الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يكن المكلف حينئذ آتيا بكل ما أمر به، والفرض أنه آت بكل ما أمر به، وإن كان الأمر غير متناول للزيادة، على ما أتى به المكلف، انقطع الأمر والتكليف حينئذ فصح أن الأمر بالشيء يقتضي الإجزاء.
المسألة الثامنة: في أن الأمر المؤقت بوقت، هل يقتضي قضاء الفعل المأمور به بعد فواته على ذلك الوقت أو لا يقتضيه
؟
اعلم أن العبادة المؤقتة بوقت، إذا لم يفعلها المكلف حتى خرج وقتها، هل يجب عليه قضاؤها بالأمر الأول أو لا يجب عليه قضاؤها بذلك الأمر الأول، بل إن ورد أمر ثان بالقضاء وجب القضاء وإلا لم يجب؟ في لك قولان للأصوليين.
والجمهور منهم يرون أن القضاء لا يجب بالأمر الأول، بل إنما يجب بأمر جديد، ويحتجون على ذلك: بأمر الأمر لا يتناول غير الوقت المقدر ألا ترى أن السيد إذا قال لعبده، اجلس في الدار يوم الخميس، فإن قوله ذلك لا يتناول يوم الجمعة، ولذلك يصح أن يقول له: اجلس يوم الخميس ولا تجلس يوم الجمعة، فلو كان الأمر الأول متناولا ليوم الجمعة لكان هذا الكلام متناقضا.
وعلى هذا الأصل اختلف الفقهاء عندنا في المذهب فيمن وجب عليه صوم يوم بعينه، لأجل أنه نذره فلم يصمه، أو أفسده، هل يجب عليه قضاؤه أو لا يجب عليه قضاؤه؟
فمن يرى: أن القضاء بأمر جديد يرى أنه لا يجب عليه قضاؤه، إذ ليس عندنا أمر جديد في هذه المسألة يوجب القضاء، وإنما وجب القضاء في رمضان لوجود أمر جديد، وهو قوله تعالى:{فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر} .
ومن يرى: أن القضاء بالأمر الأول، فإنه يوجب عليه القضاء لوجود الأمر الأول.
وكذلك اختلفوا في تارك الصلاة متعمدًا، هل يجب عليه القضاء.
فجمهور المالكية أنه يجب عليه القضاء بناء على أن القضاء بالأمر الأول، وهذا كان مأمورًا بالصلاة في الوقت، وابن حبيب من
أصحابنا يرى أنه لا قضاء عليه، لأن الأمر الأول لا يوجب القضاء، وليس عندنا أمر جديد إلا في النوم والنسيان لقوله صلى الله عليه وسلم: من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها. فلولا أنه صلى الله عليه وسلم أوجب القضاء على النائم والناسي لما وجب.