الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني: في قياس العكس
اعلم أن قياس العكس هو: إثبات نقيض حكم الأصل في الفرع لافتراقهما في العلة.
ولنصرب له أمثلة ليستبين بها:
المثال الأول: احتجاج أصحابنا على أن [الوضوء لا يجب من كثرة القيء، فإنه لما لم يجب الوضء من قليله لم يجب من] كثرة، عكسه، البول، لما وجب الوضوء من قليله وجب من كثيره.
وذلك: أن أصحابنا يذهبون إلى سقوط الوضوء من كثير القيء، والحنفية يذهبون إلى وجوب الوضوء من كثيره فيقيس أصحابنا كثير القيء على كثير البول في الافتراق في الحكم، ويستدلون على افتراقهما في الحكم بافتراقهما في العلة، فإذا نوزعوا في افتراقهما في العلة، احتجوا عليه بافتراقهما في الحكم عند العلة، إذ قد اتفق الفريقان على سقوط الوضوء من قليل القيء ووجوبه من قليل البول.
وقد يحتج الحنفية على الشافعية بمثل هذا الدليل في أن النوم لا يوجب الوضوء خلافا للشافعية، فإنه عندهم حدث بنفسه على بعض الطرق، ومظنة للحدث على طريقة أخرى.
فتقول الحنفية على الطريقة الأولى: لما لم يجب الوضوء من قليل النوم لم يجب من كثيره، عكسه البول، لما وجب من قليله وجب من كثيره.
المثال الثاني: احتجاج أصحابنا وأصحاب أبي حنيفة على أن الصوم شرط في صحة الاعتكاف، بقولهم: لما وجب الصوم عليه إذا نذر أن
يعتكف صائمًا، وجب عليه الصوم إذا لم ينذر عكسه الصلاة: لما لم تجب عليه إذا نذر، لم تجب عليه إذا لم ينذر، وتقريره كالأول.
المثال الثالث: احتجاج الحنفية على عدم وجوب القصاص على القاتل بالمثقل، بقولهم: لما لم يجب القصاص من صغير المثقل لم يجب من كبرة عكسه المحدد: لما وجب من صغيره وجب من كبيره، وتقريره كما سبق.
ولنقتنع بهذا القدر من البيان في هذا المختصر.