الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جيناك يا باريس، والحمد لله
…
ثم الذي فضله علينا كبير
اللى مشوا بالحق الله شفناه
…
طبايع - والله - تسر النظير
أبو فهد رَجْلٍ عزيز عرفناه .... (بعبدالله الخطاف) زين تعبيري
رَجْلٍ عزيز وبيّنه فضل يمناه
…
ايقدر العاني صغير وكبير
الخطيب:
بفتح الخاء وكسر الطاء: أسرة صغيرة من أهل المريدسية متفرعة من أسرة المزيد الذين هم من العباس من بني عليان، ويرجعون إلى فرع آل حسن منهم.
منهم إبراهيم بن سليمان الخطيب: أحد كبار موظفي إدارة التعليم في القصيم - 1423 هـ.
وكان يقال لهم (المزيد) ولكن جدهم محمد بن عبد الله المزيد صار لقبه الخطيب، قال لي أحد أحفاده: إن ذلك لفصاحته.
وبهذا اللقب خرجوا من لقب المزيد الذي لا تزال بقية أسرة المزيد من آل أبو عليان يتسمون به.
عرفت منهم سليمان بن محمد الخطيب في عشر الستين من القرن الرابع عشر، كان شديد العزيمة والتصميم، جلدًا على المتاعب فرغم كونه لا يبصر إلَّا ببعض عين فإنه كان يسافر إلى الأحساء والخليج والكويت والعراق يتبع الإبل التي يعمل عليها في نقل البضائع، وقد لاقى من ذلك مشاق ومتاعب جديرة بالتسجيل، غير أنني لم ألقه في وقت قريب.
وفي أثناء الطريق كان عبد الرحمن بن محمد الخطاف يشاهد صبيين أخوين من سكان الخبوب يمشيان متلازمين فافتقد أحدهما في الطريق فسأل عنه أخاه فقال لقد عجز عن السير وانقطع في الطريق وتركته تحت ظل شجرة فعاد إليه عبد الرحمن بن محمد الخطاف على ناقته فوجده على وشك مفارقة الحياة من التعب والجوع والظمأ فأسقاه وأطعمه ثم حمله معه على ناقته ولحق به الركب، وقد أجهد ناقته.
ولما وصل إلى الركب ومعه الصبي وهو فرح بإنقاذه لاحظ أن مطيته مجهدة وأنها على وشك الموت فذبحها وأمر المسافرين بأخذ لحمها وأكله وقد عوضه الله عنها قبل الوصول إلى الكويت حيث كان معه بعيران غيرها، وقد بادل بهما رجلًا من البادية في الطريق بناقة أثمن وأحسن من بعيره.
ووصل المسافرون إلى الكويت بعضهم يركب وبعضهم يمشي على قدميه ومحمد بن أحمد الرواف وعبد الرحمن بن محمد الخطاف من الرجال المعدودين في نوائب الدهر شجاعة ورجولة وكرمًا في الأسفار، وقد توفي محمد بن أحمد الرواف في العراق، أما عبد الرحمن بن محمد الخطاف فقد توفي في الرياض (1). انتهى.
هذا ومن الخطاف: ضابط كبير في الجيش هو عبد الله بن فهد الخطاف شغل عدة وظائف في الجيش منها (وظيفة الملحق العسكري في باريس).
قال سليمان بن حاذور في عبد الله الخطاف هذا الملحق العسكري السعودي في باريس من قصيدة:
(1) ملامح عربية، ص 175.
فسأتركك تعيش في عذاب الدنيا فقيرًا وأعمى هذا نتيجة الغدر بأخيك المسلم وتعريضه وماله لعقوبة الدولة (1).
وقال أيضًا:
ابتلي سكان بريدة وغيرها من بلدان نجد بالحروب الأهلية في عام 1326 هـ. وغلاء الأسعار وفي الحروب الأهلية يتحمل الناس مصاريف الحروب يلزمون بها من قبل أمراء بلدانهم وأصيب الناس بحاجة إلى الطعام وسميت سنة 1327 هـ سنة الجوع للضيق والحاجة إلى الطعام مع قلته وارتفاع ثمنه وقلة النقود بأيدي الناس.
