الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنه لا نبي بعدى، فرجع على إلى المدينة، وتجاهل إشاعات وإرجافات المنافقين وبقى في المدينة يرعى شئون أهله وأهل النبي صلى الله عليه وسلم حتى عاد الرسول صلى الله عليه وسلم من تبوك (1).
شأن البكَّائين المؤمنين:
وأثناء حشد وتجهيز الجيش النبوي، حدث أمران متباينان، فقد كانت هناك عناصر من أهل المدينة قادرة (جسديا وماديا) علي المشاركة الحربية في الحملة الضخمة التي تقرر أن يتحرك بها الرسول صلى الله عليه وسلم إلى تبوك لغزو الروم، ولكن هذه العناصر تخلفت ولم تشارك في الغزو منتحلة شتى الأعذار الكاذبة، وهذه العناصر هم المنافقون.
بينما ظهرت في الجانب الآخر عناصر خيرة طيبة مؤمنة، كانت على عكس المنافقين القادرين المتخلفين، هذه العناصر، كانت تتوق وتتحرق شوقًا إلى مشاركة الرسول صلى الله عليه وسلم الغزو، حيث كانت قادرة نفسيًا وجسديًا على المشاركة، ولكنها لفقرها لم تكن قادرة ماديًا، فليس لديها لا من الإعاشة ولا من وسائل النقل ما يمكنها من الاشتراك في الغزو الذي ندب الرسول صلى الله عليه وسلم إليه المسلمين.
فجاءت هذه العناصر (وهم سبعة رجال) إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لعلهم يجدون عنده ما يمكنهم من الاشتراك في الغزو، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق - أبلغهم أنه ليس لديه ما يحقق رغبتهم، فرجعوا يبكون تحسرًا على ما سيفوتهم من شرف الجهاد في سبيل الله.
قال ابن إسحاق: ثم أن رجالًا من المسلمين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم البكَّاءون، وهم سبعة نفر من الأنصار وغيرهم، وهم من
(1) مغازي الواقدي ج 3.
بني عمرو بن عوف: سالم بن عمير (1) وعلبة بن زيد (2) أخو بني حارثة، وأبو ليلى (3)، عبد الرحمن بن كعب أخو بني مازن من بني النجار، وعمرو بن حمام بن الجموح (4) أخو بني سلمة، وعبد الله بن المغفّل المزني (5)، وهرمى بن عبد الله (6) أخو بني واقف وعرباض بن سارية الفزاري (7)،
(1) هو سالم بن عمير بن ثابت بن النعمان بن أمية بن امرؤ القيس بن ثعلبة بن عمر بن عوف الأنصاري العوفي حضر بيعة العقبة وشهد بدرًا وبقية المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا غزوة تبوك هذه لعدم قدرته المادية وهو من البكائين الذين أثنى الله تعالى عليهم في القرآن الكريم. توفى سالم خلافة معاوية.
(2)
هو علبة بن زيد بن صيفى الخزرجى الأنصاري من البكائين الذين تولوا وأعينهم تفيض من الدمع. كما جاء في القرآن. روى عبد المجيد بن أبي عبس بن جبر قال: لما حض رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقة جاء كل منهم بطاقته، فقال علبة بن زيد ليس عندي ما أتصدق به اللهم إني أتصدق بعرضى على من ناله من خلقك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل قد قبل صدقتك.
(3)
هو عبد الرحمن بن كعب أبو ليلى من بني مازن من بني النجار قال ابن الأثير شهد بدرًا وهو من أفاضل الصحابة.
(4)
هو عمرو بن الحمام الأنصاري من بني سلمة وقال جعفر المستغفرى: يقال: إنه استشهد يوم أحد ودفن هو وعبد الله بن عمرو أبو جابر في قبر واحد وسمى قبر الأخوين، وكانا متصافيين. قال أبو موسى: الذي دفن مع عبد الله إنما هو عمرو بن الجموح. قال ابن الأثير في أسد الغابة وهو الصحيح وما عداه ليس بشيء.
(5)
هو عبد الله بن مغفل بن عبد غنم وقيل: عبد نهم، المزني من بني أدبن طابخة ويكنى أبا سعيد، حضر الحديبية وهو من أصحاب الشجرة، كان من سكان بادية مزينة، ومزينة قبيلة باسلة مباركة لها مواقف رائعة مشرفة في الإسلام فهي التي بمساندة النعمان بن مقرن وبقيادة الخليفة الصديق شاركت مشاركة فعالة في حماية المدينة من احتلال المرتدين العرب (طليحة بن خويلد وعيينة بن حصن وقومهُما) .. سكن عبد الله بن مغفل المدينة ثم تحول إلى البصرة، وهو أول من دخل باب مدينة (تستر) في فارس لما فتحها المسلمون. كان من رواة الحديث .. روى عنه الحسن البصري وأبو العالية ومطرف، ويزيد ابنا عبد الله بن الشخير وعقبة بن صهبان وأبو الوازع ومعاوية بن قرة وحميد بن هلال وغيرهم .. توفي سنة تسع وخمسين وقيل سنة ستين هـ بالبصرة أيام إمارة عبيد الله بن زياد.
(6)
هو هرمى بن عبد الله بن رفاعة الأوسى الأنصاري الواقفى. كان من السابقين في الإسلام. شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تبوك.
(7)
هو العرباض بن سارية من بني سليم، روى عنه خلق كثير من التابعين، وهو الذي روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث المشهور: (قال وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب. فقال رجل يا رسول الله: هذه موعظة مودع، فما تعهد إلينا؟ قال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن كان عبدًا حبشيًّا، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، وإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة، فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنتى وسنة الخلفاء المهديين=
فاستحملوا (أي طلبوا ما يحملهم عليه) وكانوا أهل حاجة، فقال: لا أجد ما أحملكم عليه، فتولوا، وأعينهم تفيض من الدمع حزنًا ألا يجدوا ما ينفقون.
وقد عذر الله هؤلاء الرجال الطيبين وأثنى عليهم في قرآن أنزله فقال تعالى: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ} [التوبة: 92]. {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [التوبة: 93].
* * *
= الراشدين، عُضُّوا عليها بالنواجذ، توفي العرباض سنة خمس وسبعين.