الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{أَفَلا تَعْقِلُونَ} ؟ استفهام بقصد التوبيخ والإنكار.
{يُحْيِي وَيُمِيتُ} طباق.
المفردات اللغوية:
{أَنْشَأَ} خلق {السَّمْعَ} الأسماع {الْأَفْئِدَةَ} لتتفكروا فيها وتستدلوا بها، وتحققوا منافع أخرى دينية ودنيوية {قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ} تشكرونها شكرا قليلا؛ لأن الشكر الحقيقي استعمال الحواس فيما خلقت لأجله، والإذعان لمانحها من غير إشراك، و {ما} لتأكيد القلة {ذَرَأَكُمْ} خلقكم وبثكم {تُحْشَرُونَ} تبعثون وتجمعون يوم القيامة بعد تفرقكم {يُحْيِي} ينفخ الروح {وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ} تعاقبهما بالسواد والبياض، والزيادة والنقصان، وذلك مختص بالله تعالى لا يقدر عليه غيره، كما يقال: يختلف إلى فلان، أي يتردد عليه، {أَفَلا تَعْقِلُونَ} صنعه تعالى بالنظر والتأمل أن كل شيء منا، وأن قدرتنا تعم كل الممكنات وأن البعث من جملتها، فتعتبروا. وقرئ بالياء (يعقلون) على أن الخطاب السابق لتغليب المؤمنين.
المناسبة:
بعد أن بيّن الله تعالى إعراض المشركين عن تدبر القرآن وفهم أدلة وجود الله ووحدانيته وقدرته، أعقبه ببيان أوجه النعم العظمى على عباده، ليسترشدوا بها على وجود الله وقدرته. وتلك النعم هي الأسماع والأبصار والأفئدة وهي العقول والأفهام التي يذكرون بها الأشياء، ويعتبرون بما في الكون من الآيات الدالة على وحدانية الله، وأنه الفاعل المختار لما يشاء.
التفسير والبيان:
امتن الله تعالى على عباده بنعم عظيمة دالة على قدرته وحكمته وعلمه وهي أربعة:
1 -
{وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ} أي والله الذي خلق
لكم الأسماع لسماع الأصوات، والأبصار لرؤية الأشياء، والعقول لفهم الأمور، وإدراك الحقائق المؤدية إلى تحقيق منافع الدنيا والآخرة. وخص هذه الثلاثة بالذكر؛ لأن الاستدلال على وجود الله وقدرته متوقف عليها.
{قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ} أي أن الشاكرين منهم قليل، فما أقل شكرهم لله على ما أنعم به عليهم، والمعنى أنهم لم يشكروا الله على نعمه العظيمة، كما يقال لجحود النعمة: ما أقل شكر فلان! وذلك كقوله تعالى: {وَما أَكْثَرُ النّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف 103/ 12].
2 -
{وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} أي والله الذي خلقكم وبثّكم بالتناسل في الأرض، لعمارتها وتحضرها، ووزعكم في أقطارها مع اختلاف الأجناس والألوان واللغات والصفات، ثم يوم القيامة تجمعون جميعا لميقات يوم معلوم، فلا يترك صغيرا ولا كبيرا إلا أعاده كما بدأه، وله الحكم وحده.
3 -
{وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} أي وهو الذي وهبكم نعمة الحياة، لكن تلك النعمة غير خالدة، وإنما المقصود منها الانتقال إلى دار الثواب، وذلك بالإماتة بعد الإحياء، ثم بالإعادة أحياء مرة أخرى للجزاء.
4 -
{وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ} أي ولله وحده تسخير الليل والنهار، وجعل كل منهما يطلب الآخر، يتعاقبان، لا يفتران ولا يفترقان بنظام دقيق وزمان محدد؛ كما قال تعالى:{لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ، وَلا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس 40/ 36].
ثم حذر الله تعالى من ترك النظر في كل هذا فقال:
{أَفَلا تَعْقِلُونَ} أي أفلا تتفكرون في هذه الأشياء، أفلا تعقلون كنه قدرته وربوبيته ووحدانيته، وأ لا تدلكم عقولكم على العزيز العليم الذي قهر كل