الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كله إلا من أجل إعلاء كلمة الله، والصدع بالحق، والثبات عليه، والدعوة إلى التوحيد الخالص، ونبذ عادات الجاهلية وخرافاتها ووثنيتها.
الصورة السابعة: مع زوجة أبي لهب:
لقي النبي صلى الله عليه وسلم أشدّ الأذى، ووصل الأمر إلى تغيير اسمه صلى الله عليه وسلم احتقاراً له ولدينه، وحسداً وبُغضاً له، فقد كان المشركون من قريش من شدة كراهتهم للنبي صلى الله عليه وسلم لا يُسمّونه باسمه الدال على المدح فيعدلون إلى ضده، فيقولون: مُذمَّم، وإذا ذكروه بسوء قالوا: فعل الله بمذمم، ومذمم ليس هو اسمه ولا يعرف به، فكان الذي يقع منهم في ذلك مصروفاً إلى غيره بحمد الله تعالى (1).
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا تعجبون كيف يصرف الله عني شتم قريش، ولعنهم؟! يشتمون مذمماً، ويلعنون مُذمماً، وأنا محمد)) (2).
والنبي صلى الله عليه وسلم له خمسة أسماء ليس منها مُذَمَم (3).
جاءت أم جميل زوجة أبي لهب - حين سمعت ما أنزل الله فيها وفي زوجها من القرآن - إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد عند الكعبة، ومعه أبو بكر الصديق، وفي يدها ملء الكف من حجارة، فلما وقفت عليهما أخذ الله ببصرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ترى إلا أبا بكر،
فقالت: يا أبا بكر! أين صاحبك؟ قد بلغني أنه يهجوني، والله لو وجدته
(1) انظر: فتح الباري، 6/ 558.
(2)
البخاري مع الفتح، كتاب المناقب، باب ما جاء في أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم، 6/ 554، برقم 3533.
(3)
انظر: البخاري مع الفتح، كتاب المناقب، باب ما جاء في أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم 6/ 554،برقم 3532.
لضربت بهذا الفهر فاه، أما والله إني لشاعرة، ثم قالت:
مُذَمماً عصينا
…
... وأمره أبينا
…
...
…
ودينه قلينا (1)
استمر المشركون في إلحاق الأذى برسول الله صلى الله عليه وسلم وبأصحابه الذين أسلموا وبعد أن زاد عدد المسلمين وكثر ازداد حنق المشركين على المسلمين، وبسطوا إليهم أيديهم وألسنتهم بالسوء، ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، ورأى أنه في حماية الله ثم عمه أبي طالب، وهو لا يستطيع أن يمنع المسلمين مما هم فيه من العذاب - فقد مات منهم من مات، وعُذّب من عُذّب حتى عمي وهو تحت العذاب - فأذن رسول الله لأصحابه بالهجرة إلى الحبشة، فكان أهل هذه الهجرة الأولى اثني عشر رجلاً، وأربع نسوة، ورئيسهم عثمان بن عفان رضي الله عنه، ذهبوا فوفَّق الله لهم ساعة وصولهم إلى الساحل سفينتين، فحملوهم فيها إلى أرض الحبشة، وكان ذلك في رجب، في السنة الخامسة من البعثة، وخرجت قريش في آثارهم حتى جاءوا البحر فلم يدركوا منهم أحداً، ثم بلغ هؤلاء المهاجرين أن قريشاً قد كفّوا عن النبي صلى الله عليه وسلم فرجعوا إلى مكة من الحبشة، وقبل وصولهم مكة بساعة من نهار بلغهم أن الخبر كذب، وأن قريشاً أشد ما كانوا عداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل من دخل مكة بجوار، وكان من الداخلين ابن مسعود رضي الله عنه، ووجد أن ما بلغهم من إسلام أهل مكة كان باطلاً، فلم يدخل منهم أحد إلا بجوار - كابن مسعود -أو مستخفياً، ثم اشتد البلاء من قريش على من دخل مكة
من المهاجرين وغيرهم، ولقوا منهم أذىً شديداً، فأذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في
(1) انظر: سيرة ابن هشام،1/ 378،ومعنى قولها: قلينا: أي أبغضنا. انظر: تفسير ابن كثير، 4/ 523.