الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((فلابد من هذه الثلاثة: العلم، والرفق، والصبر. العلم قبل الأمر والنهي، والرفق معه، والصبر بعده، وإن كان كل من الثلاثة لابد أن يكون مستصحباً في هذه الأحوال)) (1).
وقال ابن القيم رحمه الله: ((فإنكار المنكر أربع درجات:
الأولى: أن يزول ويخلفه ضدّه.
الثانية: أن يقلّ وإن لم يزل بجملته.
الثالثة: أن يخلفه ما هو مثله.
الرابعة: أن يخلفه ما هو شرّ منه.
فالدرجتان الأُولَيان مشروعتان، والثالثة موضع اجتهاد، والرابعة محرَّمة)) (2).
فإذا طبّق الداعية ما تقدم من الصفات والأخلاق والقواعد
والضوابط كان من أعظم الناس حكمة - بإذن الله تعالى-.
الركن الثالث: المدعو:
ينبغي للداعية أن يعلم أن الدعوة إلى الإسلام عامة لجميع البشر، بل للجن والإنس جميعاً، في كل زمانٍ ومكانٍ إلى قيام الساعة، وليست خاصة بجنسٍ دون جنسٍ، أو طبقةٍ دون طبقةٍ، أو فئةٍ دون فئةٍ، أو زمانٍ دون زمانٍ، أو مكانٍ دون مكان. ومن حقّ المدعو أن يُؤتى ويُدعى، ولا يجلس الداعي في بيته وينتظر مجيء الناس إليه، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي
(1) الحسبة في الإسلام، ص84.
(2)
إعلام الموقعين عن رب العالمين، لابن القيم رحمه الله تعالى، 3/ 16.
الناس ويدعوهم، ويخرج إلى القبائل في المواسم، ويذهب إلى مقابلة وملاقاة الوفود ومن يقدم.
ولا يجوز للداعية أن يستصغر شأن أي إنسان أو أن يستهين به؛ لأن من حق كل إنسان أن يُدعى.
وإذا كان من حق المدعو أن يُؤتى ويُدعى ولا يستهان به، ولا يستصغر من شأنه فعليه أن يستجيب.
وينبغي للداعية أن يعلم أن المدعوين أصناف وأقسام:
فمنهم الملحد، ومنهم المشرك الوثني، ومنهم اليهودي، ومنهم النصراني، ومنهم المنافق، ومنهم المسلم الذي يحتاج إلى التربية والتعليم، ومنهم المسلم العاصي، ثم هم أيضاً يختلفون في قدراتهم العقلية، والعلمية، والصحية، ومراكزهم الاجتماعية، فهذا مثقَّفٌ، وهذا أمّيٌ، وهذا رئيسٌ، وهذا مرؤوسٌ، وهذا غنيٌّ، وهذا فقيرٌ، وهذا صحيح،
وهذا مريض، وهذا عربي، وهذا أعجمي
…
فينبغي للداعية أن يكون كالطبيب الحاذق الحكيم الذي يشخِّص المرض، ويعرف الداء ويحدّده، ثم يُعطي الدواء المناسب على حسب حال المريض ومرضه، مراعياً في ذلك قوة المريض وضعفه، وتحمّله للعلاج، وقد يحتاج المريض إلى عملية جراحية فيشقّ بطنه، أو يقطع شيئاً من أعضائه من أجل استئصال المرض طلباً لصحة المريض (1).
(1) انظر: أصول الدعوة للدكتور عبد الكريم زيدان، ص365 - 394.