الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: أهمية الصبر في الدعوة إلى الله تعالى
الصبر في الدعوة إلى الله تعالى من أهم المهمات، ومن أعظم الواجبات على الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى، والصبر وإن كان واجباً بأنواعه على كل مسلم، فإنه على الدعاة إلى الله من باب أولى وأولى؛ ولهذا أمر الله به إمام الدعاة وقدوتهم رسول الله عليه الصلاة والسلام:{وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَاّ بِالله وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ الله مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} (1)، وقال تعالى:{فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ} (2)، وقال تعالى:{وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ الله وَلَقدْ جَاءَكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ} (3)، فهذا سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم قد أمره الله بالصبر، وأتباعه من باب أولى.
والله عز وجل قد أوضح للناس أنه لابد من الابتلاء، والاختبار، والامتحان لعباده، وخاصة الدعاة إلى الله تعالى؛ ليظهر الصادق من الكاذب، والمؤمن من المنافق، والصابر من غيره، وهذه سنة الله في خلقه، قال سبحانه:{الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ الله الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} (4)، وقال عز وجل: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ
(1) سورة النحل، الآيتان: 127، 128.
(2)
سورة الأحقاف، الآية:35.
(3)
سورة الأنعام، الآية:34.
(4)
سورة العنكبوت، الآيات: 1 - 3.
وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} (1).
وقال عليه الصلاة والسلام: ((أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلباً اشتد بلاؤه
…
)) (2).
وقد ذم الله عز وجل من لم يصبر على الأذى من أجل الدعوة إلى الله فقال سبحانه: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِالله فَإِذَا أُوذِيَ فِي الله جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ الله} (3)؛ ولهذا قال سبحانه: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ الله أَلا إِنَّ نَصْرَ الله
قَرِيبٌ} (4)، وقال تعالى:{مَّا كَانَ الله لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} (5).
وتبرز أهمية الصبر في الدعوة إلى الله عز وجل في عدة أمور، منها:
أولاً: إن الابتلاء للدعاة إلى الله لابد منه، فلو سلم أحد من الأذى لسلم رسل الله عليهم الصلاة والسلام وعلى رأسهم إمامهم محمد بن عبد الله عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام فقد أُوذوا فصبروا، وجاهدوا حتى
(1) سورة محمد، الآية:31.
(2)
الترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء في الصبر على البلاء، برقم 2398، وابن ماجه، كتاب الفتن، باب الصبر على البلاء، برقم 4023، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي، 2/ 565، وأحمد في المسند، والحاكم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه بإسناد صحيح، وانظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني، 1/ 65، برقم 143.
(3)
سورة العنكبوت، الآية:10.
(4)
سورة البقرة، الآية:214.
(5)
سورة آل عمران، الآية:179.