المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الطْوَيَّان: بإسكان الطاء وفتح الواو بعدها فياء مشددة فألف ثم نون - معجم أسر بريدة - جـ ١٣

[محمد بن ناصر العبودي]

فهرس الكتاب

- ‌باب الضاد

- ‌الضالع:

- ‌كتابة اسم الظالع:

- ‌الشيخ علي السليمان الضالع:

- ‌الضالع في سوريا والعراق:

- ‌ترجمة الشيخ محمد بن محمود بن يحيا حمد عثمان الضالع التوجري نفسه

- ‌أملاك الصباخ:

- ‌أشخاص بارزون من أسرة الضالع:

- ‌وثائق الأسرة الضالع:

- ‌الضَّاوي:

- ‌الضَّبَّاح:

- ‌ الضبعان

- ‌الضْبَيْب:

- ‌معنى ضبيب:

- ‌وصية نورة بنت ضبيب:

- ‌وصية محمد بن ضبيب:

- ‌من الضبيب المعاصرين:

- ‌ الضبيب

- ‌وثائق أسرة الضبيعي:

- ‌الضُحَيّان:

- ‌الضَّحَيَّان:

- ‌وصية خريِّف بن ضحيان:

- ‌وصية تركي بن خريف الضحيان:

- ‌وثائق لنساء الضحيان:

- ‌الضويان:

- ‌أصل الضويان:

- ‌الضويحي:

- ‌الضويلع:

- ‌الضَّيف الله:

- ‌الضليفع:

- ‌باب الطاء

- ‌الطارب:

- ‌الطارف:

- ‌الطالب:

- ‌الطَّامي:

- ‌عود إلى ذكر شخصيات الطامي:

- ‌الطْبَيْشي:

- ‌الطِّحيني:

- ‌الطراخي:

- ‌الطِّرباق:

- ‌الشيخ عبد الرحمن الطرباق: (1333 - 1395 ه

- ‌الطريبيش:

- ‌الطْرَيْخم:

- ‌الطريري:

- ‌الْطرَيْعاني:

- ‌الطْرَيِّف:

- ‌الطْرَيْقي:

- ‌محمد صالح الطريقي:

- ‌تعريف بالمترجم له:

- ‌مقدمة القصة:

- ‌أول فصول القصة:

- ‌الفصل الثاني من القصة:

- ‌الفصل الثالث:

- ‌الفصل الرابع:

- ‌الفصل الخامس:

- ‌الفصل السادس:

- ‌الفصل الأخير وهو وجود المزودة وظهور براءته:

- ‌ناقة عبد العزيز الطريقي (سحيما):

- ‌الشيخ وائل اليحيى الطريقي - قاضي الغطغط:

- ‌الشيخ وايلُ بن يحيى (1310 - 1401 ه

- ‌يحيى بن وايل الطريقي:

- ‌الطّريْمَاني:

- ‌الطِّسْ:

- ‌الطَّسْوس:

- ‌الطعيسان:

- ‌الطعَيْمي:

- ‌الطفَيْل:

- ‌الطلاسي:

- ‌(دعوة وعتاب):

- ‌الطلب:

- ‌الطَّلَق:

- ‌الطْلَيْحان:

- ‌الطليحي:

- ‌الطَّوْب:

- ‌الطُّولان:

- ‌الطْوَيَّان:

- ‌وقف صالح بن عبد الكريم الطويان:

- ‌شعراء من أسرة الطويان:

- ‌الشاعر السجين:

- ‌الشاعر إبراهيم بن عبد المحسن الطويان (الملقب درعان)

- ‌من أخبار درعان:

- ‌محنة شاعر:

- ‌الشيخ سليمان بن محمد بن طويان:

- ‌الطويان في الوثائق القديمة:

- ‌وثيقة مهمة:

- ‌نماذج من كلام عبد الكريم بن صالح الطويان

- ‌قارئ يواجه التحرير ويكتب ملاحظاته:

- ‌شعر لعبد الكريم بن صالح الطويان:

- ‌ أميثاء" وداعًا:

