الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطرف الأول: في الدلالة على الحكم
.
اعلم أن اللفظ الدال على الحكم بمنطوقه قد يكون أمرا وقد يكون نهيا وقد يكون تخيرا.
القول في الامر:
والكلام فيه ينحصر في مقدمة وعشر مسائل.
أما المقدمة: فهي في حد الأمر، وفي صيغته الدالة عليه بالوضع.
أما حده: فهو القول الدال على طلب الفعل على جهة الاستعلاء.
وأما صيغته: فهي صيغة افعل، هي مستعملة في اللغة في خمسة عشر موضعًا.
-
أحدها: الأمر، كقوله تعالى:{وأقيموا الصلاة} .
- الثاني: الإذن، كقوله تعالى:{وإذا حللتم فاصطادوا} .
- الثالث: الإرشاد، كقوله تعالى:{وأشهدوا إذا تبايعتم} ، فإن ذلك إرشاد لمصالح الدنيا.
- الرابع: التأديب، كقوله عليه الصلاة والسلام، كل مما يليك، ويفارق الإرشاد بأنه لحق الغير.
- الخامس: التهديد، كقوله تعالى:{اعملوا ما شئتم} .
- السادس: التسوية كقوله تعالى: {فاصبروا أو لا تصبروا} .
- السابع: الإهانة، كقوله تعالى:{ذق إنك أنت العزيز الكريم} .
-
الثامن: الاحتقار، كقوله تعالى:{فاقض ما أنت قاض}
- التاسع: الامتنان، كقوله تعالى:{كلوا من طيبات ما رزقناكم} .
- العاشر: الإكرام، كقوله تعالى:{ادخلواها بسلام آمنين.} .
- الحادي عشر: التعجيز، كقوله تعالى:{فأتوا بسورة من مثله} .
- الثاني عشر: الدعاء، كقوله تعالى:{فاغفر لنا} .
- الثالث عشر: الدعاء، كقوله تعالى:{فاغفر لنا} .
- الثالث: عشر: التكوين، كقوله تعالى:{كونوا قردة خاسئين} .
- الرابع عشر: التمني، كقول امريء القيس: ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي.
الخامس عشر: زاد بعضهم الإنذار كقوله تعالى: {فأذنوا بحرب من الله ورسوله} ورده بعضهم إلى التهديد، وهو مجاز في هذه المعاني، وحقيقة في الأمر بالاتفاق.
وقد اختلفوا في تقديم التحريم على الصيغة، هل هو قرينة تصرف الصيغة عن معنى الامر إلى معنى الإذن، في الفعل من دون أمر به، أو ليس بقرينة؟
وذلك أنه وردت كثيرًا هذه الصيغة بعد التحريم لمجرد الإذن، كقوله تعالى:{وإذا حللتم فاصطادوا} بعد قوله تعالى: {غير محلي الصيد وأنتم حرم} ، وكقوله تعالى:{فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض} بعد
قوله: {فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع} ، وكقوله تعالى:{فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله} ، بعد قوله:{ولا تقربوهن حتى يطهرن} وكقوله صلى الله عليه وسلم: كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي فادخروا، وكنت نهيتكم عن الانتباذ فانتبذوا، وكنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها.
فهذه الصيغ ليس المراد بها إلا الإذن في الفعل.
وقد ترد أيضا هذه الصيغ بعد التحريم والمراد بها حقيقتها وهو الأمر كقوله تعالى: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} بعد قوله: {إلا الذين عاهدتم} وكقوله تعالى: (يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين)، بعد نزول قوله تعالى:{ودع أذاهم وتوكل على الله} ، وفي معناه قوله تعالى:{ولا تحلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدي محله} ، والحلاق بعد بلوغ الهدي محله مأمور به، فهذا خروج من تحريم إلى أمر.
وقد اختلف في ذلك كما قدمنا، فمنهم من قال بأن تقديم التحريم قرينة تصرف الصيغة عن معنى الأمر إلى معنى الإذن في الفعل، وهم الأكثرون، ومنهم من قال بأن الصيغة تبقي على حقيقتها في الدلالة على معنى الأمر، وهم الأقلون.
ومذهب الأكثرين أرجح، لأنها غالبة في الإذن في الفعل، ونادرة