس الأديبة: في القصص والحكايات الغريبة) لإبراهيم أبو طامي رأيته سجل قصصًا وأشياء لم تسجل من قبل فحمدت له ذلك وشجعته على المزيد، وإن كان أسلوبه عاميًا، فهو لم يعرف النحو ولا البلاغة، ولكن ذلك لا يعيبه لو كان تكلم بعفوية وبدون محاولة التفاصح ومع ذلك وجد من يصحح له أكثر الأخطاء النحوية.

وقد نشر بعد ذلك كتابًا في المختارات يلتقطها من الكتب الأمهات المنشورة المعروفة فأشرت عليه بأن يترك ذلك ويتجه إلى ما بدأه أول مرة

ص: 211

وهو تسجيل ما لم يسجل أو يطبع من الأدب الشعبي والقصص التي تتعلق بالأسر، ولكنه لم يقتنع بذلك وصارحني بأن هذه الاختيارات جيدة، ولذلك لم يكن لها من الأثر عند الناس مثلما كان لكتابه (نزهة النفس الأديبة).

هذا مع كونه يختصر بعض القصص ويستعجل النتائج منها، وبعضها يحذف أبطالها الحقيقيين بحجة أن المقصود هو الرمز منها وليس ذكر الأشخاص.

وعلى أية حال فإنه مثل أخيه محمد في كونه متميزًا بهذا الشيء وأنه جاء بما لم يجيء به معاصروه من الناحية الأدبية.

والغريب أنه إذا تحدث عن بعض القصص بعفوية وبأسلوبه العامي المطعم بالفصيح كان لحديثه الشفهي حلاوة وعليه طلاوة، بخلاف ما إذا كتبه وقصد أن يكون بالفصحى.

ولإبراهيم الطامي كتاب بعنوان: (ديوان من الشعر النبطي المختار) ذكر أنه اختاره من دواوين عدة، ومعنى ذلك أنه نقله أو أكثره من دواوين مطبوعة.

ومن المعلوم أن أكثر هذه الدواوين محرفة، لأن القائمين على طبعها لا يعرفون كيف يصححون أخطاء المطابع، وكل من طبعها بعد ذلك أضاف غلطًا جديدًا إلى الغلط القديم فيها، ولم يسلم الديوان هذا من ذلك، فهو يزخر بالتصحيف والتطبيع حتى تصعب قراءة بيتين أو ثلاثة منه من دون أن يجد قارئها شيئًا من ذلك فما بالك به كله.

وخير ما فيه ترجمة للشاعر محمد العوني التي كتبها في أول الكتاب لأنه بدأ به قبل غيره من الشعراء، ولولا ما في أسلوبه من جمل وتعابير غير معروفة في الفصحى أو غير مستساغة فيها لكانت مقدمة رائعة، وقد طبع الجزء الأول في مطابع القدس بالقصيم في 231 صفحة.

ص: 212

وقد حفل الكتاب بالتطبيع والتحريف.

وهذا كله يؤكد ما سبق أن أشرت عليه به بأن يتجه إلى تسجيل ما لم يسجل من القصص والأقوال الشعبية، ومن أخبار الرجال المعاصرين الذين قبله لأن ذلك هو الذي يحتاج إلى تسجيل.

وهو الذي له فائدة عظيمة إذا سجل، وبخاصة أن الأستاذ إبراهيم الطامي كما أعرفه هو قادر على ذلك فهو إخباري مجيد، وإذا تكلم بسجيته ولهجته صار كلامه جميلًا وله وقع حسن.

أما النقل من دون تحقيق ولا شرح ولا مراجعة فليست فيه فائدة إلا المزيد من الأخطاء والمزيد من التحريف والتطبيع.

وألف إبراهيم الطامي كتابًا آخر بعنوان: (ديوان من الشعر العربي المختار) يريد الشعر الفصيح وطبع في مطابع المنار بالقصيم في 189 صفحة (لم يذكر تاريخ الطبع).

