الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: أهمية الإخلاص
لقد خلق الله الخلق: الجن والإنس لعبادته وحده لا شريك له، وأمر جميع المكلفين بالإخلاص، قال الله تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (1).
وقال الله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ الله مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ أَلا لله الدِّينُ الْخَالِصُ} (2).
وقال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لله رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (3).
وقال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا} (4).
قال الفضيل بن عياض: هو أخلصه وأصوبه. قالوا: يا أبا يعلى: ما أخلصه وأصوبه؟ فقال: ((إن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يُقبل، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاًَ لم يُقبل، حتى يكون خالصاً صواباً، والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنة (5). ثم قرأ قوله تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ
(1) سورة البينة، الآية:5.
(2)
سورة الزمر، الآيتان: 2 - 3.
(3)
سورة الأنعام، الآيتان: 162 - 163.
(4)
سورة الملك، الآية:2.
(5)
مدارج السالكين، 2/ 89.
بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} (1).
وقال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ} (2)، فإسلام الوجه: إخلاص القصد والعمل لله، والإحسان فيه: متابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته)) (3).
وقد ثبت في الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث لا يغلُّ عليهن قلب مسلم: إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم جماعة المسلمين، فإن دعوتهم تحيط من وراءهم)) (4).
والإخلاص هو روح عمل الداعية، وأهم صفاته، فبدونه يكون جهد الداعية وعمله هباءً منثوراً.
والإخلاص من أهم أعمال القلوب باتفاق أئمة الإسلام، ولاشك أن أعمال القلوب هي الأصل: لمحبة الله ورسوله، والتوكل عليه، والإخلاص له، والخوف منه، والرجاء له، وأعمال الجوارح تبع؛ فإن النية بمنزلة الروح، والعمل بمنزلة الجسد للأعضاء الذي إذا فارق الروح مات، فمعرفة أحكام القلوب أهمّ من معرفة أحكام الجوارح.
فيجب على الداعية أن يكون مخلصاً لله عز وجل لا يريد رياءً ولا سمعة،
(1) سورة الكهف، الآية:110.
(2)
سورة النساء، الآية:125.
(3)
مدارج السالكين، 2/ 90.
(4)
أخرجه الترمذي، كتاب العلم، باب الحث على تبليغ السماع، برقم 2658، وابن ماجه، المقدمة، باب من بلغ علماً، برقم 230، وأحمد، 5/ 183، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح، 1/ 78.
ولا ثناء الناس ولا مدحهم وحمدهم، إنما يدعو إلى الله يريد
وجه الله - تعالى - كما قال سبحانه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى الله} (1)، وقال سبحانه:{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِّمَّن دَعَا إِلَى الله} (2).
والإخلاص أعظم الصفات التي تجب على الدعاة فيريدوا بدعوتهم وجه الله والدار الآخرة، ويريدوا إصلاح الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور (3).
(1) سورة يوسف، الآية:108.
(2)
سورة فصلت، الآية:33.
(3)
انظر: مجموع فتاوى سماحة الشيخ ابن باز، 1/ 349، و4/ 229.