وقد اعتاد سكان بريدة الأسفار إلى الكويت للتجارة شأنهم في ذلك كشأنهم مع البلدان العربية الأخرى، وسافر ركب من أهل بريدة يريدون الكويت للتجارة في عام 1327 هـ ولما وصلوا إلى الشماسية لحق بهم عدد كبير من الرجال والصبيان لا يقل عددهم عن مائتي رجل وصبي وفهم المسافرون أن هؤلاء يريدون صحبتهم إلى الكويت، وكان هؤلاء يمشون على أقدامهم وليس معهم طعام لفقرهم، وهناك قال لهم محمد بن أحمد الرواف وعبد الرحمن بن محمد الخطاف ليس معنا لكم طعام يكفيكم إلى الكويت، وليس معنا إبل تحملكم ومن الأفضل أن تعودوا إلى بريدة ويُعطي كل واحد منكم ريالين، فأصر اللاحقون بهم على السفر ومصاحبتهم، وكان البعض من هؤلاء من بريدة، والبعض الآخر من قرى بريدة، ولما رأى ابن خطاف إصرارهم على مصاحبتهم مر بسوق الزلفي واشترى حملين من الطعام لإطعام هؤلاء المسافرين في الطريق واستمروا في سفرهم إلى الكويت.
(1) ملامح عربية، ص 334 - 335.
وقال الأستاذ العمري أيضًا:
كان عدد من المشتغلين بالتجارة من أهل بريدة في دمشق يسكنون في منزل واحد وفيهم علي بن محمد الخطاف وعبد الرحمن بن محمد الخطاف يشتري الأسلحة ويضعها تحت كراسي النوم دون علم رفاقه في المنزل فجاء إليه رجل ناقص المروءة فقال لعلي بن محمد الخطاف أعطني نقودًا وإلا أخبرت عنك والي الشام بأن لديك أسلحة للتجارة ولم يخطر على بال علي الخطاف أن رجلًا من أهل نجد يوقع به عند الدولة ويستعديها عليه، ولكنه نقص الرجولة والمروءة ولم يعطه علي الخطاف ما طلب وفوجئ سكان المنزل بالعسكر يحيطون بمنزلهم فهرب صاحب السلاح علي الخطاف وأمسكت الشرطة بالباقين في المنزل وفتشوا المنزل فوجدوا الأسلحة فربط الشرطة كل خمس بنادق برباط وحملوها على رأس واحد من هؤلاء وربطوا يد كل واحد منهم إلى يد رفيقه وساقوا الرجال مربوطي الأيدي يحملون السلاح على رؤوسهم ويد كل واحد مربوطة إلى يد أحد زملائه ومضوا بهم إلى السجن.
وفي الطريق هرب عبد الرحمن بن محمد الخطاف وذهب إلى رجال من كبار أهل بريدة المشتغلين بالتجارة في دمشق وقص عليهم ما حدث وطلب مراجعة الوالي، فذهب التجار إلى الوالي التركي وأخبروه أن هؤلاء مظلومون وأن السلاح لعلي الخطاف، وقد هرب فأمر الوالي بإطلاق سراحهم وصادر السلاح وعدده خمسون بندقًا فقرر عبد الرحمن بن محمد الخطاف قتل المجرم الذي وشي بأخيه علي لدى الوالي التركي وبقي عبد الرحمن الخطاف سنة كاملة يبحث عن المجرم في مقاهي الشام فلم يجده وبعد بضع سنين وجده في حائل فقيرًا أعمى فعرفه وعاتبه ووبخه، وقال: لقد قررت قتلك ولم أجدك، أما الآن
فأخبره أن راعي إبله لم يجده، ولم يصدق وقال: آخذ هذه البكرة مكان الجمل، فقال حمود بن خطاف: ما تأخذها إلا بحكم شرعي.
فقام المتعصب لقريبه بصفع حمود الخطاف فثار حمود الخطاف وأمسك بالمعتدي عليه وحمله بين يديه وقذف به في حفرة مجاورة ونزل عليه وضربه ضربًا مؤلمًا ووضع التراب في فيه ثم تركه ونفض المعتدي ثيابه وذهب يشتكي لولي العهد الأمير سعود بن عبد العزيز وقال: رجل من أهل القصيم في المكان - وحدده - اعتدى عليّ بالضرب، فاستدعى الأمير سعود حمود الخطاف برجلين من رجاله وحضر حمود بن خطاف بين يدي الأمير سعود فسأله قائلًا: هل ضربت هذا؟ قال: نعم، وأخبره بالحقيقة وأنه قد أحسن فظلم وضرب، فسأل الأمير سعود الشاكي: هل صحيح أنك أردت أن تأخذ ناقته، وقال لك ما تأخذها إلا بحكم شعري فضربته؟ فاعترف بالحقيقة فقال: تريد ناقة رجل من أهل القصيم بدون حق وتضربه معتديًا عليه فضربك وجئت تشتكي يكفيك ما حصل لك، وأذن لحمود الخطاف بالانصراف.