قال في أوله: (تفاؤلًا وتيمنًا وتباركًا توجته برأي المصطفى حول الشعر والشعراء وشعراؤه صلى الله عليه وسلم واخترت ما قيل فيه من مراثي ووقائع اعتزازًا بالإسلام وفضله وختمته بالمعلقات العشر بدون شرح ولا تعليق، وحرصًا على المنفعة العامة والخاصة، خدمة لديني ودولتي ومجتمعي، سائلًا من الله العون والسداد، حيث إنه الملجأ والملتجأ لذلك والقادر عليه وصلى الله على محمد).

انتهى: وتكفي قراءة هذا التقديم لمعرفة مستوى الكتاب، وأوله تعبيره عما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم بأنه رأي المصطفى، ثم المعلقات التي أخذها من أحد الكتب أو أوردها محرفة مع أنها لا يفهم أكثر الناس معناها الصحيح إلَّا بشرح.

ص: 213

كتب إليَّ إبراهيم أبو طامي ما ملخصه عن سيرته:

كنت أول من خدم الوطن أيام النقل بالسيارات الكبيرة، قبل تحسين الطرق، فكنت أتردد ما بين بريدة ومدن المملكة الأخرى.

قال: وكدت أهلك ثلاث مرات رأيت فيها الموت عيانًا.

أولاها: في الحناكية، ذهبت وحدي أبحث عن قريب لنا وتركت السيارة مع الركاب، وكان ذلك في الليل، فتبعني ذئب جائع كاد يأكلني ورأيت الموت في أنيابه عيانًا لولا أنني وصلت إلى جدارٍ من الشوك على بستان فقفزت منه إلى داخله.

والثانية: ركبت دوبه وهي كالسفينة لنقل البضائع والأشياء الكبيرة، وذلك من الدمام إلى البحرين فانقلبت بنا، ووقعنا في البحر قبل أن نبعد عن الدمام فسبحت مدة حتى قيضت لنا سفينة رأتنا على البعد فأنقذتني ومن معي.

قال والثالثة: تعطلت بنا سيارتنا في قلب الصمان وفي شدة الحر، وليس معنا ماء.

قال: وشرب رفاقي بولهم من شدة العطش، ورأيت الموت عيانًا.

وهذه الحوادث كلها وقعت ما بين عامي 1360 - 1370 هـ.

وقد كتب إليَّ رسالة فيها شيء من ذلك رأيت نشرها هنا لأنها تلقي ضوءًا على أسلوبه في الكتابة، وتوضح ما كان يعانيه وأمثاله من أخطار، وتوضح شيئًا أهم، وهو أنه لو أتيحت له وأمثاله فرصة التعلم من الصغر والتشجيع على الكتابة والتأليف لكان له شأن آخر.

ص: 214

بسم الله الرحمن الرحيم

فضيلة الشيخ محمد العبودي - حفظه الله تعالى من كل آفة وأمنه من كل مخافة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وطابت أوقاتكم بالمسرات ولا زلتم رافلين بأثواب الصحة والعافية والعزة والكرامة.

فضيلة الشيخ أشار عليّ بعض الأصحاب بالكتابة عن الحياة ولا أخفاك الباع قصير والميدان أقصر والعلم ما فيه، هناك جُرءة وإقدام مثلما تتليه أخوك، ولا أزال مستمر.

