الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العبودية تقتضي رضاه بما رضي له به سيده ومولاه، فإن لم يوفِّ قدر المقام حقه فهو لضعفه، فلينزل إلى مقام الصبر عليها، فإن نزل عنه نزل إلى مقام الظلم وتعدي الحق.
سابعاً: أن يعلم أن هذه المصيبة هي دواءٌ نافع
ساقه إليه الطبيب العليم بمصلحته، الرحيم به، فليصبر على تجرعه، ولا يتقيأه بتسخطه وشكواه فيذهب نفعه باطلاً.
ثامناً: أن يعلم أن في عُقبى هذا الدواء
من الشفاء والعافية والصحة وزوال الألم ما لم تحصل بدونه، فإذا طالعت نفسه كراهة هذا الدواء ومرارته فلينظر إلى عاقبته وحسن تأثيره. قال الله تعالى:{وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَالله يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (1)، {فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ الله فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} (2).
تاسعاً: أن يعلم أن المصيبة ما جاءت لتهلكه وتقتله
وإنما جاءت لتمتحن صبره وتبتليه؛ فيتبين حينئذ هل يصلح لاستخدامه وجعله من أوليائه وحزبه أم لا؟ وفضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
عاشراً: أن يعلم أن الله يربِّي عبده على السراء والضراء
، والنعمة والبلاء، فيستخرج منه عبوديته في جميع الأحوال؛ فإن العبد على الحقيقة من قام بعبودية الله على اختلاف الأحوال وقال: ((اللهم أعني على ذكرك
(1) سورة البقرة، الآية:216.
(2)
سورة النساء، الآية:19.
وشكرك وحسن عبادتك)) (1).
فهذه الأسباب ونحوها تثمر الصبر على البلاء، فإن قويت أثمرت الرضا والشكر.
نسأل الله أن يسترنا بعافيته، ولا يفضحنا بابتلائه بمنّه وكرمه (2).
(1) أبو داود، كتاب الصلاة، باب الاستغفار، برقم 1522، والنسائي، كتاب السهو، باب نوع آخر من الدعاء، برقم 1302، والبخاري في الأدب المفرد، برقم 690، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 1/ 284، وفي صحيح الأدب المفرد، برقم 533.
(2)
انظر: كتاب طريق الهجرتين، وباب السعادتين لابن القيم، ص448 - 459، وانظر: زاد المعاد، له، 4/ 188 - 196، وعدة الصابرين، له أيضاً، ص76 - 86.