- ‌عبد الكريم بن صالح الطويان والتأليف:

- ‌(صوت من خب "حويلان

- ‌الطْوَيْرش:

- ‌الطويعينه:

- ‌الطويل:

- ‌باب الظاء

- ‌الظَّاهر:

- ‌الظِّفيري:

- ‌الظويهر:

الفصل: ‌ ‌الطْوَيَّان: بإسكان الطاء وفتح الواو بعدها فياء مشددة فألف ثم نون

‌الطْوَيَّان:

بإسكان الطاء وفتح الواو بعدها فياء مشددة فألف ثم نون في آخره.

ظاهر اللفظ التصغير والذي ظهر لي أن أصله يقال لمن ولد في (طايه) وهي السطح (طوَيَّان) نسبة إلى الطاية، ويجوز أن يكون من طَوَى البئر طيًا بمعنى جعل داخلها من الحجارة فهي بئر مطوية، والذي يفعل ذلك طاوي: تصغيره طويان.

ص: 349

وكتب إليَّ الأخ الأديب عبد الكريم بن صالح الطويان منهم: أن أخاه عبد العزيز ذكر أن بدويًا قال له حين سمع اسم أسرته (الطويَّان): لماذا أجاعك أهلك؟ يعني بذلك أن طويان تصغير الاسم الفاعل (طاوي) أي جائع.

قال الأخ عبد الكريم: وهذا ما أرجحه لاشتقاق الاسم.

أقول أنا مؤلف الكتاب: إن ذلك ما لا أرجحه لأصل الاسم، لأنهم حضريون قصيميون، وليس كلمة طويان بمعنى جوع شائعة في لغتنا العامية، وإنما هي من لغة الأعراب.

و(الطويان) هؤلاء أسرة كبيرة من أهل بريدة وما حولها، وهم أبناء عم للثويني أهل السادة وللحامد أهل الصباخ، وللعياف من أهل الخبوب، وسكنوا بريدة، وللخريف أهل الصباح، وللقصير أهل التنومة بالأسياح.

كل أولئك من الجبور، ذكر لي أكثر من واحد منهم أنهم ليسوا من الجبور أهل الجناح، وإنما أوائلهم جاءوا أعرابًا من ديرة بني خالد فسكنوا الأسياح أول الأمر، وتحضروا ثم تفرقوا منها إلى مواطنهم، قال لي ذلك منهم عبد الله الثويني وهو شيخ أناف سنه على التسعين، وكان لا يزال حاضر الذهن، وهو معروف لديَّ بالصدق والضبط، ولكن أخاه عبد الرحمن قال لي خلاف قوله مؤكدًا على أن ما قاله هو - أي عبد الرحمن - هو الصحيح.

وممن قاله لي سليمان بن محمد العَيَّاف، لذلك كنت أتساءل عما إذا كان هؤلاء القوم من جبور بني خالد من منطقة بريدة وخبوبها ليسوا من أهل الجناح قرب عنيزة، وإنما جاءوا إلى منطقة بريدة وسكنوا فيها فلاحين مثلهم في ذلك مثل جماعة كانوا يسمون مجتمعين المعامرة.

وقد رجحت أن يكون أصلها المعابرة وهم الغفيص والرقيعي والمقصورة

ص: 350

وأبناء عمهم الدبيخي والسحيم أهل البصر، هؤلاء لا علاقة قريبة لهم بسكنى الجناح، وليست لهم قرابة بالمجموعة الذين منهم (الربدي) و (المحيميد).

إلا أن (الطويان) وأبناء عمهم الأقربين قد أثبتوا بدلائل عديدة أنهم كانوا في عنيزة، وأنهم قدموا إلى منطقة بريدة من عنيزة.

وإن كان يوجد في عنيزة رجل يقال له ابن طويان وله ذرية الآن قد انتقل من بريدة إلى عنيزة فذلك هو إبراهيم بن عبد العزيز الطويان انتقل من بريدة إلى عنيزة مغاضبًا لأمير بريدة وعاش هناك حتى توفي فيها في عام 1340 هـ على وجه التقريب.

