الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة المؤلف
اللهم بك نستعين وبك نعوذ من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا .. اللهم نسألك التوفيق في القول والعمل.
وصل اللهم على نبيّك محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وبعد، فهذا هو الكتاب العاشر من سلسلتنا التاريخية (معارك الإِسلام الفاصلة) نتقدم به إلى القارئ الكريم، آملين أن يكون محل رضاه، موضوعًا وإخراجًا.
إن غزوة تبوك هي أعظم غزوة في تاريخ العهد النبوي بن حيث كون الجيش الذي قام بها بلغ ثلاثين ألفًا وهو عدد لم يسبق في تاريخ العهد النبوي وإن اجتمع مثله تحت قيادة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكما أن هذه الغزوة هي أعظم حملة عسكرية يقوم بها النبي صلى الله عليه وسلم، فإنها آخر عملية عسكرية يقوم بها حتى توفاه الله تعالى.
***
في غزوة تبوك هذه لم يحدث أي اصطدام بين الجيش الإسلامي والجيش الروماني المقصود بهذه الغزوة، لأن هذا الجيش إذا كان -كما يقول المؤرخون- قد حشد عدة وحدات كثيفة على حدود الجزيرة العبربية بغية
اقتحامها بمساندة من العرب المتنصرة الموالين له، فإن هذا الجيش يكون بمجرد علمه بتحركات المسلمين من المدينة قد انسحب من الحدود إلى أواسط الشام خوفًا من الاصطدام بجيش الإِسلام بدليل أن المسلمين عند وصولهم إلى تبوك بثّوا دورياتهم فلم يجدوا أيّ أثر للعسكر والرومان.
لهذا يكون الجيش الإِسلامي - وإن لم يحقق على الرومان في هذه الغزوة - نصرًا عسكريا إلا أنه حقق أعظم انتصار معنوى حيث أرعب جيش أعظم إمبراطورية في العالم يوم ذاك حين هربت من الحدود لقدومه الوحدات التي حشدها هرقل بقصد الإِغارة على جزيرة العرب. وقد كان انتصار النبي صلى الله عليه وسلم المعنوى في تبوك مقدمة لأعظم انتصارات عسكرية حققها خلفاؤه على الرومان بعده حيث انتزعوا منهم الشام كلها وجانبًا من آسيا الصغرى كما هو معلوم.
* * *
كذلك سجل الرسول صلى الله عليه وسلم وهو بتبوك نصرًا عسكريا له أهميته العظمى، وهو أنه بعث خالد بن الوليد وهو بتبوك في أربعمائة فارس إلى دومة الجندل فقضى على أخطر جيب لا يزال معاديا للإسلام داخل الجزيرة وهي مملكة دومة الجندل الكندية العربية النصرانية حيث احتل حصونها وأسر ملكها (أكيدر بن عبد الملك) وقتل أخاه حسان.
بل إن عدة أمراء من المرتبطين بالتاج البيزنطى داخل الشايم قد أفزعهم وجود الجيش النبوي في تبوك فألقوا بأيديهم وجاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعقدوا معه صلحًا قبلوا بموجبه الدخول تحت طاعة المسلمين بدفع الجزية لهم - وهم أهل أذرح وجربا بمعان وأهل إيلات بخليج العقبة - وكل هذه المناطق داخلة في الشام ضمن ممتلكات بيزنطا.
بهذا تكون غزوة تبوك قد حققت أهدافها كاملة وعاد الجيش النبوي إلى
المدينة منتصرًا انتصارًا عظيمًا.
* * *
كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قبل وبعد غزوة تبوك أي في السنة التاسعة هجرية جرد عدة حملات عسكرية إلى الأنحاء النائية في الجزيرة قامت هذه الحملات بتصفية جميع الجيوب الوثنية المتبقية في الجزيرة فقد جرّد قبل غزوة تبوك ثماني حملات حربية قامت بالتصفية النهائية لجميع مظاهر الوثنية في الجزيرة ولم يلتحق الرسول صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى في السنة الحادية عشرة إلّا وقد أصبحت الجزيرة من أقصاها إلى أقصاها يرفرف عليها علم الإِسلام الخفاق. والحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه.
محمد أحمد باشميل
جدة - المملكة العربية المحروسة
1395 هـ - 1975 م