صاحب الفضيلة: والعلم شهادة ابتدائية ومعهد ليلي، وطلب علم على عدة مشايخ ورفقة طلبة علم وعلماء وخبرة تدريس لمدة 18 عام، والحياة قاسية وقتها على الخاص والعام، بالأسفار قبل البلوغ، وغناء، وفقر وأخطار ثلاث وفيات لولا عناية الله ولطفه وباقي أنفاس وذرية لابد خروجها واستيفائها: واحدة مع ذئب معركة تزيد عن الساعة والنصف وأخرى ظمأ بالصمان اضطررنا لشرب البول وأنقذنا الله بأعجوبة كتبتها بمؤلف سوف يطبع هذا العام يحول الله وأخرى غرق بالبحر برأس تنورة أدركتنا عناية الله ولطفه، صاحب الفضيلة: الجد على خلاف الناس فيه من يدعي أنه شمري ومن يدعي أنه إعنزي ومن يدعي أنه عسكري، العمري سليمان المحمد يقول شمري وأبناء العم بحائل والمدينة وخلق كثير في عدد من البلاد، يجمعهم سلامة أحد أبناءه وفويس حسب ذكر أبناء العم اسمه عبد الله عنزي من أهل تيماء في القرن الحادي العشر تقريبًا يدل أنه في ذلك حيثه قبل سور حجيلان له ملك نخيل فيه نواضح يبتدي من دكاكين الغمازى وينتهي في مسجد أبا بطين من الحنيني وطبعًا هو قبل ذلك لابده يكون بالصحرى اسمه عبد الله ويقال تغلب لقبه بفويس لما سئل عند عقد القران عن أصله قال هو الفويس يبين أنه حطاب خلف من

ص: 215

الذرية ثلاثة بنين وثلاث بنات البنين عويد أكبرهم جدنا وسعدون جد السعدون معظمهم سكنوا حائل وسلامة كذلك سكن حائل هو أكثر الأبناء ينتمي إليه عالم في حائل والمدينة وعمان وبريدة وحماله ثمانية فرسان خياله ذكر لي أحد مشائخ حائل أنهم من خيرة الشجعان ومن أقدم المقدمين لدى محمد بن رشيد حتى إنهم أكرمونا في حائل كل الإكرام لما عُلم أن سلامة عمنا ولفويس ثلاث بنات وأحدة جدة لآل غنيم وواحدة جدة لآل هديب والثلاثة جدة لآل دخيل ولا داعي لذكر ذلك إلا لإحاطة فضيلتكم بذلك وأنا الآن أب لما يزيد عن عشرة ذكور ومثلهم بنات والمقبرة فيها رزق موتي، والذي أعتز به وأفتخر بدون تزكية ما علمت من نسل فويس طيلة هذه القرون وبعددهم الكبير أن حصل من أحد منهم ما يخل بشرف ودين جعل الله صلاح الآباء يدرك البنين كما والحمد لله أتمتع بمحبة مواطني مشايخي وحكومتي وبدون تزكية والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وصحبه وجعلنا وإياك أعضاء صالحين نافعين منتفعين كل على قدر حاله وطاقته.

أخوك بالله

إبراهيم السليمان الطامي

وقد نقل ابنه سلميان بن إبراهيم الطامي عنه قصة كاد يتلف فيها عطشًا هو ومن كان معه فقال:

هذه السالفة رواها لي والدي رحمه الله الذي توفي يوم الأربعاء 22/ 4/ 1422 هـ والتي جرت عليه وعلى اثنين من رفقائه في السفر.

الأول: حماد بن إبراهيم الرسي الذي توفي بالرياض يوم الأربعاء 5/صفر 1423 هـ رحمه الله والسالفة جرت في صيف 1365 هـ.

ص: 216

والثاني: وهو المعاون (المساعد) في قيادة السيارة واسمه محمد بن إبراهيم الخلف توفي شابًا رحمه الله.

يقول: كنا مسافرين نحن الثلاثة، وأنا قائد السيارة إلى قرية (الحني) وهو موضع ماء أقامته الدولة في ذلك الوقت للمسافرين على طريق الأحساء، لم يحدد الموقع بالضبط نظرًا لضعف ذاكرة الوالد.

وفي منتصف الطريق والفصل من السنة صيفًا بل وفي شدة القيظ، في شهر يوليو (تموز) أو أغسطس (آب) حيث ترتفع الحرارة إلى ذروتها.

وفي أثناء الطريق كنا نسير ونقف حيث السيارة قديمة وعزمها رديء وبين فترة وأخرى تغرز في الرمال فنقوم بدفعها، وهكذا حتى انقضى وقود (بنزين) السيارة، وكان الوقت ليلًا، ونرى أنوارًا من بعيد.

