الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فكان من أهم ما يشغل بال الفلاحين أن تكون الغروب هذه جيدة ليس فيها شقوق ولا خروق حتى لا يتسرب منها الماء أثناء إخراجه من البئر.
لذلك لابد لكل أهل خب من الخبوب أو قرية من القرى من وجود خراز محترف أي ممن يمتنهن مهنة الخرازة، ويعمل في هذه الصنعة يتكسب بذلك.
ويحدث أحيانًا أن يكون ذلك الخراز مشغولًا أو غائبًا أو مريضًا فتتعرض الفلاحة لنقص الماء وتعرض النخيل وبقية الزرع للعطش، وللضرر.
فكان جدهم البريدي عنده صبر وجلد، بحيث تلافي ذلك بأن تعلم من نفسه لنفسه كيف يخرز غروب فلاحته بنفسه ولا يحتاج إلى خراز محترف يأخذ منه أجرة، والأصعب من ذلك أنه لا يأتي في الوقت المناسب.
وقد عرف البريدي بذلك حتى صار جيرانه وأقاربه وأصدقاؤه من أهل خب البريدي يطلبون منه أن يساعدهم في إصلاح غروبهم وخرازة ما يحتاج منها إلى خرازة، فكان يستجيب لذلك متبرعًا معاونًا لهم بجهده، ولم يتخذ الخرازة مهنة ولا صنعة له، بل كان فلاحًا كسائر أسرته.
ولم يكن يأخذ أجرًا على خرازة ما يخرزه لجيرانه وأقاربه لذلك لقب بـ (الخراز).
قدم التسمية بالخراز:
أقول: كتبت ما سبق اعتمادًا على ما سمعته من أهل الخبوب، ولم أكن أعرف غيره، ولكني عرفت بعد ذلك، وبخاصة من الأخ محمد بن خليفة التميمي من أهل قصر ابن عقيل، وهو من وهبة تميم مثل أسرة البريدي، وأسرة الخراز هذه وهو أعلم من عرفته بالوهبة، وأسرهم ورجالهم، سواء الوهبة في القصيم أو في الوشم، ولا أعرف أعلم به منهم.
قال: التسمية بالخراز هذه قديمة مضت عليها أربعمائة سنة، وهي موجودة في هذه الأسرة قبل أن يصلوا إلى القصيم.
ثم ذكر أن أول من عرف من أسرة الخراز هو عالم شهير تولى القضاء وفي أشيقر في عام 1050 هـ، وأنه كان يسمى (فلانًا الخراز) ذكر لي اسمه، وأنسبته.
قال: وقد علل بعض الناس تسميته بالخراز بأنه كان يخرز العلم في عقول الطلاب، وأن أسرة الخراز أهل القصيم هم من نسله أو نسل أبناء عمه.
وأن الخراز أهل القصيم وبالذات خب البريدي كانوا يسمون بهذا الاسم عندما كانوا في الوشم، وقبل أن ينتقلوا عنه إلى القصيم، حيث انتقل منهم أناس إلى عنيزة وبقوا يعرفون بالخراز وانتقل منهم أناس إلى خب البريدي واستمروا يسمون (الخراز) أيضًا.
وقد أعطاني ورقة ذكر فيها المؤرخ ابن عيسى رحمة الله الخراريز - جمع خراز - من هؤلاء مما يدل على قدم التسمية به، وأنه كان اسم للأسرة قديم.
بقي أن أذكر هنا ما أفادني به الأخ محمد بن خليفة التميمي المذكور عن سبب انتقال أوائل أسرة البريدي إلى منطقة بريدة، وهي أنهم كانوا مع أبناء عمهم من المشارفة نازلين في الحريق بتشديد الياء وكسرها، وأنهم اختلفوا معهم وتقاتلوا كما حدث بين المشارفة مثل ذلك أكثر من مرة.
وأن (آل عبد الله) من المشارفة تغلبوا على أبناء عمهم من أسرة البريدي فقتلوا منهم عدة رجال، وأن عقلاء من عقلائهم قالوا لهم: يجب أن ترسلوا ذراريكم من النساء والأطفال إلى مكان بعيد عن هذه الفتن فانتقلوا بهم من الحريِّق، إلى القصيم، وأسسوا فيما بعد ذلك هذا الخب الذي سمي باسمهم خب البريدي.
وبذلك أي بوصولهم إلى القصيم وبخاصة منطقة بريدة سلموا من النزاع والقتال.
فلم يقاتلهم أحد ولم يمس أحد من ذرياتهم أو أملاكهم بشيء إلا بما يحكم به الشرع الشريف مثلما عليه الحال بالنسبة إلى جميع سكان بريدة.
وقد كتبت هذا الكلام ليس من أجل حرص الأخ جار الله الخراز الذي غير اسمه إلى اسم (البريدي) فحسب، لأن تغيير الإنسان اسمه صار شائعًا لا يسترعي الانتباه، وربما قال بعض الناس: إنه من حقه إذا لم يترتب عليه المساس بحقوق آخرين، ولكن ذلك من كون التسمية قديمة تاريخية فيها تاريخ عريق يشرف هذه الأسرة، ومنها عالم قاض عريق تولى القضاء في أشيقر قبل دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بزمن - اسمه (الخراز) والله أعلم.
وهذه صورة الوثيقة التي أشار إليها الأخ محمد بن خليفة التميمي، وذكر الي الأخ النبيه عبدالملك البريدي أنها منقولة من كتاب:(العلماء والكتَّاب في أشيقر: خلال القرنين الثالث عشر والرابع عشر).
وفي الهامش بخط ابن عيسى (الشيخ علي بن عمر هذا هو الملقب بالخراز من المشارفة من الوهبة، والخراريز معروفون فهم صالح الخراز أمير خب البريدي في القصيم وبنو عمه الخراريز المعروفين في خب البريدي ومنهم عيال الخراز الذين انتقلوا من أشيقر وسكنوا عنيزة).
وأهم من سارعوا إلى تغيير اسمهم من (الخراز) إلى البريدي جار الله بن صالح بن علي الخراز فصار اسمه (جار الله بن صالح بن علي البريدي).
وهو شخص مهم عرفناه قدم إلى بريدة من مكة المكرمة حيث كان يعمل هناك في الجندية، وذكر لنا أن من بين ما كان يعمله (قائد القلعة) في مكة أو المشرف عليها.
وقد أصبح مهتمًا بأمور المدينة العامة في بريدة وصار له ذكر في هذا الأمر.
وصار أميرًا لخب البريدي.
وقد توفي في رمضان عام 1408 هـ رحمه الله.
وصار ابنه أيضًا عبد العزيز (رئيس مركز خب البريدي) وهي الوظيفة التي كان اسمه في القديم (أمير خب البريدي).