ووجد بعد أيام البعير المفقود فانتصر حمود الخطاف وأمسك برقبة صاحبه وقاده إلى القصر يريد وضعه أمام الأمير سعود بن عبد العزيز وحمله على ظهره فتوسط تاجر الإبل بناصر بن حميد بإطلاقه فأطلقه حمود بن عبد الرحمن الخطاف إكرامًا لناصر بن حميد، وأنا أعرف المعتدي الذي ضربه حمود الخطاف، وهو كبير الجسم جميل الصورة ولكن أحسن ما عنده أنه اعترف بالحقيقة أمام الأمير (1).
(1) ملامح عربية، ص 343.
ومضت السنون وجاء حمود بن عبد الرحمن الخطاف حفيد محمد بن خطاف إلى الأسياح وقدم على علي بن حمد الفهيد، وقد كبر وتقدمت به السن فسلم عليه، وأخبره أنه يريد عمالًا لقلع وغرس ستمائة فسيلة نخل، فسأله ابن فهيد عن صلته بمحمد بن خطاف، فقال حمود: ذلك جدي، فأخبره ابن فهيد بأنه قد قضى حاجته على غير معرفة وأبدي شكره لجده وقضى حاجة حمود بأن أحضر له عمالًا لقلع وغرس فسائل النخل (1). انتهى.
وحمود بن عبد الرحمن الخطاف اشتغل بتجارة الإبل مع والده ثم اشتغل بتجارة الإبل بنفسه فكان يعمل بتجارة الإبل في سوق الماشية في بريدة وفي الرياض والأحساء، وكان يسافر إلى العراق والشام ومصر بتجارة الإبل، وفي يوم من حياته التجارية بالإبل كان يعرض إيلًا في سوق الرياض للبيع ومعه راعي الإبل يخرج بها بعض الوقت إلى الصحراء لرعيها وسقيها وأراد أن يخرج راعي إيله بالإبل من السوق إلى الصحراء فجاء إليه رجل وقال: لنا جمل وناقة معقولة في المكان الذي عينه نأمل أن تكلف راعي إيلك يسوقها مع إيلك للمرعى، فأمر حمود بن عبد الرحمن الخطاف راعي إبله أن يأخذ الناقة والجمل اللذين ذكراله ويوصل الراعي إلى المكان المحدد لوجود الناقة والجمل.
فوجد الراعي الناقة ولم يجد الجمل فساق الناقة مع الإبل إلى المرعي، وفي المساء عاد الراعي فجاء صاحب البعيرين يأخذهما فلم يجد إلا الناقة وسأل الراعي عن الجمل فقيل له غير موجود، فظن سوءا بحمود الخطاف وهو بريء من سوء الظن، وذهب إلى قريب له يشكو حمود الخطاف، فجاء ذلك القريب إلى حمود الخطاف عند مخيمه في البطحاء وسأله عن جمل قريبه،
(1) ملامح عربية، ص 348.
بن حسين العرفج من أبرز أهل بريدة فيها الذين كانوا يستقبلون الناس وكان كريمًا يدعو الناس كثيرًا إلى بيته.
وكان مزيد قد عمل في التجارة في أول عمره منتقلًا على الإبل بين بريدة وبين عدة بلدان، ثم التحق بالوظائف الحكومية، وقد غادرت المدينة المنورة وهو مدير بيت المال فيها، قيل لي إنه تولى بعد ذلك إدارة فرع وزارة العدل بالمدينة المنورة.
وله أولاد متعلمون أكبرهم إبراهيم تخرج من كلية الآداب وتوظف في إدارة الشئون الصحية في المدينة المنورة.
ومن الخطاف إبراهيم بن سليمان الخطاف كان ضابطًا في الحرس الوطني.
ومنهم حمود بن عبد الرحمن الخطاف:
قال الأستاذ ناصر العمري:
نزل ضيوف على علي الحمد بن فهيد بالأسياح الواقعة شرقي مدينة بريدة وآل فهيد هم الذين عمروا الأسياح عمرانها الأخير في القرن الثالث عشر الهجري، وآل فهيد يعتبرون من كرام أهل القصيم، فبعث علي الحمد بن فهيد ولده إلى تاجر في بريدة ليشتري منه قهوة وهيلًا وسكرًا وشايًا، ووصل الولد إلى محل التاجر في السوق التجاري، ولم يجده وظل جالسًا على عتبة الدكان، ولاحظ محمد الخطاف أن الولد انصرف بدون أن يقضي حاجته، فناداه ابن خطاف وجاء إليه ولد ابن فهيد فسأله عن حاجته، فقال: أريد قهوة وهيلًا وسكرًا وشايًا ونقودًا قرضًا من صاحب هذا المكان، ولكنه لم يحضر، فسأله ابن خطاف عن اسمه، فانتسب إلى آل فهيد فعرض عليه ابن خطاف قضاء حاجته وقضاها له.
