الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المشركين ولا يصيبون ذلك الصرم الذي هي فيه، فقالت يوماً لقومها: ما أرى أن هؤلاء القوم يدعونكم عمداً، فهل لكم في الإسلام؟ فأطاعوها، فدخلوا في الإسلام (1).
وقد كان سبب إسلام هذه المرأة أمران:
الأمر الأول: ما رأته من أخذ النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مزادتيها ولم ينقص ذلك من مائها شيئاً، وهذا من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم التي تدل على صدق رسالته.
الأمر الثاني: كرم النبي صلى الله عليه وسلم حينما أمر أصحابه أن يجمعوا لها، فجمعوا لها طعاماً كثيراً.
أما قومها، فقد أسلموا على يديها؛ لأن المسلمين صاروا يراعون قومها بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل الاستئلاف لهم، حتى كان ذلك سبباً لإسلامهم (2).
وهذه الأمثلة التي سُقْتُها ما هي إلا قطرة من بحر من كرم النبي صلى الله عليه وسلم، فما أحوجنا، وما أولى جميع الدعاة إلى الله عز وجل إلى الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم والاقتباس من نوره وهديه في دعوته وفي أموره كلها، والله المستعان.
المطلب الثاني: العدل
العدل له مجالات كثيرة لا تحصر منها: العدل في الولاية، والعدل في
(1) البخاري، كتاب التيمم، باب الصعيد الطيب وضوء المسلم بكفيه من الماء، برقم 344.
(2)
انظر: فتح الباري، 1/ 453.
القضاء، والعدل في تطبيق الحدود، والعدل في المعاملات بين الناس، والعدل في الإصلاح بين الناس، والعدل مع الأعداء، والعدل مع الأولاد، والعدل بين الزوجات
…
وغير ذلك.
ومن الأمثلة العظيمة في تطبيق العدل المثال العظيم الآتي:
قد كان النبي صلى الله عليه وسلم أعدل البشر في جميع أموره وأحكامه، ومما يُضرب به المثل في عدله إلى يوم القيامة قصة المخزومية التي سرقت فقطع يدها بعد أن شفع فيها أسامة، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحابِ في ذلك، ولم يقبل الشفاعة في حدٍّ من حدود الله تعالى.
فعن عائشة رضي الله عنها أن قريشاً أهمّهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح، فقالوا: من يكلّم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد، حِبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأُتِيَ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلّمه فيها أسامة بن زيد، فتلوَّن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:((أتشفع في حدٍّ من حدود الله؟)) فقال له أسامة: استغفر لي يا رسول الله! فلما كان العشي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختطب فأثنى على الله بما هو أهله، فقال:((أما بعد، أيها الناس: إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحدّ، وإني والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)).
ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقطعت يدها.
قالت عائشة: فحسنت توبتها بعد، وتزوجت، وكانت تأتيني فأرفع