الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قدموا القرآن، وكان (أي زيد) أكثر أخذًا للقرآن منك، والقرآن يقدم وإن كان عبدًا مجدّعًا.
ولم يذكر أحد من المؤرخين التفاصيل الوافية عن أمراء الكتائب وحملة الرايات الفرعية من المهاجرين والأنصار وبقية القبائل، كما فعلوا في فتح مكة.
غير أن هؤلاء المؤرخين ذكروا أن الرسول صلى الله عليه وسلم عند تعبئة الجيش- اتبع تقريبًا، في التعبئة نفس الطريقة التي اتبعها عند تعبئة الجيش في قديد وهو في طريقه إلى مكة.
فقد ذكر هؤلاء المؤرخون أن الرسول صلى الله عليه وسلم عند تعبئة الجيش وتنسيق قواته- أمر كل بطن من الأنصار أن يتخذوا لواءا وراية، والقبائل من العرب فيها الرايات والألوية، وأمر الأوس والخزرج أن يحمل راياتهم أكثرهم أخذًا للقرآن، وكان أبو زيد يحمل راية بني عمرو بن عوف، وكان معاذ بن جبل (1) بحمل راية بني سلمة (2).
سلاح الفرسان في الجيش:
كان سلاح الفرسان في ذلك العصر، هو أقوى سلاح يعتمد عليه المحارب وخاصة العرب، لأن الخيل أهم وسيلة لحرب الصاعقة التي لا يجيد العرب البدو مثلها، لأنهم نشأوا عليها، وكانت بلادهم الصحراوية الواسعة أصلح مكان لتربية الخيل والتدرب على متونها لحرب الصاعقة، وكان سلاح الفرسان من حيث أهميته في ذلك العصر، يمكن تشبيهه (في هذا العصر) بسلاح المدرعات، لأن المحاربين دائمًا في ذلك العصر يستخدمون سلاح الفرسان في المقدمة تمامًا كالمدرعات اليوم.
ولأهمية الحملة التي سيقوم بها النبي صلى الله عليه وسلم ولكونه عازمًا على مواجهة قوات إمبراطورية تملك من الإمكانات العسكرية على مختلف المستويات الشيء العظيم، حرص على أن يكون سلاح الفرسان في جيش
(1) انظر ترجمته في كتابنا (غزوة حنين).
(2)
مغازي الواقدي ج 3 ص 1003.
سلاحًا قويًّا، وهذا هو الذي تحقق، فقد كان ثلث الجيش من الفرسان، والبقية من الهجانة (راكبي الإبل)، والإبل لها أهميتها في حرب الصاعقة التي لا يفزع الرومان والفرس شيء مثلها، إلا أن الإبل تأتى -بعد الخيل- في المرتبة الثانية، فهي من حيث القوة والفعالية في القتال تشبه نصف المجنزة بالنسبة للدبابة، إذا استثنينا تفوق الخيل على الجمال في سرعة الحركة والقدرة على قفز الخنادق وتسلق التلال والانحدار منها أثناء القتال، وجيش ثلثه من الفرسان، هو بالنسبة للمسلمين أبناء الصحراء يدل على تطور عظيم في تسلح الجيش النبوي، يجعله -عند التحرك إلى تبوك- في مصاف جيوش فارس والروم.
فإذا ما رجعنا إلى الوراء قليلًا، وجدنا أن المسلمين في أول معركة خاضوها وهي معركة بدر الكبرى في السنة الثانية من الهجرة، ليس معهم سوى فرس واحد أو فرسان، كما أنه لم يكن لديهم من سلاح الفرسان يوم أحد سوى فرس واحد.
وأعظم مجموعة من سلاح الفرسان تتكون في العهد النبوي -قبل تبوك- المجموعة التي كانت في فتح مكة وغزوة حنين، هي ألفان وأربعمائة وثمانون فارسًا، وذلك في السنة الثامنة للهجرة، ولا شك أن التطور في سلاح الفرسان في الجيش النبوي كان سريعًا -ولعل ذلك راجع إلى دخول كثير من أبناء البادية في الإسلام الذين لا يحرصون على شيء مثل حرصهم على اقتناء الخيل- فبعد أقل من سنة تطور سلاح الفرسان في الجيش النبوي (إذن) من ألفين وأربعمائة وثمانين فارسًا إلى عشرة آلاف فارس، حيث كان فتح مكة وغزوة حنين في السنة الثامنة الهجرية وغزوة تبوك في السنة التاسعة.
قال الواقدي في مغازيه ج 3 ص 1002: قالوا: وكان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثين ألفًا، ومن الخيل عشرة آلاف فرس.
وقد استفاد الرسول صلى الله عليه وسلم كثيرًا من سلاح الفرسان في غزوة تبوك، حيث استخدم هذا السلاح السريع الحركة في الحرب التي تتطلب قطع مسافات بعيدة، فعندما كان في تبوك وبعد أن حققت الحملة