للملك سعود الذي كان أعفاه في ذلك الوقت، وهو عدم رضاء عن بعض التنظيمات في رجال القضاء. والذي لا يعرفه الناس أن الشيخ ابن حميد طلب من الملك سعود أن يأذن له بالسفر إلى الرياض حيث هي مدينته ومدينة أجداده وهي مسقط رأسه، وفيها بيت له يملكه، فأوعز الملك إليه أن يبقى في بريدة، يوحي إليه أنه سيكلفه عملًا آخر.
قال شيخنا: والعجيب أنني لاحظت أن بعض الناس الذين كانوا يتقربون إليَّ عندما كنت في القضاء قد انقطعوا عني عندما تركته، ولم أر الوفاء إلَاّ من سائر الناس، وذكر منهم فهد المزيد الخطاف الذي قال لي شيخنا الشيخ ابن حميد: إنه مثال الوفاء في هذه الحالة التي حصلت.
هذا وقد كافًاه شيخنا على ذلك بأن نقله معه إلى مكة المكرمة عندما عينه الملك فيصل رئيسًا لشئون الحرمين الشريفين فانتقل إلى مكة وعين فهد المزيد في وظيفة جيدة هناك بل عين حتى أقارب له من الخطاف.
وكان تعيين فهد المزيد، لهذا السبب ولما لمسه فيه من كفاءة لما يناط به من عمل.
وقد بقي فهد المزيد وأسرته في مكة المكرمة بعد تقاعده ومات فيها في عام 1406 هـ عن 84 سنة.
ومنهم مزيد بن إبراهيم الخطاف: سكن المدينة المنورة وكان مدير بيت المال فيها لمدة طويلة.
وعندما نقل عملي إلى المدينة المنورة أمينًا عامًا للجامعة الإسلامية فيها وسكنت المدينة المنورة في عام 1381 هـ كان هو وإبراهيم الوقيصي ومحمد
فكان ينفق على الشاي والقهوة والسراج الذي فيها لأنه لم تكن هنالك كهرباء في ذلك الوقت، ثم أرسل الملك عبد العزيز إلى الشيخ عبد الله بن حميد مبلغًا نقديًا من المال أظنه ثلاثة آلاف ريال فرانسي، فوزع الشيخ أكثرها على طلبة العلم على هيئة مخصصات شهرية، وكان الذي يقوم بخزنها ثم إعطاء كل من طلبة العلم ما قرره له الشيخ هو فهد المزيد الخطاف.
وأذكر بالنسبة إليَّ أن فهد المزيد أعطاني بعد صلاة العشاء من ليلة من ليالي شهر ذي القعدة عام 1363 هـ ستة ريالات فرانسة، وقال: هذي من الشيخ عبد الله يسلم عليك ويقول: تراها إن شاء الله مستمرة كل شهر وذلك أن الملك عبد العزيز كان أخبر الشيخ عبد الله بأنها سوف ترسل منه سنوية، وقد وزعها الشيخ ابن حميد على المشايخ وطلية العلم الذين يدرسون عنده من 12 ريالًا في الشهر وهو أعلاها وقد صرف للشيخ صالح بن أحمد الخريصي والشيخ عبد الله بن رشيد الفرج وأدناها ريالان.
أما أنا فإن نصيبي كان ستة ريالات، وذلك لصلتي بالشيخ عبد الله الخاصة لأنني كنت أقرأ عليه أحيانًا في بيته.
وحتى الآن لا أنسى أثر تلك النقود الضئيلة في ذلك الوقت، مع أن الله سبحانه وتعالى قد أنعم عليّ بعد ذلك برواتب كثيرة ولدي دخول من هيئات ولجان ومداخيل من مؤلفاتي وكتبي، إلى جانب الربح الذي أحصل عليه من العقارات.
وقد توطدت صلة فهد المزيد الخطاف بالشيخ عبد الله بن حميد وازداد قربه منه حين أعفي من القضاء بناء على طلبه بسبب معروف للجميع حتى
كما صارا يرسلان البضائع إلى تلك البلدان لتباع عند أناس يعملون مثل ذلك العمل فيها.
وقد لبثا فترة في هذا العمل واشتهرا بالضبط فيه، حتى حدثني حمد بن طريف من أهل عنيزة المقيم في الرياض قال لبثت سنوات وأنا صاحب دكان في الرياض: أراسل فهد المزيد الخطاف ومحمد الحمود المشيقح أرسل إليهما بضائع من الرياض فيبيعونها لي ويرسلون إليَّ بضائع وأشياء إلى الرياض أبيعها لهم، وقد لبثت على هذه الحالة سنوات، وأنا لا أعرفهما شخصيًا ولو قابلاني ما عرفتهما.