فقلت لصاحبي الحمد لله، هذه البلدة التي نريد وصلناها، هذه أنوارها فلنسرع وننام، وعند طلوع الفجر إن شاء الله تذهب أنت يا (حماد) والمعاون محمد وتحضران لنا البنزين ريثما أنا أجهِّز القهوة.

نام الجميع وسط رمال الصمان (1) بينما الأنوار التي رأوها ما هي إلا أنوار سيارات توقف أصحابها للعشاء والاستراحة ثم مواصلة السير ليلًا جماعات لأن المكان مهلكة، فالداخل مفقود والخارج مولود.

ولقد تجاوزنا أصحاب تلك السيارات ونحن نائمين لم نعلم بهم!

يقول الوالد: بعد طلوع الفجر قمنا من نومنا وصلينا الصبح وأخذ كل من إبراهيم ومحمد جالونًا لتعبئة البنزين به، من الموقع المفترض أنه البلدة التي نقصدها، ومشيا من عندي.

(1) يريد رمال الدهناء.

ص: 217

يقول الوالد: لاحظت أن حماد التفت إليَّ عدة التفاتات لم أفهمها بل استغربتها منه.

غابا عني ترفعهما طعوس الرمال وتخفضهما، شرعت في عمل القهوة، طلعت الشمس وارتفعت وبدأت حرارة الجو تلتهب شيئًا فشيئًا، وبدأت أقلق على رفيقي، لماذا تأخرا؟ فصرت أسير على أثرهما الذي لم تمحه العواصف فأسير مسافة وعيني مرة على السيارة كي لا أضيعها ومرة على جهة رفيقي، وكلما ارتفعتُ ناديت بصوت عال يا حماد، يا محمد، فلا يجيبني إلا سكون الصحراء ورياحها التي تهب مزمجرة حولي!

فقلت في نفسي مقدرًا زمنهما: ساعة ذهاب، وساعة عودة، وساعة بحث عن محطة وقود، ثم أقول لا، بل ساعتين ذهاب ومثلهما عودة! وهكذا من التخمينات وأخيرًا قلت لنفسي لعلهما جلسا بالقرية خوفًا من الحر الشديد، وقالا إبراهيم أبو سليمان عنده ماؤه وقهوته وطعامه يتصرف، ونحن نجلس بالقرية حتى العصر، فإذا خفت الحرارة نعود لأبي سليمان ومعنا الوقود وهكذا من التخمينات وتطمين النفس!

يقول الوالد: لم أشرب قهوتي من القلق على رفيقي، حلَّت القيلولة وجلست تحت السيارة التي تسفها الرياح تدخل من جهة وتخرج من أخرى.

وإذا لمست حديد السيارة من باب أو صندوق كوى يدي من شدة الحرارة.

وبعد العصر بقليل سمعت صوت سيارة تقترب مني شيئًا فشيئًا، فأشرت لقائدها بيدي فوقف ونزل من سيارته وسلمت عليه وعرضت عليه القهوة، ترك سيارته شغالة لئلا تنطفئ فتخرب، وجلسنا أنا وهو على قهوة الصباح، فقال القائد ما أتى بك إلى هنا؟ هذا المكان ما تعرفه؟ ! اسمه (قبر جويعد) الذي مات فيه ستة أشخاص قبل فترة من موظفي شركة أرامكو، ومات فيه صاحب السيارة الونيت (بكب) ومات فيه، ومات فيه، وراح يعدد من مات في هذا المكان!

ص: 218

يقول الوالد: فقلت له وأيضًا مات اليوم فيه رفيقاي، ذهبا يحضران بنزين ولم يحضرا بعد لأننا رأينا ليلة البارحة أنوار ظنناها هي القرية التي نقصدها (الحني).

قال القائد الأنوار التي رأيتم هي أنوار سيارتي ورفقاي واقفين للاستراحة وتناول العشاء ولا نسير إلا ليلًا بعد ما يبرد الجو، وقد ممرنا من عندكم ليلة البارحة وقد عدت أنا لجلب إطارات لبعض سياراتنا حيث انفجر عدد من الإطارات دفعة واحدة.

