الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يأتي:
1 -
التنبيه على قصر مدة المكث في الدنيا، والاستفادة من تلك المدة بأقصى قدر ممكن للقيام بالطاعات والتقرب بالقربات، واجتناب المحظورات والمنهيات.
2 -
إن شدة العذاب التي يرتع بها الكفار في نار جهنم أنستهم مدة مكثهم في الدنيا أحياء، وفي القبور أمواتا. لذا أحالوا الجواب على الحاسبين العارفين بذلك، أو على الملائكة الذين كانوا معهم في الدنيا.
3 -
قرر الله تعالى أن مدة المكث أو اللبث في الدنيا قليلة لتناهيها بالنسبة إلى المكث في النار، لأنه لا نهاية له، لو علم الناس بذلك، فيكون المراد من قوله تعالى:{لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أن زمن الدنيا قليل لو علمتم البعث والحشر، لكنكم لما أنكرتم ذلك صرتم تعدونه طويلا.
4 -
إن للمخلوقات رسالة سامية في الحياة، وهي إطاعة الله تعالى فيما أمر، وعبادته بحق، واجتناب ما نهى عنه، فإنه تعالى لم يخلق الناس عبثا أي لعبا باطلا، دون قصد ولا حكمة، وإنما خلقهم لأداء مهمة خطيرة معينة، هي إظهار العبودية لله، قال الحكيم الترمذي أبو عبد الله محمد بن علي: إن الله تعالى خلق الخلق عبيدا ليعبدوه، فيثيبهم على العبادة، ويعاقبهم على تركها، فإن عبدوه فهم اليوم له عبيد أحرار كرام من رقّ الدنيا، ملوك في دار السلام، وإن رفضوا العبودية، فهم اليوم عبيد أبّاق سقّاط لئام، وغدا أعداء في السجون بين أطباق النار.
وروى ابن أبي حاتم عن رجل من آل سعيد بن العاص قال: كان آخر خطبة
خطبها عمر بن عبد العزيز أن حمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
أما بعد، أيها الناس: إنكم لم تخلقوا عبثا، ولن تتركوا سدى، وإن لكم معادا ينزل الله فيكم للحكم بينكم، والفصل بينكم، فخاب وخسر وشقي عبد أخرجه الله من رحمته، وحرم جنة عرضها السموات والأرض، ألم تعلموا أنه لا يأمن عذاب الله غدا إلا من حذر هذا اليوم، وخافه، وباع نافدا بباق، وقليلا بكثير، وخوفا بأمان.
ألا ترون أنكم من أصلاب الهالكين، وسيكون من بعدكم الباقين، حتى تردوا إلى خير الوارثين؟ ثم إنكم في كل يوم تشيعون غاديا ورائحا إلى الله عز وجل، قد قضى نحبه، وانقضى أجله حتى تغيبوه في صدع من الأرض في بطن صدع غير ممهد ولا موسد، قد فارق الأحباب، وباشر التراب، وواجه الحساب، مرتهن بعلمه، غني عما ترك، فقير إلى ما قدم.
فاتقوا الله عباد الله قبل انقضاء مواثيقه ونزول الموت بكم.
ثم جعل طرف ردائه على وجهه، فبكى وأبكى من حوله.
5 -
من قصر النظر وجهالة الإنسان وغبائه أن يظن كما يظن الماديون أن الدنيا هي كل شيء، وألا رجعة إلى الله والدار الآخرة، ليجازى الناس على أعمالهم.
6 -
تقدس الله وتنزه عن الأولاد والشركاء والأنداد، وعن أن يخلق شيئا عبثا أو سفها؛ لأنه الحكيم، والملك الحق الثابت المبين الذي لا يزول ولا يبيد ملكه وقدرته، ويحق له الملك؛ لأن كل شيء منه وإليه، وهو الثابت الذي لا يزول، وذو العرش العظيم الكريم، لا إله غيره، ولا رب سواه، فما عداه
مصيره إلى الفناء، وما يفنى لا يكون إلها. والمراد بالعرش: العرش حقيقة، ووصفه بالكريم لتنزل الرحمة والخير والبركة منه، ولنسبته إلى أكرم الأكرمين.
7 -
إن من يعبد مع الله إلها آخر لا بينة ولا حجة ولا دليل له عليه، فإن الله هو الذي يعاقبه ويحاسبه، وإنه لا يفلح الكافرون، ولا يفوزون بالنعيم والسعادة الأبدية، فمن ادعى إلها آخر، فقد ادعى باطلا إذ لا برهان له فيه، وما لا برهان فيه لا يجوز إثباته، وهذا دليل على وجوب التأمل والنظر في إثبات العقيدة، وبطلان التقليد.
8 -
إن المؤمن الحق هو الذي يديم النظر والتأمل في بديع خلق الله وقدرته، ليتوصل بذلك إلى إثبات البعث وإمكانه، ويستمر في عبادته ربه حتى الموت، ويكثر من دعاء الله تعالى قائلا: رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين؛ لأن الانقطاع إلى الله تعالى والالتجاء إلى دلائل غفرانه ورحمته عاصمان عن كل الآفات والمخاوف.
9 -
من براهين البعث أنه: لولا القيامة لما تميز المطيع من العاصي، والصديق من الزنديق، والرجوع إلى الله تعالى معناه الرجوع إلى حيث لا مالك ولا حاكم سواه، لا أنه رجوع من مكان إلى مكان، لاستحالة ذلك على الله تعالى.
10 -
شتان بين فاتحة السورة وخاتمتها، فقال في الفاتحة:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} وفي الخاتمة {إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ} .