قال: وطيلة هذه المدة لم ألاحظ عليهما إلا الأمانة والضبط ولم يكن بيننا أية مشكلة.
وفي هذه الأثناء كان فهد المزيد الخطاف قد قوي صلته بشيخنا العلامة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد قاضي بريدة وكان بيته قريبًا من بيته إذْ كان يصلي معه في جامع بريدة الكبير.
وقد قربه الشيخ عبد الله منه حتى كان يضع عنده ما يكون لديه من نقود وبخاصة ما كان مخصصًا لطلبة العلم أو لصالح المسجد الجامع من نقود تعتبر الآن ضئيلة لكنها كانت في ذلك الزمان كثيرة.
وأذكر من ذلك أن شيخنا عبد الله بن محمد بن حميد رحمه الله كتب في عام 1363 هـ إلى الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله يطلب منه أن يرسل نقودًا ينفق منها على مجلس الإخوان من طلبة العلم في مكتبة جامع بريدة المزمع إنشاؤها، وكنت بعد ذلك بسنة في وظيفة (قيم مكتبة جامع بريدة)
ولما قرب من الكويت ركب مطيته وسري ليلًا ودخل الكويت بعد صلاة الفجر ونزل بتاجر من أهل بريدة اسمه ناصر الجار الله وأعطاه الذهب الذي معه وأمره بأن يشتري له قماش الخام بثمن الذهب فصرف له الذهب واشترى له الخام ولما قضى حاجته خرج إلى السوق فسأله الناس عن تجارته فقال: جئت بالذهب وأريد شراء الخام وخلفي في الطريق عدد من التجار معهم الذهب ويريدون شراء الخام فنزل سعر الذهب وارتفع سعر الخام ولما وصل مرافقوه الذين لم يرعوا حق الرفقة في الطريق وجدوا الأسعار قد تغيرت عليهم، وكان في الكويت تاجر من أهل بلد رفقاء ابن خطاف فعرف اللعبة فسألهم عما صنعوه بابن خطاف قالوا تركناه على اللهابة، فقال لقد أخطأتم ابن خطاف رجل طيب غدرتم به فغدر بكم، وعكر عليكم صفو ماء السوق وأنتم أهل لما صنع بكم (1).
انتهى ما ذكره الأستاذ العمري.
من الخطاف: فهد بن مزيد الخطاف: كان من أوائل النجديين الذين سافروا إلى بومبي في الهند، ثم سكن في البحرين للبيع والشراء مثلما كان حاله في الهند، وإن كان في وقت ذهابه للهند صغير السن لم يتمول كثيرًا.
ثم اشترك مع محمد بن حمود العلي المشيقح في تجارة وفتحا محلًا مشتركًا، وصارا يبيعان ويشتريان ويرسل إليهما الناس في المدن الأخرى في المملكة والبلدان المجاورة كالكويت والبحرين البضائع للبيع وتصفيتها فيفعلان ذلك مقابل عمولة محددة عرفًا.
(1) ملامح عربية، ص 178 - 179.
استحييت أن أركب خلف من هو أكبر مني سنًّا فلجأت إلى الحيلة في الحصول على ناقة غيرها أركبها وأنهي المهمة، وناب عن أخيه وحفظ دم وجه شريكهـ وعاد سالمًا دون أن يمسه أذي بعدما اشترك في الحرب (1).
وقال:
من عادة العرب حاضرة وبادية إكرام الرفيق في السفر، وقد سافر عبد الرحمن بن محمد الخطاف من بريدة إلى الكويت مع مسافرين ليسوا من أهل القصيم، وكان معه خمسة عشر بعيرًا، ولاحظ أن المسافرين معه قد استعدوا لموارد المياه بالحبال والدلي، وما يحتاجون إليه للحصول على الماء وسقيا إبلهم، فلم يستعد هو بما يحتاجه الموارد المياه لسقيا إبله والتزود بالماء ظنًّا منه أن رفقاءه يتركون له حاجته لكن رفقاءه أدركوا أنه تاجر وأنه ذاهب إلى الكويت للغرض الذي ذهبوا هم من أجله وهو بيع الذهب في الكويت وشراء الخام وهو نوع رديء من القماش كاسمه خام فأرادوا تعطيله في الطريق لكي يصلوا إلى الكويت قبله ويقضوا حوائجهم بالبيع والشراء فلا يكون لهم منافس، ولما وصلوا إلى مورد اللهابة اسقوا إبلهم وتزودوا بالماء وتركوه على الماء دون أن يتعاونوا معه ورحلوا وخلفوه على الماء فبقي وتخلف عنهم كما يريدون، فجاء رجل من البادية ومعه إبل واستعداد للماء فأسقي إبل ابن خطاف وزوده بالماء مقابل خمس عشرة طلقة رصاص بندق، ولما قضى ابن خطاف حاجة إبله من الماء وتزود بالماء لحق بالمسافرين الذين لم يخدموا رفقته، لكنه لما وصل إليهم تعداهم وتركهم جانبًا ونزل بعيدًا عنهم مع جماعة من البدو واستمر مرافقًا للبدو تاركًا صحبة الحضر.