ولا عندك هنا قرى لا (حني) ولا غيرها: وعندك الأمير ابن جلوي اشتكني عليه، لأنني لا أستطيع مساعدتك بهذا المكان!

يقول الوالد: وضع القائد فنجان القهوة وركب سيارته ومشي أما أنا فلم تعد تحملني رجلاي والقلق يساورني والإحباط أخذ من جسمي كل مأخذ.

عندما سار الرجل حوالي ثلاثة أو أربعة كيلو مترات عاد وقال: الله أعلم أنه مرسلني لك بسبب تعطل سيارتنا، فخذ قليلًا من البنزين وتيسر أنت من خط وأنا أسير من خط آخر متوازيين لعلنا نعثر عليهما قبل حلول الليل.

فقلت: كثر الله خيرك!

صرنا نسير هو بسيارته وأنا بسيارتي على خطين متوازيين ولم يغب أو يختفي بعضنا عن بعض، إلا أنه أسرع سيرًا مني لأن رجلاي صار بهما رعشة قلقًا على حماد ومحمد وأتخيلهما ميتين وماذا أعمل بهما؟ ! يقول الوالد: سرنا مسافة حوالي عشرين كيلًا، فإذا بقائد السيارة يصيح ويصرخ أبشر يا إبراهيم، أبشر يا إبراهيم هذا واحد منهما، أسرعت بسيارتي، نزل الرجل وركض إلى الرجل المنطرح أرضًا وبجانبه الجالون.

ص: 219

نزلت أخذ الرجل جزاه الله خيرًا بيدي صاحبي وأقعده ثم أنفضه عدة مرات حتى شخر، وهو المعاون محمد، وإذا بلسانه قد خرج طوله حوالي عشرين سنتمتر وبدأ يؤشر بيده ماء

ماء!

يقول الوالد في سالفته: زاد هلعي هلعًا أكثر من هذا المنظر: قال الرجل قائد السيارة لا تعطه ماء، ذهب إلى سيارته وأحضر دهن وخلطه مع تمر وصار (مريس) فنقط بحلقه عدة نقاط من المريس: ثم حمله ووضعه في سيارتي، وقال خذ هذا المريس وأعطه بين كل فترة وأخرى ولا تعطه ماء، وامش ندرك رفيقك الآخر (حماد).

يقول الوالد: سرنا بضعة أكيال من مكان محمد: فإذا بالرجل يصيح بأعلى صوته: أبشر يا إبراهيم هذا حماد جالسًا، أبشر إنه حي، وصلنا إلى حماد ونزلنا إليه مسرعين، وبدأت أناديه وأنا فوق رأسه واقفًا حماد، حماد بالرغم من أن حلقي ناشفًا من هذا الموقف ولم أذق من البارحة شيء إلا اللهم الماء!

أعطاه الرجل قليلًا من الدهن والتمر (المريس) وقال: حماد أريد ماء، قال الرجل أصبر، وذهب إلى المعاون محمد وأعطاه قليلًا من الماء حتى استرد وعيه، ثم أعطى حماد مثله، وهكذا أخذ الرجل يسعفهما وأنا شاخص لا حراك بي!

وعندما صحا حماد قال: يا إبراهيم أين المعاون محمد؟ قلت هو بخير هو الآن بالسيارة، قال: الحمد لله، أنا خفت عليه لأنه بدأ يشرب (بوله) أعزكم الله، وأعز القراء، وعندما انتهى بوله صار يطلب مني بول ويلح علي وأنا أحذره من هذا لأنه سيزيد عطشه، ولكن الحمد لله.

وأنا يا إبراهيم ما صحوت إلا قبل دقائق فقط من مجيئكم عندما برد الجو وهبت (الصبا)(1)! وإلا آخر خبر بنفسي والدنيا منذ سقطت على الأرض

(1) ريح باردة تهب على نجد من الجنوب الشرقي!

ص: 220