وكان يتاجر في الإبل.

ولكن ابنه وهو معلم نابه وهو مدرس في الجامعة ويعمل في المدينة المنورة، قال لي: إن أصل الطويان من أهل عنيزة هم وأبناء عمومتهم الذين ذكرتهم، وأن الذين أخبروك أنهم ليسوا من أهل الجناح في عنيزة، وإنما أوائلهم أعراب وصلوا إلى القصيم من بادية بني خالد لم يعرفوا الأمر على حقيقته.

على آية حال فإن كتابنا هذا مخصص للكلام على هذه الأسر في بريدة ورجالاتها البارزين، وليس كتاب أنساب يؤصل للقبائل القديمة.

ومن الأسر التي لها قرابة بال طويان من أهل بريدة (القاسم) أهل رواق، والنصيان من أهل رواق والصباخ.

وأما الخريف فإنهم أقرب من غيرهم إلى الطويان، وقد وجدت ورقة يستدل بها على أن الخريف من الطويان إن لم يكن اسم (خريف بن طويان) فيها مجرد اسم.

وهذه صورتها:

ص: 351

وهذه الوثيقة المختصرة المكتوبة في عام 1267 هـ لأن حلول الدين فيها في عام 1268 هـ، والعادة أن كتابتها تكون قبل حلول الدين فيها بسنة واحدة.

وهي بخط حمد بن سويلم، وشهادة أحمد الرواف، وعيسى المزيد.

ص: 352

وجاء ذكر شخص آخر اسمه مطابق لاسم الشاهد في الوثيقة السابقة، وهو عبد الله الخريف بن طويان في وثيقة مداينة مؤرخة في الختمة من شعبان سنة 1320 هـ.

والمراد بالختمة يوم العشرين من الشهر.

وتتضمن الوثيقة أن عبد الله الخريف بن طويان استدان من منيرة البراهيم السابق مائتين واثنين وثلاثين صاع حب، والحب هنا هو القمح، سَلم خمسة وأربعين ريالًا.

والسَّلَم بتشديد السين وفتح اللام شرحته فيما سبق.

وكاتب الوثيقة عبد العزيز الراشد البطي.

وأجل وفاء الدين في صفر عام 1321 هـ.

ص: 353

ومثلما قلنا في (الخريف) نقول في (الحامد) أهل الصباخ فإنهم أيضًا أبناء عم للطويان، بل إن بعض الناس ذكروا أن الأصل هو الحامد، وبعضهم يقولون إن الأصل هو الطويان.

وهذا خلاف ليس مهما فالمؤكد أن الأسرتين (الطويان والخريف) من أصل واحد وأبناء عمومة.

فقد وجدت وثيقة مؤرخة في 1 شعبان من عام 1283 فيها ذكر سليمان الحامد من الطويان.

بل إنه هو أول الأشخاص ذكرًا فيها.

وهي وثيقة مبايعة باع فيها المذكور على عبد الكريم الجاسر مقطر نخل، والمقطر - كما هو معروف - هو الصف من النخل.

وقد وصف ذلك المقطر بأنه يوالي مكان عبد الكريم أي يوالي ملك بمعنى نخل لعبد الكريم، فالمكان هنا معناه: حائط النخل.

ولذلك وصفته الوثيقة بأنه مكان سليمان (الحامد الطويان) أي من نخله.

ثم ذكرت الوثيقة تحديد المقطر وثمنه وهو خمسة وستون ريالًا، وذكرت الوثيقة أن عبد الكريم الجاسر صبر علي بناء جدار بينهم، والمراد أنه التزم ببناء ذلك الجدار على نفقته مع أنه يقع بين ملكه وملك سليمان الحامد الطويان، ولكنه ذكر شرطًا يدل على سعة الحيلة وهو أن ذلك الجدار إذا طاح أي سقط فان بناءه يكون على سليمان أي بنفقته، ومثل هذا الشرط يجعل سليمان يحافظ بقدر استطاعته على بقاء ذلك الجدار قائمًا.