(1) ملامح عربية، ص 170.
جماعة من مطير فقالوا من أين يا ابن خطاف، فقد عرفوه وسألوه عن الأخبار على عادة البدو، فقال أنيخوا الإبل وعقلوها قبل الأخبار فأناخوا إبله وعقلوها وجلسوا معه وأبدوا استغرابهم كيف جاء بهذه الإبل بمفرده، فأخبرهم بقصته مع مشاري بن بصيص وولده، ثم اتجه إلى جهة بريدة واتجه البدو إلى جهة يقصدونها وهو يثني على تعامل قبيلة مطير مع أهل بريدة.
ووصل الرجل إلى بريدة وباع البعارين وقت (شربة) الزرع وربح بها.
وقال أيضًا:
عبد الرحمن بن محمد الخطاف كان عمره خمس عشرة سنة في عهد حكم عبد العزيز بن رشيد وقد علم أن أخاه إبراهيم قد كُتِب مع الغزاة من بريدة فقال الوالده ولأخيه إبرهيم أنا أغزو عن أخي إبراهيم لأنه صاحب أسرة وأنا ليست لي أسرة وليست عليّ التزامات فذهب إلى أمير بريدة وقال له أريد أن أنوب عن أخي إبراهيم في الغزو وأن تعفي أخي من الغزو فضحك منه الأمير وقال أنت صغير، وكان عبد الرحمن بن محمد الربدي في مجلس الأمير ويعرف عبد الرحمن الخطاف في سوق الماشية ويعرف تصرفه فقال هذا عبد الرحمن الخطاف، وإن كان صغيرًا فهو جيد أقبله عن أخيه فقبله الأمير فأخذ ناقة وأخبر أن معه رديفًا يركب معه على الناقة، ولاحظ أن الرديف رجل كبير السن فاستحيا الصبي وقال في نفسه سوف احتال حتى أحصل على ناقة الرديفي واستقل الناقة، ولما خرج الغزاة من بريدة وعبد الرحمن الخطاف ورديفه على الناقة وصار في الليل قام عبد الرحمن بن خطاف وترك ناقته لرديفه وابتعد عنه وصار ينشد ضالته الناقة وألح يرفع صوته بطلبها، وفي الصباح ذهب إلى أمير الغزو وقال له ناقتي ضاعت وأريد بدلًا منها، فسأله هل أنت الذي كنت في الليل تنشد ناقتك؟ قال نعم فأعطاه ناقة أخرى فركبها وترك الناقة المشتركة لشريكه في ركوبها يقول: لقد
حسابكم، فراجع عبد الله بن محمد المسفر الحساب وتبين أن لديه خمسين ريالًا زيادة واقتنع فأعاد عبد الرحمن بن محمد الخطاف خسمين ريالًا إلى محمد بن عبد الله بن مسفر فأخذها وهو يبدي ارتياحًا لأمانة عبد الرحمن بن محمد بن خطاف، رحم الله الجميع.
وقال الأستاذ ناصر العمري أيضًا:
في عام 1331 هـ ركب عبد الرحمن بن محمد الخطاف ناقته ومعه بندقيته ورصاسها وأربعة آلاف ريال وسار من بريدة إلى المجمعة وهو يريد قبيلة مطير في الدهنا شرقًا عن المجمعة، سأل عن بدوي يصحبه في الطريق فوجد رجلًا من مطير في سوق المجمعة وكان المطيري يريد أهله في الدهناء وسار الرجلان ووصلا إلى الدهنا عند قبيلة مطير ورئيسهم مشاري بن بصيص، وتحدث ابن خطاف مع مشاري بن بصيص وأخبره أنه يريد شراء بعارين لبيعها في سوق الماشية في بريدة والرزق على الله. اشترى ابن خطاف خمسة وثمانين بعيرًا بأربعة آلاف ريال فرنسي وأخذ يعقل الإبل واستلم الإبل من البائعين وسلمهم القيمة، وطلب من مشاري بن بصيص أن يعطيه راعيًا يصحبه يعينه على سقيا الإبل ورعيها وإيصالها إلى بريدة لكن مشاري بن بصيص أخبره أنه لم يجد رجلًا يرغب في السفر معه من الدهناء إلى بريدة، وهنا قال ابن خطاف يا مشاري أرسل معي ولدك على الفرس يؤدب لي البعارين مسافة من الطريق ثم يعود، فأمر مشاري ولده بركوب فرسه والسير مع البعارين وصاحبها مسافة حتى تألف السير ثم يعود.
