الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يمنع وجوب الحد وصحة اللعان. وقال الثوري والمزني: لا يسقط الحدّ عن القاذف؛ لأن المقذوف كان محصنا في حال القذف، ويعتبر الإحصان والعفة حال القذف لا بعده.
ومن قذف امرأته وهي كبيرة لا تحمل تلاعنا، فالزوج يلاعن لدفع الحد عنه، والزوجة لدرء العقاب وهو حد الزنى. فإن كانت صغيرة لا تحمل لاعن هو لدرء الحد، ولم تلاعن هي؛ لأنها لو أقرت لم يلزمها شيء.
8 - إذا شهد أربعة على امرأة بالزنى، أحدهم زوجها
، فإن الزوج في رأي المالكية يلاعن وتحدّ الشهود الثلاثة إذ لا يصح أن يكون أحد الشهود. وقال أبو حنيفة: إذا شهد الزوج والثلاثة، قبلت شهادتهم، وحدّت المرأة.
9 - إذا أبى الزوج اللعان
، فلا حدّ عليه عند أبي حنيفة، ويسجن أبدا حتى يلاعن؛ لأن الحدود لا تؤخر. وقال الجمهور: إن لم يلاعن الزوج حدّ؛ لأن اللعان له براءة كالشهود للأجنبي، فإن لم يأت الأجنبي بأربعة شهود حدّ، فكذلك الزوج إن لم يلاعن.
وإذا امتنعت الزوجة من اللعان ترجم في رأي الجمهور. ولا ترجم عند الحنفية.
10 - كيفية اللعان:
بعد نزول آيات اللعان
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعوة عويمر العجلاني وزوجته وشريك بن سحماء، وقال لعويمر: اتق الله في زوجتك وابن عمك ولا تقذفها، فقال: يا رسول الله، أقسم بالله، إني رأيت شريكا على بطنها، وإني ما قربتها منذ أربعة أشهر، وإنها حبلى من غيري.
فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: اتقي الله ولا تخبري إلا بما صنعت، فقالت:
يا رسول الله، إن عويمرا رجل غيور، وإنه رأى شريكا يطيل النظر إلي، ويتحدث، فحملته الغيرة على ما قال.
فنودي «الصلاة جامعة» فصلى العصر، ثم قال لعويمر: قم وقل: أشهد بالله، إن خولة لزانية، وإني لمن الصادقين، ثم قال: قل: أشهد بالله، إني رأيت شريكا على بطنها، وإني لمن الصادقين، ثم قال: قل: أشهد بالله، إنها حبلى من غيري، وإني من الصادقين، ثم قال: قل: أشهد بالله، إنها زانية، وإني ما قربتها منذ أربعة شهور، وإني لمن الصادقين، ثم قال: قل: لعنة الله على عويمر (أي نفسه) إن كان من الكاذبين فيما قال، ثم قال: اقعد.
وقال لخولة: قومي، فقامت، وقالت: أشهد بالله، ما أنا بزانية، وإن عويمرا زوجي لمن الكاذبين، وقالت في الثانية: أشهد بالله ما رأى شريكا على بطني، وإنه لمن الكاذبين، وقالت في الثالثة: إني حبلى منه، وقالت في الرابعة: أشهد بالله، إنه ما رآني على فاحشة قط، وإنه لمن الكاذبين، وقالت في الخامسة: غضب الله على خولة إن كان عويمر من الصادقين في قوله، ففرّق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما.
وفي رواية أخرى لابن عباس عند الإمام أحمد: «فلما كانت الخامسة، قيل له: يا هلال اتق الله، فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب، فقال: والله لا يعذبني الله عليها، كما لم يجلدني عليها، فشهد في الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين.
ثم قيل للمرأة: اشهدي أربع شهادات بالله، إنه لمن الكاذبين، وقيل لها عند الخامسة: اتقي الله، فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب، فتلكأت ساعة، وهمت بالاعتراف، ثم قالت: والله لا أفضح قومي، فشهدت في الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين.
ففرّق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما، وقضى ألا يدعى ولدها لأب، ولا يرمى
ولدها، ومن رماها أو رمى ولدها، فعليه الحد، وقضى ألا بيت لها عليه، ولا قوت لها، من أجل أنهما يفترقان من غير طلاق ولا متوفى عنها.
وقال: «إن جاءت به أصيهب أريشح حمش الساقين، فهو لهلال، وإن جاءت به أورق جعدا جماليا، خدلج الساقين، سابغ الأليتين، فهو الذي رميت به» فجاءت به على النعت المكروه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لولا الأيمان لكان لي ولها شأن» .
يفهم من الآية وهذه الحادثة كيفية اللعان، وهو أن يقول الحاكم للملاعن:
قل أربع مرات: أشهد بالله، إني لمن الصادقين، وفي المرة الخامسة، قل: لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين.
وتشهد المرأة أربع مرات: أشهد بالله إنه لمن الكاذبين، وفي المرة الخامسة تقول: غضب الله عليها إن كان من الصادقين.
ويكتفى بدلالة الحال والقرائن عن ذكر متعلق الصدق والكذب، أي فيما رماها به من الزنى ونفي الولد، وفيما اتهمها به.
ولا بد من الحلف خمس مرات من كل منهما، ولا يقبل من الزوج إبدال اللعنة بالغضب، ولا يقبل من الزوجة إبدال الغضب باللعنة.
وظاهر الآية وهو مذهب الجمهور البداءة في اللعان بما بدأ الله به، وهو الزوج، وفائدته درء الحد عنه، ونفي النسب منه؛
لقوله صلى الله عليه وسلم: «البينة وإلا حدّ في ظهرك» ولو بدئ بالمرأة قبله لم يجز؛ لأنه عكس ما رتبه الله تعالى.
وقال أبو حنيفة: يجزئ إن بدأت هي بلعانها. وسبب الخلاف: أن الجمهور يرون أن لعان الزوج موجب للحد على الزوجة، ولعانها يسقط ذلك الحد، فكان من المعقول أن يكون لعانها متأخرا عن لعانه. وأبو حنيفة لا يرى لعان الزوج موجبا لشيء قبلها، فلا حاجة لأن يتأخر لعانها عن لعانه.