وأهمية مثل هذا الشرط تتضح من تذكر أن جدرانهم من الطين وأن الجدار واقع بين فلاحتين، يعني ذلك أنه معرض لوصول ماء من الفلاحة إليه

ص: 354

عن غير قصد، وذلك يعني خرابه لأنه من الطين.

والوثيقة بخط الشيخ الزاهد العابد الشهير عبد الله بن محمد بن فدا أرخها في 1 شعبان من عام 1283 هـ.

وعلى ذكر هذا الخلاف غير الكبير المتعلق بمجيء الطويان إلى منطقة بريدة أذكر أن الشيخ حمد الجاسر نقل عني في (جمهرة الأسر المتحضرة) أن

ص: 355

الطويان يقال إنهم من (القصير) أهل الأسياح، مع أنني لا أذكر أنني قلت له ذلك، فإن المعروف الذي ذكرته قبل هنيهة أن (القصير) والطويان أبناء عم.

وقد كتب إليَّ الأستاذ عبد الله بن زايد الطويان كتابًا حول هذا الموضوع يذكر فيه أن القصير من الطويان، وليس العكس، وقد تطرق إلى أشياء أخرى مهمة من أحوال هذه الأسرة الكريمة، لذا رأيت نقل كتابه كله هنا.

قال:

سماحة الشيخ الجليل محمد بن ناصر العبودي سلمه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. .

وآمل أن تصلكم هذه الرسالة وأنتم بدوام الصحة والسرور إن شاء الله، وأرجوه أن يحفظكم ويطيل في عمركم على العمل الصالح، وبعد سبق أن أطلعت على جمهرة أنساب الأسر المتحضرة بنجد للشيخ حمد الجاسر رحمه الله الذي ذكر في كتابه أن الطويان من بني خالد ويقال إنهم فرع من القصير أهالي التنومة.

وحين ناقشته ذكر رحمه الله أنه استند على معجم أسر القصيم المخطوط، ولأنني علمت أن سماحتكم تعدون لتجديده وإظهاره بصورة مفصلة، ولأن ما جاء في الجمهرة مخالف للحقيقة، والطويان لا يعودون للقصير وهم أسرة كبيرة في بريدة تعود لها عدة أسر مثل الثويني والعياف والحامد والقاسم والقصران والمقرن والنصيان والخريف واللهيب أهالي الأسياح وجميع هذه الأسرة تعود للطوبان الذين قدموا من الجناح بعنيزة وجميعهم أبناء حامد بن طويان.

ولا بد حفظكم الله أن تعلموا أن القصير هذا هو "حمد بن علي الطويان" راعي حنيظل، وقد عرف بهذا اللقب لقصر قامته وكان بئره مشهورًا لدى البادية التي تتواصي بالورود عليه لغزارة مائه وكرم صاحبه وعرف أحفاده بالقصران، والطويان كما هو معروف قدموا من الجناح واستوطنوا بريدة

ص: 356

وبعضهم إنحدر للأسياح.

وأملاك الطويان بعنيزة مخبورة ومشهورة وقد ذكرهم المؤلف سليمان الصالح الخنيني في كتابه "عنيزة" وذكر أملاكهم ونخلتهم بعنيزة مشهورة في اسمها "طويانه".

عليه آمل التكرم وتعديل المعلومة حيث أنكم أحرص منا على الصحيح.

وإذا رغبتم سماحتكم ذكر بعض أعلام الأسر في بريدة فإن أسرتنا الطويان فيها الكثير من الأعلام من عقيلات في الماضي ورجال مميزون في الحاضر.