فسار معه ولد مشاري بن بصيص على فرسه مسافة ثم عاد واتجه ابن خطاف بمفرده بالبعارين وعددها خمسة وثمانون بعيرًا، وفي الطريق وجد
حيث يجتمع وينتشر أهل بريدة وغيرهم من المغيرين على جيش ابن رشيد واستمروا في مراماة جيش ابن رشيد ثم عادوا وتركوه (1).
ولعبد الرحمن الخطاف هذا قصص كثيرة سمعت الناس يتناقلوها ولكنني سوف أنقل هنا ما ذكره الأستاذ ناصر العمري لأنه مدون، قال:
التجارة في نجد في الأسواق تخضع للعرض والطلب، فقد يرخص سعر الذهب في حائل ويرتفع سعره في بريدة، وكذلك المواشي والأقمشة والمأكولات خاصة قبل وجود اللاسلكي في بريدة، وفي حائل حيث وجد في المدينتين بوقت، متقارب في عام 1351 هـ. فصار بعض التجار يستعملون البرقيات في أعمالهم التجارية ومنها معرفة الأسعار.
علم التاجر محمد العبد الله بن مسفر عن انخفاض سعر الذهب في حائل فاستدعى عبد الرحمن بن محمد الخطاف وطلب منه مشاركته في شراء ذهب من حائل فوافق ابن خطاف، ولكنه قال ولي حرية التصرف في شراء مال غير الذهب إذا رأيت هذا من المصلحة، فوافق ابن مسفر وسافر ليلا عبد الرحمن بن محمد الخطاف، ومعه ولده عبد العزيز، وخلال ثمان وثلاثين ساعة وصلا إلى حائل على بعيرين ومعهما ستة آلاف ريال فرنسي فاشترى ابن خطاف ذهبًا وبعارين وعاد بها إلى بريدة وتولى ابن خطاف بيع البعارين وتولى ابن مسفر بيع الذهب، وربحت تجارتهما آلفًا وخمسمائة ريال، وكان محمد بن عبد الله المسفر يعتمد على ولده الأكبر عبد الله في أعماله الكتابية فأعطى لابن خطاف سبعمائة وخمسين ريالًا ربحه أخذها ابن خطاف وذهب إلى بيته وفي الصباح رجع إلى محمد بن عبد الله بن مسفر قائلًا عندي لكم زيادة خمسين ريالًا فراجعوا
(1) ملامح عربية، ص 87.
وقد توفي عام 1393 هـ بعد هذا العمر المديد، ولم يفقد من ذاكرته شيئًا، وكان لا يزال يحفظ أخبار المعارك والحروب التي خاضها.
