الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنهم من سكن بريدة، وتفرعت العائلة التي سكنت بريدة، وخرجت عوائل تحمل أسماء أخرى، كالمطوع الذي ينحدر منهم الشيخ: محمد الصالح المطوع (المعروف بالحميدي) وعائلة العبد المنعم، وعائلة الأبورشدة.
تعريف بالمترجم له:
الاسم: محمد بن صالح بن سليمان بن عبد العزيز بن سليمان بن عبد الله بن حمود بن عبد الله بن محمد بن عبد الله الطريقي يكنى بأبي صالح، وله عشرة من الولد، صالح وعبد الله وإبراهيم وأحمد وعلي ويوسف، وأربع من البنات.
ولد أبو صالح في بريدة عام 1318 هـ، وتوفي رحمه الله في عام 1403 هـ عن عمر ناهز 86 عامًا.
نشأته: توفي والده وهو حمل في بطن أمه، فكفله خاله علي بن عبد المنعم المطوع الطريقي، وأدخله في الكتاتيب، فتعلم القراءة، إلا أنه لم يدم طويلا حيث صحبه خاله معه، وكان خاله من كبار عقيل الذين عرفوا برجاحة العقل والشجاعة والكرم، ذائع الصيت رحمه الله.
رافق خاله في صغره وأخذ عنه صفات الشجاعة ورجاحة العقل والشهامة، ثم ما لبث أن أصبح شريكًا لخاله حيث أخذ عن خاله حرفة الاتجار بالماشية وخاصة الإبل والذهاب بها إلى الغربية (أي مصر والشام كما كانتا تدعيان عند أهل نجد).
وأحيانًا يتحول إلى الجمالة والتي يسمي الذي يعمل بها: رحيلي.
فهو عقيلي إذا كانت الأرض مجدبة، ورحيلي في زمن العشب والربيع.
فمن يتاجر بالإبل من نجد يبيعها بالغربية، فهذا يدعي عقيلي، أما الرحيلي فهو الذي يتجر بالبضائع ويقوم بنقلها من الكويت والشام والعراق والجبيل والبحرين والأحساء، من وإلى بريدة على قوافله.
ويشتهر بالقيافة وقص الأثر وبالدلالة أي خريتا يهتدي بالنجوم ويعرف الطريق الصحيح في الفلوات.
كان كثيرًا ممن يرغبون السفر، سواء للتجارة بما لديهم من رواحل، أو أولئك الذين يرغبون السفر لطلب الرزق في الغوص وغيره، كانوا ينتظرون موعد رحلته ليكونوا برفقته، لكي يضمنوا لأنفسهم الراحة والأمان لما حباه الله من معرفة بالطرق والمسالك البرية، ومعرفة موارد المياه وأماكن الدحول التي يخرج منها الماء في مهالك الصمان.
ومن طرائف ما منحه الله من تمكنه في هذا المجال.
كان في بداية حياته شريكًا لخاله كما أسلفنا، ويعتمد عليه خاله في تسيير القوافل ومتابعتها، وله أخبار وقصص كثيرة منها هذه القصة:
ذات مرة كانت حملة أهل القصيم بقيادة خاله متجهة إلى الشرق (فيما يسميه عقيل و (رحيل) بالمحدار فيقولون منحدرين، أما إذا اتجهوا غرب فيقولون (مسندين).
ووافق في محدارهم المذكور أن داهمتهم عواصف شديدة ورياح تحمل الأتربة والحجارة، وهو ما يسمى السموم في شدة الصيف، وكان عدد القافلة كثيرًا، حيث أنهم عدة حملات متجمعة خشية الهلاك، وكثرتهم تستوجب توفر الماء في تلك الصحراء القاحلة وأخذ الحيطة والحذر، إلا أن هبوب تلك العواصف أفقدت القافلة المسالك والجواد التي كانت تسلكها مما أوصلها إلى شفا الهلاك، حتى إن الإبل أخذ منها العطش مأخذه، عندها أوقف أمير القافلة المسير وكلف مجموعة ممن كانوا معه بالذهاب لتحري الطرق الموصلة للموارد، خشية أن يستمروا في السير في ذلك الصيف القائظ، ورجع من أرسلوا للتحري ولما يصلوا إلى نتيجة أو خبر.
عندها قال محمد، وكان آنذاك من أصغر أفراد الحملة، يا خال إن المكان المطلوب (وهو مورد ماء في الدهناء أو ما بين الدهناء والصمان) المكان المطلوب
من هذا الاتجاه وأشار بيده إليه، فنهره خاله، وقال: أسكت! ! ! معنا جميع حملات القصيم بكافة مدنه بالإضافة إلى أهل حائل وتريد أن نهلك! ! !
فسكت، وأخذ القوم يتحاورون فيما بينهم في محاولة منهم لمعرفة الطريق إلى المورد المطلوب، وكان الليل قد حل عليهم، وأوشك ما معهم من الماء بالنفاد ولكنهم لم يصلوا إلى نتيجة.
فأعاد محمد القول لخاله مصرًا على أن طريق الماء من هذا الاتجاه، فنهره خاله مرة ثانية، ثم أعاد عليه محمد مرة ثالثة، فقال له خاله في هذه المرة: وش دليلك يا الحميدي على اللي تقول؟ فقال له: تذكر محدارنا في العام الماضي في الشهر الفلاني، قال نعم: فقال: ألسنا نزلنا تحت طلحة، وبنينا وجار، وهو ما توقد بوسطه النار، قال: بلى، فقال: وكان بجوار الطلحة وليشة (1) جمل هالك، قال: بلى.
فقال: إن هذه الطلحة تبعد عنا ممشى ساعتين للراحلة.
فنزل خاله وأمر القوم بالنزول، وقال له اذهب أنت وفلان وفلان (واحد هذين الرجلين يقال له المردسي) اذهبوا واستطلعوا الخبر، فذهب محمد مع الرجلين وقادهم إلى مكان الشجرة، وحفر لهم مكان النار التي أوقدوها العام الماضي، وأخرج الرماد وكان موقع النار قد طمرته الرياح، ثم إنه أراهم العظام المتبقية من ذلك الجمل الهالك، فاقتنعوا بصحة خبره، وعادوا وأخبروا خاله بالأمر، فأذعن خاله للأمر، وشكره وسلمه قيادة القافلة، فأوردهم الماء والمورد الذي كانوا يقصدونه.
وله قصص أخرى كثيرة ومشهورة ويتناقلها كبار السن الذين عاصروه، ويتناقلونها في مجالسهم، ومن تلك القصص قصته المشهورة التي يعرفها أهل القصيم وعامة أهل عقيل ورحيل (2).
(1) الوليشة: الجيفة، ووليشة الجمل: جثته بعد موته.
(2)
رحيل، بإسكان الراء وفتح الحاء بعدها ياء ساكنة، هم أهل الإبل التي ينقلون عليها البضائع من موانئ الخليج العربي إلى بريدة.