ومن المعاصرين من خدم البلد في ماله وأعماله من علماء ومعلمين وأطباء ومهندسين منهم على سبيل المثال: الفريق محمد العبد الله الطويان واللواء/ عبد الرحمن العلي الطويان والمهندس المقدم عبد الرحمن السليمان الطويان والعقيد زايد العبد الرحمن الطويان، والعمدة المؤلف عبد الله الزايد الطويان والدكتور عبد العزيز الصالح الطويان، والدكتور المحامي خالد الصالح الطويان والمربي الدكتور محمد الصالح إبراهيم والدكتور عبد العزيز الصالح العبد الرحمن والمربي الشاعر فهد العقيل الطويان، والشاعر العمدة عبيد الزايد الطويان، والعمدة عبد الله السعد الطويان، والشاعر المؤلف عبد الكريم الصالح الطويان، والدكتور يحيى بن صالح الطويان، والشيخ الداعية أحمد الصالح الطويان والدكتور سليمان إبراهيم الطويان، والمربي صالح المحمد الطويان، وابنه عبد الرحمن مدير مستوصف السلام والأديب الصحفي محمد العبد الله الطويان وغيرهم من وجوه الأسرة، أدامكم الله وسدد خطاكم، وحفظكم من كل سوء.

أخوكم/ عبد الله الطويان

انتهى.

ومن البارزين من أسرة الطويان صالح بن عبد الكريم الطويان عرفته بعد

ص: 357

أن استقر في فلاحته في التغيرة في الشمال الشرقي عن بريدة القديمة فعرفت فيه التفكير العميق، والنظرة الفاحصة على أشياء حتى يصح أن يوسف بأنه فيلسوف، ولكنه ليس فيلسوفًا نظريًا، بل هو عملي عامل ومجدّ في العمل المنتج.

وهو لا يصبر على مخالطة العوام السُّدَّج ويترفع عنهم، فلا يخالط فضلًا عن أن يصادق إلا أصحاب النباهة والعقل.

وقد استعمل طريقة من التجديد في مزرعته في التغيرة ذكرت زيارة لها ولقاءه فيها في كتاب (يوميات نجدي)(1).

وهذا نص ما كتبته في ذلك التاريخ.

يوم 20 الثلاثاء أيضًا:

خرجت بعد العصر أتمشي على قدمي واستنشق الهواء فيممت شطر (التغيره) فأعجبني أن أجد قليبين قد ركب عليهما مكينتان قد حفرت أبارهما وركبت (مكناتها) في مدة قصيرة بعد آخر مرة أمر فيها عليها، فبعد أن لم يكن فيها غير قليبي (البليهي) و (ابن طويان) فيها الآن أربع بأربع مكائن المذكورتان ومن ابن رواف واحدة وابن طويان أيضًا واحدة.

وعدت بعد أذان المغرب مسرورًا من هذا التقدم الزراعي السريع وصليت المغرب في الطريق.

يوم 21 شعبان 1369 هـ - 7 يونيه 1950 م الأربعاء:

اليوم خرجت ومعي اثنان من الأساتذة لنتفرج في جهة الشمال فوصلنا (التغيرة) وإذا بصالح الطويان صاحب البستان الجميل في التغيره، وإذا به يمسك بيدي هاشًا باشًا مهليًا مرحبًا يا مرحبًا يا مرحبا بالأستاذ، تفضل تفضل، نبي نوقف بك على النخل والشجر كله.

(1) هذا الكتاب لم يطبع بعد، وهو ثلاث مجلدات.

ص: 358

هكذا قال، وهو شاد يدي بيده وحاولت أن أمانع بحجة أنني قد أشغله عن عمله فأبى إلَّا أن يفرجنا على جميع بستانه ولعمر الحق إنني لم تر عيني بستانًا مثله في هذه الناحية، نخله قد استقل عن الأرض قليلًا، وتينه قد جلل شجره حتى فروع النخيل، والرمان قد سد الخلل بين الجميع والعنب والأترج يركب هذا وذاك.

وهذا البرسيم الجميل الذي أفتر ثغره عن ابتسامة فيها كل سحر ومتعة، وقد كللت حياضه بالطماطم والباميا والباذنجان واللوبيا وإن نسيت فلا أنسى تلك الجداول التي تتماوج وتنسحب بهدوء بين فسائل النخيل التي نسقت ورتبت بنظام هندسي جميل.