قال الأستاذ ناصر العمري:
انسحب عبد العزيز بن متعب بن رشيد بجيشه وأعوانه من الشنانة في القصيم واتجه شرقًا منحدرًا مع وادي الرمة فلحق بجيشه خمسمائة رجل من أعوان ابن سعود معظمهم وأكثرهم من أهل بريدة وصاروا يراشقون جيش ابن رشيد بإطلاق النار، وكان من بين الذين تبعوا انسحاب جيش ابن رشيد عبد الرحمن بن محمد الخطاف، وهو رجل شجاع قوي الجسم حاد البصر كثير الأسفار والاختلاط بالبادية، ويعرف عادات العرب وتقاليدهم في الحروب، وقد استطاع أن ينفلت من بين خيل ابن رشيد ويلحق بالإبل التابعة لابن رشيد فغنم منها خمسة عشر بعيرًا، وانتحى بها جانبًا يسوقها فوجد أناسًا من البادية فاتفق معهم على إيصالها إلى بريدة، ولهم نصفها فأخذوها وعاد لمراماة جيش ابن رشيد المنهزم أو المنسحب على الأصح، وفوجئ بامرأة سافرة تصيح به فأعطاها الأمان وقال لها اقتربي مني ولا بأس عليك وكانت باكية، إنها عاطفة الأمومة الجياشة امرأة من قبيلة ابن رشيد فقدت طفلها، لقد سقط منها في معترك زحام انسحاب الجيش فأخذ ابن خطاف بيدها وسار بها وكان حاد البصر وتتبع أثر جيش ابن رشيد في انسحابه فرأى جسمًا ملفوفًا بملابس من بعيد واتجه إليه وصاح بالمرأة: أبشري بولدك وحمله واتجه به إليها وهي تكاد تطير من الفرح متجهة إلى طفلها وحامله ومنقذه وسلمه إليها فقبلت طفلها وطلبت من ابن خطاف أن يلحقها بجيش ابن رشيد لأنها خائفة على حياتها وحياة طفلها فقال لك عهد الله ما يمسك سوء، وسار معها حتى ألحقها بجيش ابن رشيد ثم عاد وأخذ طريقه إلى
ومن (الخطاف) عبد الرحمن بن محمد الخطاف: المعروف بدحيم عُمِّر طويلًا، ومات بعد أن وصل عمره إلى عشر بعد المائة أو كاد، وقد تجاوز المائة وهو قوي الجسم سليم الحواس، وأقرب الأقوال أنه عمر مائة وثمان سنوات منها مائة وخمس سنوات كان فيها سليم الحواس، ومتمتعًا بصحة جيدة، واشتهر بقوته الجسدية إبان شبابه وقوة تحمله، وكان معروفًا بالشجاعة والإقدام في الحرب.
ووجدت شهادة لمحمد بن عبد الرحمن الخطاف هذا في وثيقة كتبها الشيخ المعروف في زمنه إبراهيم بن عجلان في 25 شوال سنة 1283 هـ.
أما محمد الراشد فالظاهر أنه محمد بن راشد الرقيبة ووالده راشد السليمان من كبار الجماعة المتميزين بالديانة والوجاهة والتدين، مع وفرة الثروة والمال، وسوف يأتي ذكره في حرف الراء إن شاء الله.
أول من جاء من (الخطَّاف) إلى بريدة: عبد الرحمن بن عبد الله الخطاف: من الوشم، جاء إلى بريدة في أول القرن الثالث عشر الهجري وسكن (بريدة) وتزوج بها وولد له فيها ابن أسماه محمدًا، وقد توفي عبد الرحمن وابنه محمد صغير السن، فكبر ونزل دكانًا في وسعة بريدة شمال المسجد الجامع، وقد وفق في البيع والشراء ووسع له في رزقه مما جعله يملك بيتا كبيرًا في السوق الرئيسي ببريدة وفيه أحد عشر دكانًا، وقد أتم عمارة هذا البيت عام 1285 هجرية، ولا يزال باقيًا حتى الآن ومعروف (ببيت ودكاكين الخطاف) وآخر من سكن البيت من أبنائه عبد الله وهو أصغر أبنائه ويبلغ من العمر أكثر من ثمانين عامًا.
وقد ولد لمحمد تسعة أبناء وهم مزيد وعبد الرحمن وسليمان وصالح وراشد وعلي وناصر وحمد وعبد الله، وصار لهؤلاء أولاد وأحفاد، وصار لأبنائه أحفاد فأحفاد ابنه الكبير مزيد ثلاثة أولاد وهم عبد الله وإبراهيم وفهد.
وقد توفي عبد الله عام 1360 هـ، وأما إبراهيم فقد توفي عام 1358 هـ.
ورد ذكر محمد الخطاف وهو ابن عبد الرحمن الخطاف أول من جاء إلى بريدة من الوشم في وثيقة مؤرخة في عام 1241 هـ بخط سليمان بن سيف، وقد اكتفى الدائن والكاتب بشهادة محمد آل خطاف مع شهادة الكاتب، مما يدل على قدم وجودهم في القصيم.
"من فهد بن معمر إلى الإخوان الكرام سعد العامر ومحمد الراشد وسليمان بن خطاف سلمهم الله آمين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: بارك الله فيك طاح نظرنا ونظر الجماعة عليكم على أنكم تطرحون نظركم على جماعة مسجدكم وجيرانكم من جهة الصلاة مع الجماعة، ومن جهة الأمور التي فيها نقص وخلل على أمور الدين واللي تكفي فيه النصحية تنصحونه، واللي ما تكفي فيه النصحية ترفعون أمره للنائب عبد العزيز المقبل، وتلتزمون بذلك وتحتسبون، ولا تعدَّرون يكون معلوم، إنْ إن شاء الله.
5 ربيع أول 1338 هـ
وسعد العامر المذكور في هذا الكتاب شخص معروف مشهور سيأتي ذكره عند ذكر أسرته في حرف العين، إن شاء الله.