الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ليسوا بأصحاب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أليس يظهرون شهادة أن لا إله إلا الله؟ قال: بلى، ولا شهادة لهم، قال: أليس يظهرون أنى رسول الله؟ قال: بلى ولا شهادة لهم، قال: قد نهيت عن قتل أولئك (1).
وقال الواقدي: حدثني معمر بن راشد، عن الزهري، قال: نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن راحلته فأوحى إليه وراحلته باركة، فقامت راحلته تجرّ زمامها حتى لقيها حذيفة بن اليمان فأخذ بزمامها فاقتادها حين رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا، فأناخها ثم جلس عندها حتى قام النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه فقال: من هذا؟ قال: أنا حذيفة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فإني مسرّ إليك أمرًا فلا تذكرنه، إني نهيت أن أصلى على فلان، وفلان، وفلان - رهط عِدَّة من المنافقين - ولا يعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد غير حذيفة. فلما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان عمر بن الخطاب في خلافته إذا مات رجل يظن أنه من أولئك الرهط، أخذ بيد حذيفة فقاده إلى الصلاة عليه فإن مشى معه حذيفة صلى معه عمر، وإن انتزع يده وأبى أن يمشي انصرف معه.
وقال: حدثني ابن أبي سبرة، عن سليمان بن سحيم عن نافع بن جبير، قال: لم يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدًا إلا حذيفة وهم اثنا عشر رجلا - يعني أولئك المنافقين - ليس فيهم قرشى وهذا الأمر مجمع عليه عندنا (2).
قصة مسجد الضرار وهدمه:
فئة المنافقين فئة صارت (منذ تكونت في المدينة) بمثابة غدة السرطان في جسم الأمة الإسلامية، أعيت المسلمين بألاعيبها الماكرة، وأتعبت الرسول صلى الله عليه وسلم بتصرفاتها المشينة التي تلتزم السرّية والتكتم في القيام بها، ومصيبة الإِسلام والمسلمين بهذه الفئة أنها محسوبة على المسلمين لأنها (بنطقها بالشهادتين وأدائها الصلوات المفروضة ظاهرًا) تحمل الهوية الإِسلامية. وبالتزام المنافقين (منذ عرفوا) أسلوب السرية والتكتم في
(1) مغازي الواقدي ج 3 ص 1043 - 1044.
(2)
مغازي الواقدي رحمه الله ج 3 ص 45 10.
أعمالهم التخريبية وتظاهرهم بالإخلاص للإِسلام والمسلمين جعل من الصعب تمييزهم من بين الصحابة الطيبين إلا في النادر. ولهذا لم ينزل الرسول صلى الله عليه وسلم أية عقوبة بأيّ واحد منهم. لأنهم في الظاهر مسلمون، ولا يأتون منكرهم إلا سرًّا. وصفهم الأستاذ أحمد نار في كتابه "القتال في الإِسلام" فقال: هؤلاء هم الذين لا يمكن تبين نياتهم بسهولة، إذ أن ظاهرهم يدل على حسن نيتهم وباطنهم يدل عليه بعض أعمالهم (إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون)(1)، ويؤدّون مهمة القاعدين والمخلفين والمرجفين والمعوقين جميعا، وهم ألوان شتى يصعب تمييزهم، إلا أنهم يشتركون في صفات عامة، منها أنهم يتهافتون على إظهار حسن نياتهم وعَواطفهم الطيبة كذبا وخداعا بمناسبة وغير مناسبة، وموافقتهم في المواجهة على كل أمر بغير مناقشة، وهم من وراء ذلك يتلمسون المغامز وينتهزون الفرص فيبيتون ويكيدون، وإذا دعوا إلى الإِنفاق اعتذروا بلباقة، وإن وعدوا سوفوا وإن دعوا إلى الجهاد قالوا: لو نعلم قتالا لاتبعناكم، يعرفون في لحن القول والتواء القصد، ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون، (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون)(2).
وهم الذين يتخذون من دون الله ورسوله والمؤمنين وليجة، ويقولون: - إن أصاب المسلمين بلاء - (وما وعدنا الله ورسوله إلا غرورًا)(3)، ويتخذون ما ينفقون مغرمًا ويتربصون بهم الدوائر، وتراهم يركنون إلى الأعداء ويعملون معهم سرًّا وعلانية ويبتغون عندهم العزة.
ويختلف خطرهم باختلاف نوع النفاق الذي عندهم وعقابهم واحد إلا من كان ضعيفا لا صلة له بالعدو مثل الذين قال الله تعالى في حقهم {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيهِمْ} (4) وآيات التعرف عليهم في القرآن الكريم كثيرة، وعلاجهم بحسب درجتهم من
(1) البقرة: 14.
(2)
البقرة: 11.
(3)
الأحزاب: 12.
(4)
التوبة: 107.