الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى الآتي:
1 -
يسير المهيّؤون للنبوة بتوجيه وإلهام من الله تعالى، فلما انتهي موسى من الوفاء بما عاهد عليه شعيب من رعي غنمه مهرا للزواج بابنته، اتجه عائدا مع زوجته إلى مصر، في ليلة ظلماء شاتية باردة، مشيا من دون راحلة في الإياب كما كان الحال في الذهاب من مصر إلى مدين، وكان قد أتم أكمل الأجلين، عملا بخلق النبوة، وأخذا بالأكمل، كما ثبت في الخبر عن نبينا عليه السلام.
وفي أثناء الطريق الذي أخطأه وفي شدة البرد التي ألمت به وبأهله رأى نارا من بعيد، فطلب من أهله المقام في المكان الذي وقفا فيه، وبادر إلى الإتيان بشعلة نار أو قطعة جمر للتدفئة، وللسؤال من أهل النار عن الطريق.
2 -
دل قوله: {وَسارَ بِأَهْلِهِ} على أن الرجل يذهب بأهله حيث شاء، لما له عليها من فضل القوامة وزيادة الدرجة، إلا أن يلتزم لها أمرا، فالمؤمنون عند شروطهم، وأحق الشروط أن يوفى به شروط الزواج.
3 -
كان ترائي النار استدعاء من رب الكون لمائدة تكليم رب العزة وإيتائه النبوة والرسالة، وهنيئا لموسى عليه السلام بتلك الدعوة التي هي أكرم وأشرف دعوة على الإطلاق، إذ صار بضيافتها كليم الله، ورسول رب العالمين إلى عظيم الطغاة فرعون وحاشيته.
4 -
ناداه ربه بكلام لطيف في بقعة مباركة من شاطئ الوادي المقدس الأيمن: على يمين موسى، طوى من ناحية شجرة، على الجانب الغربي اتجاها، من جبل الطور، وكان مطلع النداء التعريف بالمنادي: إني أنا الله رب العالمين. وهذا نفي لربوبية غيره سبحانه.
فصار بهذا الكلام من أصفياء الله عز وجل، لا من رسله؛ لأنه لا يصير رسولا إلا بعد أمره بالرسالة، وقد أمر بها بعد هذا الكلام وهو:{إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ} أي من المرسلين؛ لقوله تعالى: {إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ} وقوله {إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ} 5 - أيده الله بمعجزتي العصا واليد، فخاف منهما لأول وهلة، ثم هدّأ الله روعه، وسكّن خوفه، وأعاده بعد الهرب إلى ساحة المناجاة مع ربه، وجعل له علاجا للخوف بضم يده إلى صدره، وكان موسى يرتعد خوفا إما من آل فرعون، وإما من الثعبان، فأوحى الله له: إذا هالك أمر يدك وشعاعها، فأدخلها في جيبك وارددها إليه تعد كما كانت.
6 -
قدمنا قول ابن عباس: ليس من أحد يدخله رعب بعد موسى عليه السلام، ثم يدخل يده، فيضعها على صدره إلا ذهب عنه الرعب. وهكذا تكون محن الأنبياء عليهم السلام دائما فرجا ومخرجا للأمة. وبه تبين الهدف من قوله:
{اُسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ} وهو خروج اليد بيضاء، ومن قوله:{وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ} وهو إخفاء الرهب.
وقد تساءل الزمخشري ثم الرازي بقوله: قد جعل الجناح وهو اليد في أحد الموضعين مضموما: {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ} وفي الآخرة مضموما إليه: {وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ} والجواب أن المراد بالجناح المضموم هو اليد اليمنى، وبالمضموم إليه اليد اليسرى، وكل من اليدين جناح
(1)
.
(1)
الكشاف: 473/ 2، تفسير الرازي: 247/ 24 وما بعدها.