الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلاّ بِشِقِّ الْأَنْفُسِ، إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ} [النحل 7/ 16] وقال سبحانه: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً، فَهُمْ لَها مالِكُونَ، وَذَلَّلْناها لَهُمْ، فَمِنْها رَكُوبُهُمْ، وَمِنْها يَأْكُلُونَ، وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ وَمَشارِبُ، أَفَلا يَشْكُرُونَ} [يس 71/ 36 - 73].
والامتنان بهذه النعم الجليلة بقصد الإرشاد إلى الخالق، والتعرف على قدرة الله تعالى.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
1 -
استنبط الإمام الرازي من الآية الأولى في خلق السموات ستة أحكام هي:
أ-أنها دالة على وجود الإله الصانع، فإن تحول الأجسام من صفة إلى صفة أخرى مغايرة للأولى يدل على أنه لا بد من محول ومغير.
ب-أنها تدل على فساد القول بالطبيعة؛ لأن الطبيعة تقضي ببقاء الأشياء على حالها وعدم تغيرها، فإذا تغيرت تلك الصفات، دل على احتياج الطبيعة إلى خالق وموجد.
ج -تدل على أن المدبر قادر عالم؛ لأن الجاهل لا يصدر عنه هذه الأفعال العجيبة.
د-تدل على أنه تعالى عالم بكل المعلومات، قادر على كل الممكنات.
هـ -تدل على جواز الحشر والنشر؛ لأنه لما كان تعالى قادرا عالما، وجب أن يكون قادرا على إعادة تركيب الأجزاء كما كانت.
و-أن معرفة الله تعالى يجب أن تكون استدلالية لا تقليدية، وإلا لكان ذكر هذه الدلائل عبثا
(1)
.
2 -
دلت الآية الثانية في إنزال المطر على نعمة عظمي تستحق التقدير هي الماء الذي هو حياة الأبدان ونماء الحيوان، فالماء في نفسه نعمة، وهو أيضا سبب لحصول النعم من إنبات النبات، وسقي الإنسان والحيوان.
والمراد بماء السماء المنزل المختزن وغير المختزن: هو الماء العذب غير الأجاج المالح.
وإنزال الماء بقدر، أي على قدر مصلح موافق للحكمة والحاجة؛ لأنه لو كثر أهلك، كقوله تعالى:{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ عِنْدَنا خَزائِنُهُ، وَما نُنَزِّلُهُ إِلاّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} [الحجر 21/ 15].
وقوله: {وَإِنّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ} أي الماء المختزن في الأرض:
تهديد ووعيد، أي في قدرة الله إذهابه وتغويره، ويهلك الناس بالعطش وتهلك مواشيهم، كقوله تعالى:{قُلْ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً، فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ} [الملك 30/ 67] وغورا: أي غائرا.
وكل ما نزل من ماء السماء مختزنا أو غير مختزن هو طاهر مطهر، يغتسل به ويتوضأ منه.
3 -
من آثار الماء جعله سبب النبات، فهو ينبت أشرف الثمار، وهي الرطب والأعناب، وينبت غير ذلك من الفواكه، ولا فرق في الفاكهة بين الطري واليابس.
وبالماء تنبت الأشجار، ومن أبرك الأشجار ما ذكر في الآية وهو شجرة
(1)
تفسير الرازي: 88/ 23