الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يتقبل حسناتهم، ويتجاوز عن سيئاتهم، ويضاعف لهم الجزاء الحسن، كقوله تعالى:{مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها} [الأنعام 160/ 6] وقوله سبحانه:
{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ} [يونس 26/ 10] وقوله عز وجل: {وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ} [البقرة 261/ 2]. وقال الله تعالى في
الحديث القدسي فيما رواه أحمد والشيخان والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة: «أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر» .
{وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ} أي إن الله تعالى واسع الفضل والإحسان يرزق من يريد ويعطي من يشاء، بغير عدّ ولا إحصاء، والله على كل شيء قدير.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
1 -
إن أول موضع تظهر فيه هداية الله ونوره هو في المساجد التي يشيد بناءها المؤمنون، ويعمرونها بالصلاة والأذكار في أوائل النهار وأواخره، والمساجد المخصوصة لله تعالى بالعبادة تضيء لأهل السماء كما تضيء النجوم لأهل الأرض، كما قال ابن عباس ومجاهد والحسن.
روى أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أحبّ الله عز وجل فليحبني، ومن أحبّني فليحبّ أصحابي، ومن أحب أصحابي، فليحبّ القرآن، ومن أحبّ القرآن فليحبّ المساجد، فإنها أفنية الله أبنيته، أذن الله في رفعها، وبارك فيها، ميمونة ميمون أهلها، محفوظة محفوظ أهلها، هم في صلاتهم، والله عز وجل في حوائجهم، هم في مساجدهم والله من ورائهم» .
2 -
يأمر الله بعمارة المساجد عمارة حسية بالبناء، وعمارة معنوية بالصلاة
وتلاوة القرآن والأذكار وحلقات التعليم، كما قال تعالى:{إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة 18/ 9]
وقال صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه ابن ماجه عن عليّ: «من بنى لله مسجدا، بنى الله له بيتا في الجنة»
وروى ابن ماجه في سننه عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «من أخرج أذى من المسجد، بنى الله له بيتا في الجنة»
وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه أحمد والترمذي وابن ماجه عن أبي سعيد: «إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد، فاشهدوا له بالإيمان، إن الله تعالى يقول:{إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} .
أما زخرفة المساجد فبعضهم أباحها؛ لأن فيها تعظيم المساجد، والله تعالى أمر بتعظيمها في قوله:{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ} أي تعظّم. وروي عن عثمان أنه بنى مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالسّاج
(1)
وحسّنه. قال أبو حنيفة: لا بأس بنقش المساجد بماء الذهب، ونقش عمر بن عبد العزيز مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبالغ في عمارته وتزيينه، زمن ولايته على المدينة قبل خلافته، ولم ينكر عليه أحد ذلك.
وكرهه قوم لما
أخرجه أبو داود عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد» .
وتصان المساجد وتنزه عن الروائح الكريهة والأقوال السيئة وغيرها، وذلك من تعظيمها،
جاء في الحديث الصحيح عند الشيخين عن جابر: «من أكل ثوما أو بصلا فلا يغشانا في مساجدنا» أو «فليعتزلنا وليعتزل مسجدنا، وليقعد في بيته» .
والمساجد فيما ذكر كلها سواء،
للحديث المتقدم ولحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال في غزوة تبوك فيما رواه أحمد ومسلم عن أبي سعيد:
«من أكل من هذه الشجرة الخبيثة-يعني الثّوم-شيئا فلا يقربنا في المسجد» .
(1)
أحسن أنواع الخشب المأخوذ من شجر معروف في الهند.
وتصان المساجد أيضا عن البيع والشراء وجميع الأشغال الدنيوية؛ لما
أخرجه مسلم عن بريدة من قوله صلى الله عليه وآله وسلم للرجل الذي نادى على الجمل الأحمر:
«لا وجدت، إنما بنيت المساجد لما بنيت له» . وهذا يدل على أن الأصل ألا يعمل في المسجد غير الصلوات والأذكار وقراءة القرآن.
وروى الترمذي عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه نهى عن تناشد الأشعار في المسجد، وعن البيع والشراء فيه، وأن يتحلّق الناس يوم الجمعة قبل الصلاة. ولكن
روي في حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رخص في إنشاد الشعر في المسجد.
ويكره رفع الصوت في المسجد في العلم وغيره في رأي مالك وجماعة،
لحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجه: «من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد، فليقل: لا ردّها الله عليك، فإن المساجد لم تبن لهذا» . وأجاز أبو حنيفة وأصحابه رفع الصوت في الخصومة (التقاضي) والعلم؛ لأنه لا بد لهم من ذلك.
ويجوز عند المالكية النوم في المسجد لمن احتاج إلى ذلك من رجل أو امرأة من الغرباء، ومن لا بيت له، فقد أنزل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في صفّة المسجد رهطا من عكل. وفي الصحيحين عن ابن عمر أنه كان ينام وهو شاب أعزب، لا أهل له، في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ويكره عند الشافعية النوم في المساجد.
ويسن الدعاء عند دخول المسجد؛
روى مسلم عن أبي أسيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك» . وبعد الدخول يسن صلاة ركعتين تحية المسجد؛ لما
روى مسلم أيضا عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس» .
3 -
وصف الله تعالى المسبّحين في المساجد بأنهم المراقبون أمر الله، الطالبون