الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرف بإسقاط العوض عنه حتى يكون تعالى ذكر لنبيه صلى الله عليه وسلم ثلاثة أنواع من الإحلالات:
إحلال نكاح بمهر، وهو قوله تعالى:{إنا أحللنا لك أزوجك التي ءاتيت أجورهن} .
وإحلال بملك اليمين، وهو قوله تعالى:{وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك} .
وإحلال بلا مهر بل بتمليك مجرد وهو قوله تعالى: {وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي} .
وأيضا فالحرج المقصود نفيه من الاية إنما يكون بإيجاب العوض عليه لا بحجر لفظ عليه يؤدي المعنى المطلوب دونه ألفاظ كثيرة أسهل منه، فهذا السياق كله يدل على أن المراد بالخلوص هو: ملك البضع من غير مهر لا اللفظ.
والقرائن الحالية قريبة من السياقية وهي لا تنضبط.
القرينة الخارجية
وهي موافقة أحد المعنيين لدليل منفصل من نص أو قياس أو عمل.
ومثال الأول: ما إذا قال أصحابنا: المراد بالقروء الأطهار،
والدليل عليه قوله تعالى: {يأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن} فأمر بطلاقهن طلاقا يستعقب عهدتهن ولا تتراخي العدة عنه، ولذلك قرأ ابن مسعود، لقبل عدتهن، وليس ذلك إلا في الطهر لا في الحيض، فإن الطلاق في الحيض حرام.
والحنفية يرجحون احتمالهم بقرينة خارجية أيضا، فيقولون: قال الله تعالى: {واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن} فجعل الأشهر بدلا عن الحيض لا عن الأطهار، فدل
أن الحيض أصل في العدة، ألا ترى أنه تعالى قال في التيمم:{فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا} فعلمنا أن الماء هو الأصل، وأن الصعيد بدل عنه.
وأما الثاني وهو موافقة القياس فمثاله: قول أصحابنا وأصحاب الشافعي: إن العدة لما كانت مأمورا بها كانت عبادة من العبادات، والشأن في العبادة أن الحيض ينافيها، ولا تتأدى فيه، فضلا عن ان تتأدى به، ألا ترى أن الصلاة والصيام والطواف لا تصح مع الحيض بخلاف الطهر، فالقياس يقتضي في العدة أنها تتأدي بالطهر لا بالحيض، وإذا كان كذلك وجب حمل القروء في الاية على الأطهار، لا على الحيض.
والحنفية يرجحون احتمالهم أيضا بقياس آخر، وهو أن القصد من العدة استبراء الرحم، والعلامة الدالة على براءة الرحم في العادة إنما هي الحيض لا الطهر، فإن الطهر تشترك فيه الحامل والحائل، والحيض إنما هو في الغالب مختص بالحائل، ولذلك كان الاستبراء بالحيض لا بالطهر، وإذا كان كذلك وجب حمل القروء في الاية على الحيض لا
على الأطهار.
وأما ماوفقته لعمل الصحابة، فمثاله: احتجاج العلماء على وجوب غسل الرجلين بقوله تعالى: {وأرجلكم} بالنصب فيكون معطوفا على قوله: {وجوهكم وأيديكم} .
فيقول المعترض: يحتمل أن يكون معطوفا على الوجه واليدين كما ذكرتم ويحتمل أن يكون معطوفا على الرأس من قولهم: ما زيد بجبان ولا بخيلا، وقول الشاعر:
معاوي إننا بشر فأسجح
…
فلسنا بالجبال ولا الحديدا
ومع هذا الاحتمال فلا استدلال.
والجواب عند العلماء: أنه لم ينقل عن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم إلا الغسل لا المسح، فكان ذلك دليلا على ان المراد بقوله تعالى:{وأرجلكم} الغسل، ويكون معطوفا على قوله: وجوهكم وأيديكم.