إنني في بحار هذه المتعة لا أكاد أستمع لشرحه الذي يدلي به لنا كلما واجه شجرة أو أرانا منظرًا جميلًا يشرح به كيف غرس هذا واسم هذه النخلة، وعمر هذه الشجرة.

وإنني أعجب كيف توجد هذه الجنان النضرة في بلادنا ومع ذلك نقعد عن استغلال أرضنا وكيف نكسل هذا الكسل المشين.

وعجبت من أن الأغلب، بل الكل - والنادر لا حكم له ولا يقاس عليه من الجغرافيين يصفون بلاد العرب بأنها قاحلة وحجرية وأن الماء نادر فيها ولعل مرادهم الدهناء والصمان.

وبعد أن طاف بنا جميع بستانه استغفر الله بل جنته صلينا المغرب في تلك الحديقة أو الجنة، ثم جاء بدلة القهوة وإبريق الشاي وشربنا القهوة والشاي وهو لا ينفكَّ يتحدث بلسان الرجل المثقف وحقًا إنه مثقف، عن التقدم والتأخر وعن الأسباب التي سبقنا من أجلها الغرب إلى الرقي في الصناعة وفي كل وسائل الحياة.

وما كدنا نفرغ حتى جاء ابن عمه صالح الطويان وهو عجب من أعاجيب الدهر ذلك لأنه رجل عقيلي أي صاحب مواشٍ إبل وغنم فقط، ومع ذلك معه من علم الجغرافيا ما هو فوق مستوى التعليم العالي الجامعي.

ص: 359

لقد كان يبحث بحث المتخصص في هذا العلم لا المطلع عليه، أو العالم به فقط.

إن عندنا عبقريات ولكنها مؤودة قد وأدها الجهل وعدم التشجيع والتوجيه الصالح.

ومع ذلك يقولون: ما العلة في تأخرنا نحن العرب؟ إنها هي الجهل، الجهل أم المصائب كلها، كالخمر أم الخبائث، الجهل بالمنفعة حتى تحسبها مضرة.

ثم بعد ذلك نبتهج بإتياننا الضار وتركنا النافع، ونرى أننا على حق في ذلك حتى ندافع عنه بكل ما أوتينا من الجهود التي ينبغي أن نوجهها إلى ما ينفعنا لا إلى ما يضرنا، ولقد صدق الشاعر:

يقضي على المرء في أيام محنته

حتى يرى حسنًا ما ليس بالحسن

ولست هنا بصدد كتابة مقالة أو بحث أو استفاضة في وصف شعور، وإنما أريد هنا في هذه الوريقة أن أقول إنني اكتشفت في مجاهل الجهل ناحية من نواحي كنوزنا الدفينة هي (عبقرية) أرضنا وعبقرية رجالنا الغير متعلمين في عرف الناس، وإن كنت أنا أصر على أنهم أنفع للبلد من المتعلمين في نظرهم الذين لا يعدو علمهم أن يكون نظرات جمع نظرة لا نظرية في كتاب نصبوها شركا لتحصيل ورقة الشهادة كجواز سفر إلى محطة الوظائف ومن هناك يلتقون بإخوانهم الجهال الغير متعلمين فيدورون في فلكهم، وينتزعون الاحترام منهم بطريقة غير قانونية، وبوسيلة زائفة.

اكتشفت كل هذا في هذه الرحلة القدمية.

وبعد المغرب رجعنا إلى بريدة بروح غير الروح التي خرجنا بها منها كأنما انتصرنا على اليأس والقنوط. انتهى.

ص: 360

وذكره الأستاذ عبد الكريم بن صالح الطويان في كتاب (من أفواه الرواة) بقوله:

شخصية مميزة:

ولد العم صالح بن عبد الكريم الطويان" رحمه الله عام 1317 هـ تقريبًا، توفي والده وعمره ثمان سنوات، أي أنه عاش يتيمًا، درس في (كتاب الصقعبي) كما درس بعد ذلك في مدرسة بمدينة دمشق، وعاد إلى بريدة حيث درس في حلقة الشيخ إبراهيم الجاسر رحمه الله.

