الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والأمر حينئذ للوجوب. ويؤيده
الحديث المتقدم عن أبي هريرة: «ثلاثة حق على الله عونهم: المكاتب الذي يريد الأداء، والناكح يريد العفاف، والمجاهد في سبيل الله» . قال ابن كثير: والقول الأول أشهر، أي جعل الخطاب للسادة، لا لجماعة المسلمين؛ لأن الخطاب في الزكاة فرض متعين، والآية هنا تضيف على الزكاة مطلبا آخر على السادة.
الحكم العاشر-الإكراه على البغاء:
نهى الله تعالى المؤمنين عن جمع المال من طرق حرام فقال: {وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا} أي لا تجبروا إماءكم على الزنى، سواء أردن التعفف عنه أو لا، طلبا لعروض الدنيا المادية من مال وولد وغيرهما. وقوله تعالى:{إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً} شرط لحدوث الإكراه وقيد لبيان الواقع الذي بسببه نزلت الآية، بدليل ما أخرجه ابن مردويه عن علي كرم الله وجهه أنهم كانوا في الجاهلية يكرهون إماءهم على الزنى ليأخذوا أجورهن، فنهوا عن ذلك في الإسلام ونزلت الآية، وكذلك بينا في سبب النزول أن عبد الله بن أبي كان له جوار يكرههن على الزنى كسبا للمال.
فالتقييد بقيدي إرادة التحصن وابتغاء عرض الحياة الدنيا لا مفهوم له، ويحرم الإكراه مطلقا سواء وجد هذان القيدان أم لا، وإنما جاء ذلك بقصد النص على عادة أهل الجاهلية إذا كان لأحدهم أمة، أرسلها تزني، وجعل عليها ضريبة يأخذها منها كل وقت، فنص على ذلك للتشنيع، ثم إن قيد إرادة التحصن شرط في تصور الإكراه وتحققه وليس شرطا للنهي، لكن في الحقيقة ذكر الإكراه مغن عن هذا القيد، فيتصور بإكراه غير التي تريد الزنى، ثم حدث الإجماع على تحريم الإكراه على الزنى عند عدم إرادتهن التحصن أو إرادة التحصن والتعفف.
والتعبير بإن في قوله تعالى: {إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً} بدل «إذا» للإشعار
بوجوب الانتهاء عن الإكراه في حال التردد والشك بإرادة التحصن، فيكون تحريم الإكراه عند تحقق الوقوع أشد وأقبح وأولى.
{وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أي ومن يحدث منه الإجبار على البغاء للإماء فإن الله غفور لهن، رحيم بهن من بعد إكراههن.
وهذا يشعر أنه ولو حدث الزنى بالإكراه فهو ذنب وإثم، بدليل المغفرة، ولأن مثل هذا الفعل لا يخلو من مطاوعة.
وواضح أن المغفرة عائدة إلى المكرهات، وهو رأي أكثر العلماء، ويؤيده قراءة ابن مسعود:«من بعد إكراههن لهن غفور رحيم» . وقال بعضهم: المغفرة عائدة إلى المكرهين بشرط التوبة، وهو فتح باب الأمل أمامهم، وهو تأويل ضعيف بعيد لأن فيه تهوين أمر الإكراه على الزنى، والحال حال تهويل وتشنيع على من أقدم على الإكراه.
وبعد تفصيل هذه الأحكام وبيانها ذكر الله تعالى فضائل هذه السورة، أو وصف القرآن بصفات ثلاث هي:
1 -
{وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ} أي أنزلنا في هذه السورة وغيرها آيات مفصّلات الأحكام والحدود والشرائع التي أنتم بحاجة إليها.
2 -
{وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ} أي وأنزلنا أيضا قصة عجيبة من مثل أخبار الأمم المتقدمة وهي قصة الإفك العجيبة المشابهة لقصة يوسف ومريم عليهما السلام. فقوله: {وَمَثَلاً} أي ومثلا من أمثال من قبلكم أي قصة عجيبة من قصصهم، يعني قصة عائشة رضي الله عنها كقصة يوسف ومريم عليهما السلام.
3 -
{وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} أي وأنزلنا مواعظ وزواجر لمن اتقى الله وخاف