الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقسم".
فإن كان مع المفهوم منطوق انعكس الترجيح، لأنه حينئذ تحصل الدلالة بوجهين، كترجيح أصحابنا قوله صلى الله عليه وسلم الشفعة فيما لم يقسم، فإذا صرفت الحدود، فلا شفعة، فهذا يدل بمنطوقه وبمفهومه على أن لا شفعة للجار، على قوله صلى الله عليه وسلم: الجار أحق بشفعة جاره، وقد اشتمل هذا على سببين.
السبب الثالث: أن يكون أحدهما قصد به الحكم ولآخر ليس كذلك
، فإن ما
قصد به الحكم أرجح.
كترجيح أصحابنا حديث جبريل في: أنه صلى به العصر حين صار ظل كل شيء مثله، على الحديث الذي تمسكت به الحنفية: من أن أول الوقت أن يصير ظل كل شيء مثليه، وهو حديث ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما مثلكم ومثل أهل الكتاب قبلكم، مثل رجل استأجر أجيرا، فقال: من يعمل ما بين غدوة إلى نصف
النهار على قيراط، فعملت اليهود، ثم قال: من يعمل فيما بين نصف النهار إلى العصر على قيراط، فعملت النصاري ثم قال: من يعمل فيما بين العصر والمغرب على قيراطين فعملتم أنتم، فغضبت اليهود والنصارى، فقالوا: ما لنا أكثر عملا وأقل عطاء، فقال: هل نقصتكم من حقكم شيئا؟ فقالوا: لا فقال: إنما هو فضلى أوتيه من أشاء.
قالت الحنفية: فدل هذا الحديث على أن ما بين العصر والغرب أقل مما بين الزوال والعصر، ولا يصح ذلك إلا إذا كان أول وقت العصر أن يصير ظل كل شيء مثليه.
فأصحابنا يرون أن هذا الحديث إنما قصد به ضرب المثل، ولم يقصد به شرع الحكم، وأما حديث جبريل فهو مقصود بنفسه في شرع الحكم.
السبب الرابع والخامس: أن يكون أحد المتنين واردًا على سبب، و [والآخر واردًا
على غير سبب]، فإن الوارد على سبب أرجح في السبب، والوارد على غير سبب أرجح في غير السبب.
ومثال الأول: ترجيح ما روي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بشاة ميمونة، فقال: إيما إهاب دبغ فقد طهر، على قوله صلى الله عليه وسلم: لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب، فإن الخبر الأول أرجح في جلد ما يؤكل لحمه، لأنه كالنص فيه إذ هو السبب، وترجيح الحديث الثاني على الأول في أن ما لا يؤكل لحمه لا ينتفع بجلده، وإن دبغ، لأنه قد اختلف في العمل بالعام الوارد على سبب في غير السبب.