وكل هذه الفترات الدراسية لم يكملها، إذْ مر بها في مراحل زمنية قصيرة لظروف أسرته في ذلك الوقت، لكنه بعد ذلك ثقف نفسه ذاتيًا، فقد كان ولوعًا بالقراءة الحرة، محبًا للمباحثة، شغوفًا بتعلم كل شيء، ومثل أبناء جيله في ذلك القرن انخرط في قوافل العقيلات، فامتهن تجارة المواشي والبضائع بين الجزيرة العربية والأقطار المجاورة.

وفي عام 1358 هـ اشترى مزرعة التغيرة ببريدة، فترك حملات العقيلات، وأصبح مزارعًا، وحين اشترى هذه المزرعة الواقعة شمال شرق مدينة بريدة أخذ أقاربه وأباعده يلومونه على هذا القرار، لكساد سوق الزراعة في ذلك الوقت ورواج حركة التجارة المتنقلة، لكنه رحمه الله كان بعيد النظر، يستقريء المستقبل، فكان يقول إن طور العقيلات قد انتهى، وإن البلاد ستدخل في طور حضاري آخر تستقر فيه الناس وتنشط حركة العقار والزراعة، وكان له في مثل هذا التطلع مواقف عجيبة، أدركها بمواهب منحها الله له، من ذكاء نادر ومطالعات مستمرة، ومحاورات كثيرة مع كبار المفكرين في الأقطار العربية المجاورة.

وكان يرى أنه سيكون لتوحيد المملكة وتفجر ينابيع البترول أثر في تغيير الأحوال السائدة في البلاد، ولهذا انسحب عن حملات العقيلات وسنه لم

ص: 361

يتجاوز الأربعين واشترى مزرعة التغيرة، لكي يؤسس استثمارًا عقاريًا وزراعيًا، وشاء الله أن ينجح في زراعته، وأن تكون أطراف مزرعته التغيرة من أهم أحياء مدينة بريدة، وأن تصبح المزرعة في وسط المدينة، بعد أن تجاوزها العمران شمالًا بعدة كيلومترات.

ومضى يكدح في مزرعته طيلة نصف قرن، حتى إنه ليعد من أقدم المزارعين في بريدة.

لديه ذاكرة عجيبة، إذ يحفظ كثيرا من القصائد والأخبار، وهو من بهجة المجالس، فكهًا في حديثه، أعجوبة في تشقيقه للحديث وروايته للأحداث، وقد شغلته الزراعة والتجارة عن المطالعة والأدب، وكان دائمًا يبدي أسفه على عدم تعلمه النحو، ويراه أساس البلاغة والخطابة، وأن الذي يتقن قواعد اللغة يكتسب الجرأة على الخطابة والكتابة، لأن اللغة هي الأداة الموصلة للأفكار، وكان رحمه الله يقرض الشعر، ولا يحب أن يشتهر به، ولا يرغب أن يذيع من قوله سوي غرضي الحكمة والحماسة، ولم أنقل عنه رحمه الله سوى أربع قصائد تقريبًا - وللأسف لم أرو عنه شيئًا من قصصه وأخباره، إذْ أنني بدأت كتابة زاويتي (من أفواه الرواة) في عام 1405 هـ، وهو العام الذي أصيب فيه رحمه الله بمرض ألزمه الفراش، وأضعف ذاكرته، وجعله عزوفًا عن الكلام، ولهذا لم يتيسر لي الاستفادة من جمه الغزير، اللهم سوي رواية بعض قصائده وقد دونتها في هذا الكتاب، وشيئًا يسيرًا من رواياته، كان لا يزال باقيًا في ذاكرتي أيام محاورته عندما كان صحيحًا.

وكان رحمه الله محبًا للخير، تبرع بأرض واسعة شمال ملكهـ، وجعل ريعها على مساجد بريدة، كما أوقف أرضًا لتكون معهدًا لتحفيظ القرآن، وتبرع بأرض واسعة على شارع التغيرة، لإقامة دار للمسنين عليها، وله أوقاف وصدقات معلنة وخفية.

ص: 362