الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما
الخُلق
فهو: حال في النفس راسخة تصدر عنها الأفعال من خير أو شر من غير حاجة إلى فكر وروِيَّة، وجمعه: أخلاق.
والأخلاق عِلْمٌ موضوعه أحكام قَيِّمة تتعلق بالأعمال التي توصف بالحسن أو القبح (1)، وهذه الحال تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول:
ما يكون طبيعياً من أصل المزاج، كالإنسان الذي يحركه أدنى شيء نحو الغضب، ويهيج لأدنى سبب، وكالذي يجبن من أيسر شيء، كمن يفزع من أدنى صوت يطرق سمعه.
القسم الثاني:
ما يكون مستفاداً بالعادة والتدريب، وربما كان مبدؤه بالرويّة والفكر، ثم يستمر عليه حتى يصير مَلَكَة وخُلقاً (2).
والسلوك عمل إرادي، كقول: الصدق، والكذب، والبخل، والكرم، ونحو ذلك.
فاتضح أن الخلق حالة راسخة في النفس وليس شيئاً خارجاً مظهريّاً، فالأخلاق شيء يتصل بباطن الإنسان، ولابد لنا من مظهر يدلّنا على هذه الصفة النفسية، وهذا المظهر هو السلوك، فالسلوك هو المظهر الخارجي للخلق، فنحن نستدل من السلوك المستمر لشخص ما على خلقه، فالسلوك دليل الخلق، ورمز له، وعنوانه، فإذا كان السلوك حسناً
دل على خلق حسن، وإن كان سيئاً دل على خلق قبيح، كما أن الشجرة
(1) المعجم الوسيط، مادة (خلق)، 1/ 252.
(2)
انظر: مقدمة في علم الأخلاق، د/محمود حمدي زقزوق، ص39.
تعرف بالثمر، فكذلك الخُلق الطيّب يعرف بالأعمال الطيبة (1).
والحكمة تتفرّع إلى فروع، وأحد هذه الفروع هو السلوك الحكيم، والتزام فضائل الأخلاق، واجتناب رذائلها ظاهراً وباطناً هو السلوك الأخلاقي الحكيم (2).
والداعية إذا التزم السلوك الأخلاقي الحكيم كان ذلك من أعظم طرق اكتساب الحكمة، ومن أسباب توفيق الله له في دعوته، وفي أموره كلها، واستقامته، وحسن سيرته، وأدعى لقبول دعوته، وإصلاح الأخلاق، ومحاربة المنكرات، إذ لا يجد في الناس من يغمزه في سلوكه الشخصي، سواء كان ذلك من قبل قيامه بالدعوة أو بعده، وكثيراً ما سمعنا أن أناساً قاموا بدعوة الإصلاح، وخاصة إصلاح الأخلاق، وكان من أكبر العوامل في إعراض الناس عنهم، وعن دعوتهم ما يذكرونه لهم من ماضٍ ملوّث، وخلق غير مستقيم، بل إن هذا الماضي السيئ مدعاة للشك في صدق مثل هؤلاء الدعاة، بحيث يُتَّهمون بالتستر وراء دعوة الإصلاح؛ لأغراض خاصة، أو يتهمون بأنهم ما بدءوا بالدعوة إلى الإصلاح إلا بعد أن قضوا بعض أوقات أو مراحل أعمارهم، وأخذوا نصيبهم من ملذّات الحياة وشهواتها، وأصبحوا في وضع أو عمر لا أمل لهم فيه بالاستمرار فيما كانوا يبلغون فيه من عَرَضٍ
أو مالٍ، أو شهرة، أو جاهٍ.
(1) انظر: مقدمة في علم الأخلاق، ص43.
(2)
انظر: الأخلاق الإسلامية وأسسها للميداني، 1/ 13.