الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان ريقه ناشفًا ولا يستطيع فتح فمه، لشدة التصاق شفتيه، إلا أنه لم يكن معه ماء مطلقا، فأخذ قليلًا من بوله بيده وفك به شفتيه، ثم تفقد الراحلة فوجد أن الرصاصة التي أصابت الناقة لم تصب مقتلًا.
الفصل الخامس:
تابع مسيره ليلا قاصدًا الرياض فوصلها بعد عناء وتعب حيث أخذ منه العطش مأخذه، وبعد وصوله إلى الرياض أقام فيها عدة أيام حتى استرد فيها عافيته وعافية راحلته بعد أن عالجها، أما القافلة فقد تابعت مسيرها إلى الأحساء بعد انحسار الغارة ومن ثم لحق بها.
الفصل السادس:
انتشر خبر الغارة وخبر فقد مزودة الذهب وقد تابعت القافلة مسيرها بعد عدة أيام إلى الأحساء، فجاء أحد أصحاب الأمانات وكان قد علم بالخبر، لكنه لم يصدق، وهو من سكان الأحساء ويسمى العجاجي، وأخذ يقرره شاكًا بأن ما حصل غير صحيح، وأن محمد انتهز فرصة الغارة فأخفى الذهب، وظل الأمر على هذه الحال عدة أشهر وهو يحاول أن يقرره ويرسل له وسطاء مغريًا إياه بأنه سيعطيه جزءًا من الذهب، فغضب عليه محمد وقال له: إن هذا اتهام بالخيانة ولا يمكن أن أرضاه لنفسي، وهدده بأنه لن يحمل له أو منه أية أمانات بعد اليوم.
الفصل الأخير وهو وجود المزودة وظهور براءته:
استمر الحال في السؤال عن الذهب فجاءت الأخبار بأنه يوجد رجل يمتهن عمل الفحم في مكان وقوع المعركة، وأنه قد تغيرت حاله فجأة، فشيد بيتًا من الشعر مروبعًا، وتزوج واشترى فرسًا، فذهب إليه التجار أصحاب الأمانات ونزلوا عليه وفاتحوه في الأمر فأنكر في البداية أنه وجد أي شيء من هذا القبيل فقالوا له: نحن نعلم أنك قد وجدت المزودة، وأنت الآن بين خيارين لا ثالث لهما:
إما أن تعطينا المزودة بما فيها وما أخذته منها فهو لك حلال وإلا فسنضطر للخيار الثاني وهو أن نرفع أمرك إلى الأمير عبد الله بن جلوي، وأنت تعرف ماذا يعني ذلك.
فقال الرجل: تعاهدونني على قولكم الأول؟ قالوا: نعم، فعاهدوه، فأعطاهم المزودة ووجدوا أنه لم يأخذ منه إلا جنيهات قليلة، وكان وقتها قد ارتفع سعره أضعافًا، فكسب أصحاب الذهب مكسبًا هائلًا.
فجاءوا إلى محمد يطلبون منه السماح، ويعرضون عليه ما يريد، فقال: إنها أمانة قد أخرج الله براءتي منها وهذا يكفيني.
ومن الطرائف العجيبة أن ذلك الرجل الذي حاول قتل محمد قد قابله في أحد أسفاره بعد مدة، ولما تعرف عليه رحب به هو وقبيلته واسمه شالح، وقال له: والله يا الحميدي وإن ما ثارت بندقي إلا بلحم إلا أنت خلص فشقي، وأخر وحده خليتها بالناقة، ولكن لم تصب، فسبحان الذي نجاك مني.
خاتمة: بعد أن انتهى زمن الترحال، استقر في آخر حياته في بريدة وأسس فيها أول مصنع بلك عام 1382 هـ، ويقع بجوار مستشفى بريدة المركزي من الجنوب، ثم تغير موقع المصنع عدة مرات حسب اتساع المدينة إلى أن توفي عام 1403 هـ رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
كتبه ابنه: عبد الله بن محمد الطريقي مدير المالية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فرع القصيم.
وأقول: قصة مزودة الذهب هذه رواها لي سليمان بن عبد الله العيد على الوجه التالي:
وذلك أن الذهب غلي مرة في الأحساء والكويت حتى وصل سعر الجنيه الذهبية إلى تسعة ريالات، وكان الكويت مغلقا بسبب التشديد في معاقبة المهربين.
فأخذ محمد بن صالح الطريقي جنيهات ذهبية من عدد من أهل بريدة بضاعة، أي مضاربة يبيعها في الأحساء ويأتي ببضائع بثمنها، والربح بينه وبين أهلها.
وقد جمع مجموعة من الجنهيات كثيرة من بريدة جعلها في مزودة، وحملها على ناقته وسافر، وفي آخر النهار من يوم من الأيام التي كان فيها من الصمان غير بعيد من الأحساء خرج عليه قوم من اللصوص، وقطاع الطريق معهم بنادق ومعه بندق ولكنهم نحو العشرة فهرب منهم، وصاروا يترامون هم وإياه حتى غربت الشمس وأظلم الجو، وكانوا أصابوا علاقة المزودة برصاصة فسقطت من دون أن يعلم وفيها الجنيهات فعاد إليها في الليل بعد أن كفوا عنه وبحث عنها ولم يجدها لأنه كان في حالة غير طبيعية.
وذهب إلى الأمير عبد الله بن جلوي أمير الأحساء وقص عليه القصة فأمره بكتمان الأمر، وسأله عن المكان التي وقعت فيه المزودة، فأخبره، فطلب ابن جلوي من الذين يسكنون فيه من أهل البادية فقال لهم إذا فقدتم أحدًا فخبروني فبعد شهر جاءوا إليه، وقالوا: فقدنا فلان ذهب إلى مكة، وقيل: إنه اشترى فيها بيتًا فطلبه من أمير مكة المكرمة.
وقال له ابن جلوي: علمنا وعليك الله وأمانه ما يمسك شيء وين المزودة والجنيهات اللي فيها، إلَّا فاوالله إني لأقطع رأسك.
فأقر، وأتى بما معه منها وباع البيت الذي في مكة وسلم قيمته للطريقي مع باقي النقود.
وفي الختام تذكر أن (المزودة) تعني كيسًا محاكًا حياكة قوية خاصة وعلى إطاره الخارجي جلد أيضًا تقوية له.
ومن أخبار محمد الصالح الطريقي أيضًا أنه كان ربي عند علي العبد المنعم لأنه خاله وقد مات والده.