الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني في الآحاد
اعلم أن الأخبار الآحادية يتعلق الاعتراض على سندها بجعتين:
جهة إجمالية.
جهة تفصيلية.
القول في الجهة الإجمالية:
اعلم أن الأصوليين قد اختلفوا في قبول أخبار الآحاد جملة، فإذا استدل المستدل على حكم من الأحكام بخبر الآحاد، فإن للمعترض أن يمنع قبول أخبار الآحاد.
والجواب عن ذلك: ما ثبت في أصول الفقه.
ومن ذلك: ما يعترض به في رد خبر معين، كما إذا احتج أصحابنا على اشتراط الولي في النكاح بقوله صلى الله عليه وسلم:«لا نكاح إلا بولي» ، وعلى أن من مس ذكره انتقض وضوءه بقوله صلى الله عليه وسلم: «من مس ذكره
فليتوضأ»، وعلى أن النبيذ حرام، بقوله صلى الله عليه وسلم" «كل مسكر حرام» .
فيقول الحنفي - وهو المخالف في هذه المسائل الثلاث -: هذه
الأحاديث لا تصح، فإن ابن معين قد قال:«ثلاثة لا يصح فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء: «لا نكاح إلا بولي» ، و «من مس ذكره فليتوضأ» ، و «كل مسكر حرام» .
والجواب عندنا: أن مثل هذا لا يرد به الأحاديث إذا أتى على
شروطه، لأن سبب الرد لم يبينه ابن معين، ولعل له فيه مذهبًا لا يساعد عليه.
ومن ذلك، اعتراض أصحاب أبي حنيفة بعدم التواتر فيما تعم به البلوى، فإن مذهبهم أن التواتر شرط فيما تعم به البلوى.
كما إذا احتج أصحابنا وأصحاب الشافعي على وجوب الوضوء من مس الذكر بحديث بسرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من مس ذكره
فليتوضأ».
فيقول أصحاب أبي حنيفة: هذا خبر واحد فيما تعم به البلوى، وما تعم الحاجة إليه ينبغي أن يكثر ناقلوه ويتواتر، لعموم الحاجة إليه، فإذا لم يتواتر فهو باطل.
وكذلك إذا احتج أصحاب الشافعي وابن حبيب من أصحابنا على
أن المتبايعين لهما الخيار في إمضاء البيع وفسخه ما داما في المجلس بقوله صلى الله عليه وسلم: «المتبايعان بالخيار ما لم يفترقا إلا بيع الخيار» .
فيقول أصحاب أبي حنيفة: هذا خبر واحد فيما تعم به البلوى، فلا يقبل.
والجواب عندنا وعند أصحاب الشافعي: أن خبر الواحد عندنا مقبول مطلقا كما تقرر في أصول الفقه، وإنما لم نقل نحن بالخيار لأن العمل عندنا مقدم.
ومن ذلك أن يطعن أحد من السلف في الخبر بأمر لا يتعلق بالرواية وإنما هو نظر عقلي قياسي.
كما إذا احتج الجمهور على مشروعية غسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء بقوله صلى الله عليه وسلم: إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا.
فيقول المخالف: (هذا الحديث قد أنكره ابن عباس،
ولذلك لما بلغه وسمعه قال: (أرأيت لو كان توضأ في مهراس).
وكذلك احتجاج أصحابنا وأصحاب الشافعي بحديث سهل بن أبي حثمة في قصة حويصة ومحيصة، وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم
حين أنكرت يهود: تحلفون خمسين يمينا وتستحقون دم صاحبكم أو قاتلكم، الحديث، فبدأ فيه بأيمان المدعين قبل أيمان المدعي عليهم، فيقول أصحاب أبي حنيفة، وهذا الحديث قد أنكره عمرو بن شعيب،