الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمحققون من الأصوليين يرون أن الأمر المطلق لا يقتضي فورًا ولا تراخيًا، لأنه تارة يتقيد بالفور كما إذا قال السيد لعبده:{سافر الان} فإنه يقتضي الفور، وتارة يتقيد بالتراخي كما إذا قال له:{سافر رأس الشهر} فإنه يقتضي التراخي فإذا أمره بأمر مطلق من غير تقييد بفور ولا بتراخ فإنه يكون محتملا لهما، وما كان محتملا لشيئين فلا يكون مقتضيا لواحد منهما بعينه.
المسألة الثالثة: في كون الأمر يقتضي التكرار أو لا يقتضيه
اعلم أن الشارع إذا أمر بفعل، فهل يحصل بالمرة الواحدة امتثال المأمور أو لا يحصل إلا بتكرير الفعل والدوام عليه؟
قد اختلف في ذلك الأصوليون، وبنى ابن خويز منداد من
أصحابنا على هذا الأصل مسألة التيمم، هل يجب لكل صلاة أو يجزيء التيمم الواحد ما لم يحدث؟
فمن قال يجب لكل صلاة يرى أن قوله تعالى: (فتيمموا صعيدًا طيبًا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه)، أمر يدل على التكرار، ويقول: إنما أجزأ الوضوء للصلوات، الكثيرة بدليل منفصل وهو حديث يعلى بن
أمية: «إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم الفتح الصلوات الخمس بوضوء واحد» .
والمحققون يرون أن الأمر لا يقتضي التكرار ولا المرة، بل هو صالح لكل واحد منهما، لأنه يصلح تقييده بكل واحد منهما، ألا ترى أن الشرع أمرنا بالإيمان دائمًا، وأمرنا بالحج مرة واحدة، ولصلاحية الأمر المطلق لكل واحد من القيدين حسن من السامع الاستفهام لما فيه من الإبهام.
ففي الحديث: أن الأقرع بن حابس أو سراقة بن مالك - لا أدري أي الرجلين - سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع، فقال: يا رسول الله أحجنا لعامنا هذا أم للأبد - يعني هل يجزئنا حجنا عن عامنا هذا فقط، فنحتاج إلى تكرير حج في كل سنة أو يجزئنا للأبد - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«للأبد» ، فلولا أن الأمر المطلق يحتمل التكرار