الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الأول: العدل بين العبد وربه
، وهو: إيثار حق الله على حظّ نفسه، وتقديم رضاه على هواه، والامتثال للأوامر، والاجتناب للزواجر.
النوع الثاني: العدل بين العبد وبين نفسه:
منعها عما فيه من هلاكها ودمارها، وإلزامها بتقوى الله في السر والعلن.
النوع الثالث: العدل بين العبد وبين الخلق:
ببذل النصيحة، وترك الخيانة فيما قلّ وكثر، والإنصاف من النفس بكل وجه، ولا يكون من الداعية إلى أحد مساءة بقول أو فعل، والصبر على ما يحصل منهم من البلوى، ويعامل الخلق بالعدل التام، فيؤدي كل ما عليه (1).
و
الإحسان:
مصدر أحسن يحسن إحساناً، وهو على معنيين (2):
المعنى الأول: متعدٍّ بنفسه
، كقولك: أحسنت كذا، أي: حسَّنته وكمَّلته، وهو منقول بالهمزة، من: حسن الشيء، وهذا المعنى يدلّ عليه حديث جبريل:((الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)) (3).
وهذا المعنى راجع إلى إحسان العبادة وتكميلها وتحسينها، والقيام بها كما يحبّ الله - تعالى - على الوجه الأكمل، ومراقبة الله فيها واستحضار عظمته وجلاله: حالة الشروع فيها، وحالة الاستمرار.
و
المعنى الثاني: متعدٍّ بحرف جر
، كقولك: أحسنت إلى فلان، أي:
(1) انظر: أحكام القرآن لابن العربي، 3/ 1172، وأحكام القرآن للقرطبي، 10/ 166، وفي ظلال القرآن، 4/ 2190.
(2)
انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، 10/ 167، وتفسير السعدي، 4/ 232.
(3)
مسلم، في كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، برقم 9.
أوصلت إليه ما ينتفع به، وهذا إيصال المنافع بأنواعها إلى الخلق، ويدخل في ذلك حتى الإحسان إلى الحيوانات (1).
ومن قواعد السلوك الحكيم التي تشتمل على عدة من أمّهات الحكم العالية (2) قوله تعالى: {لَاّ تَجْعَل مَعَ الله إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولاً * وَقَضَى رَبُّكَ أَلَاّ تَعْبُدُواْ إِلَاّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}
…
الآيات، إلى قوله تعالى:{ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ} (3).
فبيّن الله عز وجل في هذه الوصايا الحكيمة قواعد السلوك الحكيم، وبدأه بقاعدة التوحيد؛ ليقيم على هذه القاعدة البناء الاجتماعي كله، وآداب العمل والسلوك فيه، كما تربط بهذه العروة الوثقى جميع الروابط؛ فإن جميع ما في الحياة لا يقوم بناؤه إلا بالتوحيد، وكل سلوك لا يقوم ولا يستند إلى توحيد الله لا تقوم له قائمة، ولا يطلق عليه سلوكاً حكيماً، بل سلوكاً جاهليًّا (4).
وهذه الوصايا في سورة الإسراء من أعظم ما تكتسب به الحكمة، قال الإمام الشوكاني:((وترتقي إلى خمسة وعشرين تكليفاً)) (5).
فاشتملت هذه الوصايا على خمس وعشرين حكمة، الأخذ بها خير
(1) انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، 10/ 167.
(2)
انظر: تفسير السعدي،4/ 279،وتفسير النسفي،4/ 130،والرياض الناضرة للسعدي، ص87.
(3)
سورة الإسراء، الآيات: 22 - 39.
(4)
انظر: في ظلال القرآن، 4/ 2209، 2220.
(5)
انظر: فتح القدير للشوكاني، 3/ 229.