الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- صلى الله عليه وسلم فعلفته أيامًا ثم خرجت، فلما كنت بذى المروة (1)(قرية بوادى القرى) عجز، فتلومت عليه يومًا، فلم أر به حركة، فأخذت متاعى فحملته على ظهرى، ثم خرجت أتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ماشيا في حر شديد، وقد تقطع الناس فلا أرى أحدًا يلحقنا من المسلمين، فطلعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم نصف النهار وقد بلغ منى العطش، فنظر ناظر من الطريق فقال: يا رسول الله، إن هذا الرجل يمشى على الطريق وحده، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كن أبا ذرّ، فلما تأملنى القوم قالوا: يا رسول الله، هذا أبو ذر، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دنوت منه فقال: مرحبًا بأبي ذر، يمشى وحده ويموت وحده، ويبعث وحده، فقال: ما خلفك يا أبا ذر؟ فأخبره خبر بعيره، ثم قال: إن كنت لمن أعز أهلى على تخلفًا، لقد غفر الله لك يا أبا ذر بكل خطوة ذنبا إلى أن بلغتنى، ووضع متاعه عن ظهره ثم استسقى، فأتى بإناء من ماء فشربه (2).
الطريق الذي سلكه الرسول إلى تبوك:
تقع تبوك -التي هي هدف الرسول صلى الله عليه وسلم من التحرك- شمال المدينة، في الركن الشمالي الغربي من جزيرة العرب، فهي على حدود الشام الجنوبية، وتقع اليوم جنوب غربي المملكة الأردنية الهاشمية. وتبعد تبوك عن المدينة حوالي ستمائة ميل أي ما يقارب تسعمائة كيلو مترًا.
فكان من البدهى أن ينطلق الرسول صلى الله عليه وسلم بجيشه من شمال المدينة، فقد عسكر في الجرف الواقع على بعد ثلاثة أميال شمال المدينة غربي أحد، ومن هناك بدأ التحرك بجيشه نحو الشمال.
وكان أول منزل نزله بجيشه -بعد الجرف- ذا خشب (3)، ويظهر أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان في رحلته هذه يسير الليل ويستريح النهار، وقد يكون ذلك
(1) ذو المروة: قرية بوادى القرى الشهرى.
(2)
مغازي الواقدي ج 3 ص 1000.
(3)
ذو خشب (بضم أوله وثانيه) قال ياقوت: واد على مسيرة ليلة من المدينة، والخشب أيضًا من أودية العالية باليمامة، وهو الخشن الغليظ من الجبال، ويقال: هو الذي يرتقى فيه.
راجعًا إلى شدة حرارة الشمس، فقد ذكر المؤرخون أن الرسول صلى الله عليه وسلم في تحركه الأول صبّح ذا خشب، وهي مكان -كما قال ياقوت في معجمه- تبعد مسافة ليلة عن المدينة.
ومنذ نزل الرسول صلى الله عليه وسلم ذا خشب، وهو يجمع بين الظهر والعصر في منزله، يؤخر الظهر حتى يبرد (بضم الياء)، ويعجل العصر، ثم يجمع بينهما، وكان يفعل فعله ذلك حتى رجع من تبوك.
ولم يذكر المؤرخون بالتفصيل والترتيب المنازل التي نزلها فبات أو برد فيها وهو في طريقه إلى تبوك، غير أنه من معرفة أسماء المساجد التي أحصاها المؤرخون والتي صلى فيها الرسول صلى الله عليه وسلم ونسبوها إليه وعددها خمسة عشر مسجدًا يمكن معرفة أسماء المنازل التي استراح أو بات فيها صلى الله عليه وسلم.
فقد ذكر أصحاب السير أن مساجده في سفره إلى تبوك معروفة وهي:
1 -
مسجد صلى فيه تحت الدومة بذى خشب.
2 -
مسجده في الفيفاء (1).
3 -
مسجد في المروة (2).
4 -
مسجد بالسقيا (3).
5 -
مسجد بوادى القرى (4).
6 -
مسجد بالحجر (5).
7 -
مسجد بذنب حوصاء (6).
(1) الفيفاء بفتح أوله: هو مكان في نواحى وادي العقيق والفيفاء اسم لعدة مواضع.
(2)
تقدم أن المروة: قرية بوادى القرى.
(3)
قال ياقوت: السقياء قرية جامعة من عمل الفرع بينهما مما يلي الجحفة تسعة عشر ميلًا، قلت وهذه إنما تقع في الجنوب بين مكة والمدينة، والسقيا المذكورة هنا لا شك أنها شمال المدينة، ولم أو أحدًا من أصحاب المعاجم حددها.
(4)
انظر أوسع التفاصيل عن وادي القرى في كتابنا (غزوة خيبر).
(5)
الحجر (بكسر الحاء) هنا هو -كمال الأصطخرى- مكان في وادي القرى.
(6)
لم أر أحدًا من أصحاب المعاجم حدد مكانه.
8 -
مسجد بذى الجيفة (1).
9 -
مسجد بشق تاراء مما يلي جوبر (2).
10 -
مسجد بذات الخطمى (3).
11 -
مسجد بسمنة (4).
12 -
مسجد بالأخضر (5).
13 -
مسجد بذات الزّراب (6).
14 -
مسجد بالمدران.
15 -
مسجد بتبوك.
وفي أيام التحرك إلى تبوك، صدرت من الرسول صلى الله عليه وسلم تصرفات، وصدرت منه تصريحات صارت تشريعًا، اتخذه فقهاء السنة ودونوه في مؤلفاتهم ليعمل به، من ذلك:
1 -
جواز تأخير صلاة الظهر في أوقات الحر الشديد حتى يبرد الجو، وهذا أمر جائز وقد يكون سنّة، والشافعية (فيما أعتقد) يعتبرون هذا سنة، وذلك أن الرسول كان (كما في غزوة تبوك) يؤخر الظهر حتى يبرد، ويعجل العصر، ثم يجمع بينهما، وكان من سنته الفعلية صلى الله عليه وسلم أنه إذا كان على سفر، يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء، جمع تقديم إذا أدركه الظهر أو المغرب وهو نازل، أما إذا أدركه أحدهما بعد أن يتحرك في سفره فإنه يؤخر الظهر والمغرب ثم يجمع الظهر مع العصر والمغرب مع العشاء جمع تأخير.
2 -
روى أن النبي صلى الله عليه وسلم بينما كان في مسيره مرّ على بعير من العسكر، قد تركه صاحبه من العجف والضعف فمرّ به مارّ، فأقام
(1) قال ياقوت: هو مكان بين المدينة وتبوك ولم يزد على هذا شيئًا.
(2)
لم أر أحدًا من أصحاب المعاجم حدد مكانه.
(3)
ذات الخطمى (بسكر الخاء) قال ياقوت: موضع فيه مسجد لرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يحدد مكانه.
(4)
سمنة (بضم أوله وسكون ثانيه) قال ياقوت: ماء بين المدينة والشام.
(5)
لم يحدد أحد من المختصين مكانه.
(6)
لم يحدد المختصون مكانه.